طفرة السكن المؤقت بالسعودية تقود نموا من 4 خانات..الإيجار اليومي يزاحم الشهري

طفرة السكن المؤقت بالسعودية تقود نموا من 4 خانات..الإيجار اليومي يزاحم الشهري
طفرة السكن المؤقت بالسعودية تقود نموا من 4 خانات..الإيجار اليومي يزاحم الشهري
بلغ عدد التطبيقات والمنصات الرقمية المرخصة 310 تطبيقات.

في سوق لا تعرف التباطؤ، يحقق الإيجار اليومي عوائد تفوق الإيجار الشهري بنسب تصل إلى 70%، مدفوعا بتقنيات ذكية ومنصات رقمية فرضت واقعا جديدا في مشهد السكن المؤقت في السعودية.

وبينما تسجل الرياض أعلى معدلات النشاط في سوق الإيجار اليومي، تتسابق آلاف المنشآت والتطبيقات على استثمار هذا النمو غير المسبوق في الضيافة خارج الفنادق التقليدية، وفقا لمسؤولين وخبراء في القطاع السياحي والعقاري تحدثوا لـ"الاقتصادية".

وقالوا، إن الإيجار اليومي يعد سوقا مفتوحة تخضع لقوى العرض والطلب، وتختلف الأسعار باختلاف المواسم والموقع ونوعية الوحدة، في حين تتفاوت نسبة العمولة التي تحصل عليها المنصات، والتي تصل إلى نحو 25% من قيمة الإيجار اليومي.

لا توثيق في "إيجار"

المتحدث الرسمي لوزارة السياحة محمد الرساسمة أوضح لـ"الاقتصادية"، أن عمليات التأجير اليومية لا تتطلب التوثيق في منصة "إيجار" بعد إصدار التصريح، إذ يشترط فقط أن يتم عرض هذه المرافق وتأجيرها عبر المنصات المرخصة والمعتمدة من الوزارة لضمان تنظيم القطاع ورفع كفاءة العمليات.

وقال الرساسمة، إن الترخيص يمنح لمدة سنة واحدة فقط مقابل رسوم قدرها 1100 ريال، ويشترط ألا تتجاوز التصاريح أربعة في العقار الواحد، وفي حال تجاوز عدد التصاريح الصادرة عن الشخص الواحد أكثر من ثمانية، يلزم المصرح له بالتعاقد مع شركة مرخصة لإدارة مرافق الضيافة.

في حين أشار إلى أن التسويق أو التأجير يمنع عبر جهات غير مرخصة، ويشترط التقيد بالضوابط التشغيلية ومواصفات السلامة والنظافة.

ويعد التنظيم امتدادا لتوجه الوزارة في تقنين هذا النوع من الأنشطة الناشئة، والتي تشمل الفلل، والوحدات السكنية، والاستراحات، والمزارع، التي تؤجّر للزوار خارج نطاق الفنادق التقليدية.

نمو من 4 خانات

المتحدث الرسمي لوزارة السياحة، قال إن قطاع مرافق الضيافة السياحية الخاصة في السعودية سجل نموا متسارعا بلغ 1004% في عدد التراخيص، و702% في عدد الغرف في الربع الأول من 2025، مقارنة بالربع المماثل من العام السابق.

وارتفع عدد المنشآت العاملة في القطاع إلى 23 ألف منشأة بإجمالي 51 ألف غرفة في الربع الأول من العام، مقارنة بنحو 2045 منشأة تضم 6302 غرفة بنهاية الربع الأول من العام السابق.

وبحسب الرساسمة، بلغ عدد التطبيقات والمنصات الرقمية المرخصة 310 تطبيقات، وتشمل منصات عالمية متعاونة مثل Airbnb وBooking، إضافة إلى منصات محلية مثل مبات، مبيت، جادر إن، كيز، المسافر، المطار، اكتشف، والفرسان، وجميعها تندرج ضمن نطاق رقابي مباشر من الوزارة.

أوضح أن "مرافق الضيافة الخاصة تعد من الأنشطة السياحية الحديثة، التي شهدت نموا ملحوظا في مختلف مناطق السعودية، ولا سيما في الوجهات الموسمية مثل عسير والباحة والطائف وجدة".

السر في التقنية

عدد من مسؤولي المنصات العقارية التي تعمل بالإيجار اليومي، أرجعوا هذا النمو إلى التقنية، حيث باتت عملية التأجير رقمية بالكامل، مع حفظ حقوق جميع الأطراف، إضافة إلى تغير أنماط استهلاك السكن المؤقت، لا سيما مع تنامي قطاع السياحة الداخلية وتزايد الفعاليات والمهرجانات.

الرئيس التنفيذي لتطبيق "عقار" إبراهيم الشهيل، أوضح أن سوق الإيجار اليومي تستهدف شريحة مختلفة عن الإيجار الشهري، حيث يعد كلا السوقين ذوي طلب مرتفع يتجاوز حجم المعروض، وهو ما يعكس ديناميكية واضحة في تفضيلات العملاء بين السكن طويل الأجل والسكن قصير الأجل.

وتتركز أعلى معدلات النشاط في سوق الإيجار اليومي في مدينة الرياض، وذلك لتنوع أسباب الزيارة من أعمال وسياحة وفعاليات موسمية، تليها جدة، ثم المناطق السياحية مثل العلا وعسير.

وحول المخالفات، أشار الرساسمة إلى أن أبرزها عدم إبراز الإرشادات العامة لاستخدام مرافق الضيافة السياحي الخاص عند تسويقها من خلال مقدمة خدمات السفر والسياحة، أو في مكان ظاهر داخل المرفق بما في ذلك إرشادات استخدام المواقف، إخراج النفايات.

وذلك إلى جانب تعليمات الاستخدام داخل الوحدة عدم عرض البيانات الأساسية المحددة في التصريح بشكل واضح للسائح داخل المرفق، فقدان أحد شروط التصريح الأساسية مثل عدم توفر موافقة الملاك، تدني مستوى الصيانة داخل المرفق، تدني مستوى النظافة بما لا يتوافق مع معايير جودة الخدمات.

‏أما فيما يتعلق بالمرافق غير المرخصة فتمثل أبرز المخالفات في ممارسة النشاط دون الحصول على تصريح نظامي من وزارة السياحة، إضافة إلى تقسيم الوحدات السكنية بشكل مخالف للخطط المتعددة.

ويعد السياح الداخليون الفئة الأكثر إقبالا على هذا النوع من السكن، سواء بغرض السياحة أو الأعمال المؤقتة، كما أن الإيجار اليومي متاح للجميع دون قيود، ما يوسّع شريحة المستفيدين.

25 % عمولة المنصات

أما على مستوى الأسعار، فإن سوق الإيجار اليومي تعد سوقا مفتوحة تخضع لقوى العرض والطلب، وتختلف الأسعار باختلاف المواسم والموقع ونوعية الوحدة، ويتحكم مدير الوحدة في تحديد السعر.

فيما تتفاوت نسبة العمولة التي تحصل عليها المنصات، وتصل أحيانا إلى 25% من قيمة الإيجار اليومي، تتوزع بين رسوم على الضيف والمضيف، وتصدر المنصات المرخصة من وزارة السياحة مستندات تثبت الحجز، ويفضل بعض المضيفين استخدام المنصة فقط لعقود الإقامة الشهرية.

مستثمرون في القطاع قالوا لـ "الاقتصادية" إن التحديات الرئيسية التي تواجه هذه السوق تتمثل في تسويق الوحدات والوصول إلى العملاء المناسبين، وهي من أهم المهام التي تتولاها المنصات العقارية الرقمية، تليها تحديات تشغيلية تتعلق بجاهزية الوحدات لاستقبال الضيوف بشكل مستمر.

أما من ناحية الدفع، فإن المنصات توفر وسائل دفع متعددة، كما أن بعض الشركات بدأت في التعاون مع قطاع التأمين لتوفير تغطية تأمينية بديلة عن التأمين النقدي المعتاد، مما يسهل العملية على كلا الطرفين.

أرباح أعلى بـ 70%

إياد المالكي، أحد المستثمرين في تأجير الوحدات السكنية، أوضح أن الإيجار اليومي يحقق دخلا يفوق الإيجار الشهري والسنوي بنسبة تزيد على 70%، لافتا إلى أن دخوله لهذه السوق بدأ بوحدة واحدة، لكنه سرعان ما توسّع نتيجة الإقبال المرتفع، لا سيما من الزوار القادمين من خارج المملكة أو ضمن بعثات الأعمال.

وقال إن "المنصات الرقمية تمكن المالك من إدارة العلاقة التعاقدية بفعالية، مثل تسليم واسترجاع الوحدة بشكل ذاتي، أو إنهاء الإقامة تلقائيا عبر تقنيات إدارة الطاقة والمياه، ما يمنحه سيطرة تشغيلية دقيقة، وهو الآن بصدد تحويل عدد من وحداته من الإيجار السنوي إلى اليومي في مدينة الرياض".

من جانبها، ذكرت مروج السالمي، التي تمتلك عدة وحدات ضيافة، أن النشاط يرتفع في مواسم الفعاليات والمهرجانات، مشيرة إلى أن الرياض هي الأكثر طلبا تليها جدة ثم عسير.

أوضحت أن النظام يسمح بامتلاك وتسجيل ثلاث وحدات فقط في السوق للإيجار اليومي للفرد الواحد، وتشمل أنواع متعددة من العقارات كالأراضي والمزارع، مما يدل على تنوع وتوسع القاعدة العقارية المؤهلة للنشاط.

فيما أشار رضا المطرفي، مؤسس إحدى التطبيقات العقارية، إلى أن التقنية والذكاء الاصطناعي لعب دورا محوريا في تمكين عمليات الإيجار اليومي، حيث باتت العملية رقمية بالكامل، من الحجز حتى الدخول باستخدام الأكواد الذكية.

أوضح أن الطلب على الإيجار اليومي في بعض الحالات يرفع دخل الوحدة إلى أكثر من الضعف مقارنة بالإيجار الشهري، حيث قد تتجاوز قيمة الإيجار اليومي 9000 ريال شهريا مقارنة بـ 4000 ريال فقط في السوق الشهري.

ذكر أن هذا الأمر شجع عديدا من الملاك على التحول لهذا النموذج، رغم التحديات المرتبطة بارتفاع الأسعار وتجزيء الشقق، ما قد يضغط على البنية التحتية للأحياء.

الأكثر قراءة