من التأثر إلى التكيف.. مسارات التعافي في قطاع الطيران بعد إغلاقات الأجواء

من التأثر إلى التكيف.. مسارات التعافي في قطاع الطيران بعد إغلاقات الأجواء

تحول قطاع السفر والسياحة من التأثر إلى التكيف مع التصعيد الجيوسياسي الأخير في منطقة الشرق الأوسط، ورسم مسارات التعافي في قطاع الطيران بعد إغلاقات الأجواء، مع ما تبعه من خسائر مالية يومية وتذبذب في ثقة المسافرين، وسط محاولات من شركات الطيران لتقليل الأضرار والتكيف مع المتغيرات المفاجئة.

وفي هذا السياق ذكر  لـ”الاقتصادية”  الرئيس التنفيذي لتطبيق “المطار” فيصل الراجحي إن تأثير إغلاق الأجواء خلال الأزمة الأخيرة تركز في المقام الأول على المطارات القريبة من مناطق التوتر، إضافة إلى عدد من المسارات الإقليمية في الخليج وشرق المتوسط. وبيّن أن عدداً من هذه المسارات تم إغلاقه مؤقتاً قبل أن يُعاد فتحها تدريجياً، مشيراً إلى أن المطارات المتأثرة استطاعت استعادة نشاطها المعتاد بكفاءة نسبية بعد تجاوز الذروة.

وأوضح أن الأزمة، في ذروتها، شهدت إلغاء أو تأجيل أكثر من ألف رحلة جوية على مستوى المنطقة خلال أسبوعين فقط، مع تسجيل معدلات إلغاء وصلت في بعض الأيام إلى ما بين 30% و35% من إجمالي الرحلات المجدولة. وهو ما انعكس بشكل مباشر على حركة السياحة القادمة والمغادرة، خاصة في المواسم التي تتزامن مع عطلات الصيف وارتفاع الطلب على السفر.

واضاف انه بالرغم من استقرار الأوضاع ، يُِنصح دائما   باعتماد خيارات سفر مرنة، تتضمن إمكانية تعديل أو إلغاء الحجوزات بسهولة، إضافة إلى متابعة مستمرة لمستجدات الرحلات الجوية من خلال التطبيقات الذكية أو المواقع الرسمية لشركات الطيران. كما دعا إلى ضرورة الاطلاع على سياسات السفر والتغييرات، بما يعزز من استعداد المسافرين لأي تطورات محتملة.

من جانبه، قال نايف الراجحي، الرئيس التنفيذي لشركة “الفرسان”، إن تأثير الأزمة لم يكن موحداً على جميع شركات الطيران، بل تفاوتت مستويات التأثر حسب الوجهات والمسارات الجوية التي تستخدمها كل شركة. وبيّن أن بعض الرحلات المتجهة إلى مناطق النزاع أو تلك التي تمر عبر أجواء قريبة منها، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في نسب الإلغاء، تراوحت ما بين 20% و30%.

وأشار الراجحي إلى أن أحد أبرز الآثار التشغيلية تمثّل في الحاجة إلى تعديل مسارات عدد كبير من الرحلات الجوية لتجنب المرور عبر الأجواء المغلقة. وهو ما أدى إلى زيادة مدة الرحلات في بعض الحالات، إلى جانب ارتفاع تكاليف التشغيل، مثل استهلاك الوقود ورسوم التحليق في أجواء بديلة، ما انعكس مباشرة على أسعار التذاكر. وأوضح أن بعض الوجهات شهدت زيادة في الأسعار تراوحت بين 10% و25%، تبعاً لحجم التعديل في المسار والمسافة المضافة.


وبحسب تقديرات أولية، فإن شركات الطيران العالمية قد تكبدت خسائر يومية تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات نتيجة اضطرابات التشغيل، إلغاء الرحلات، وارتفاع التكاليف اللوجستية والتشغيلية. أما على المستوى الإقليمي، فتُقدر الخسائر اليومية لبعض كبرى شركات الطيران في الشرق الأوسط بما يتراوح بين 3 و5 ملايين دولار يومياً، اعتماداً على حجم الأسطول وحركة التشغيل وعدد الوجهات المتأثرة.

ولا يقتصر التأثير على شركات الطيران وحدها، بل يمتد إلى قطاعات السياحة والفنادق وخدمات النقل والمطارات، التي تعتمد بشكل كبير على تدفق المسافرين. ومع توقف أو تباطؤ الحركة الجوية، تتأثر سلاسل الإمداد السياحية بشكل مباشر، ما يؤدي إلى تراجع في نسب الإشغال الفندقي، وتراجع في إنفاق السياح، خاصة في الأسواق التي تعتمد بشكل رئيسي على السياحة القادمة من الخارج.

ويؤكد مراقبون في القطاع أن هذه الأزمة أعادت تسليط الضوء على الحاجة لتعزيز مرونة قطاع الطيران والسياحة في التعامل مع الأزمات الجيوسياسية، ودفع الاستثمار في تقنيات التنبؤ والتخطيط الاستباقي، إلى جانب تطوير بدائل تشغيلية قابلة للتطبيق السريع، لضمان تقليل الانقطاعات والخسائر عند وقوع أي أحداث طارئة مستقبلاً

 

الأكثر قراءة