إيران تسابق الزمن لتصدير نفطها وسط الحرب
تسابق إيران الزمن لتصدير نفطها إلى العالم، في إشارة إلى الخطوات اللوجستية غير الاعتيادية التي تتخذها طهران، في وقت تدرس الولايات المتحدة الانضمام إلى إسرائيل في قصف الدولة الواقعة على الخليج العربي.
يتدفق النفط من موانئ البلاد إلى الناقلات، مما يضمن استمرار الإيرادات -على الأقل لفترة من الوقت- في حال تعطل الشحنات. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، تمتلئ صهاريج التخزين في محطة التصدير الحيوية في جزيرة خرج بالنفط.
يحلل التجار والمستثمرون كل البيانات المتاحة لفهم كيفية تأثر نفط إيران ومنطقة الخليج الأوسع بقصف إسرائيل للمواقع النووية والعسكرية والبنية التحتية للطاقة في البلاد. وتقدم بيانات الأقمار الاصطناعية جزءاً على الأقل من الإجابة عندما يتعلق الأمر بإيران.
صهاريج التخزين
تحتوي مواقع تخزين النفط في جزيرة خرج على أسطح عائمة، ترتفع وتنخفض حسب امتلاء الخزانات، ما يسمح باستخلاص مؤشرات عبر تحليل الظلال من الأعلى لمعرفة مدى امتلائها.
وتُظهر صور التُقطت في 11 يونيو أن أسطح معظم الخزانات الكبيرة كانت منخفضة عن الحواف، ما يعني أن الخزانات كانت ممتلئة جزئياً فقط.
لكن بعد أسبوع، وتحديداً في صورة التُقطت في 18 يونيو، بعد أيام من بدء الهجمات الإسرائيلية، لم تُلاحظ تلك الظلال، ما يشير إلى أن الأسطح بلغت القمة، وأن الخزانات ممتلئة تماماً.
لا تزال هناك ظلال تُلقى على الأرض بجوار الخزانات، ما يؤكد أن غياب الظلال داخل الخزانات لا يعود إلى غياب أشعة الشمس. وقد التُقطت الصور بفارق يقل عن 10 دقائق عند الساعة 2:40 ظهراً بالتوقيت المحلي في كلا اليومين، وبزوايا استشعار شبه متطابقة.
أكد سمير مدني، الشريك المؤسس لموقع "تانكر تراكرز دوت كوم" (TankerTrackers.com) المتخصص في تتبع تجارة النفط السرية باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، أنه لاحظ أيضاً "ارتفاعاً في مخزونات النفط الخام في الجزيرة".
وهذا أمر غير متوقّع، بالنظر إلى أن إيران ترفع وتيرة صادراتها.
ولكن إذا كانت الصادرات مرتفعة بشكل غير معتاد، فمن المفترض أن تنخفض مستويات التخزين، إلا إذا كانت إيران تضخّ كميات إضافية إلى المنشأة. وبالتالي، يمكن الاستنتاج أن إيران تحاول ضخ أكبر كمية ممكنة إلى السوق العالمية ما دام الأمر ممكناً.
إيران تستطيع تخزين حوالي 28 مليون برميل من النفط الخام في جزيرة خرج، وفقاً لتقرير صدر في 2024 عن "إس آند بي جلوبال كوموديتي إنسايتس". وقد انتهت الشهر الماضي أعمال تجديد لخزانين سعة كل منهما مليون برميل، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه السعة مدرجة في تقديرات السعة السابقة.
تدفق الصادرات
ارتفعت صادرات إيران من النفط منذ بدء الهجمات الإسرائيلية يوم الجمعة، بحسب مدني.
صدّرت إيران في الفترة من 13 إلى 17 يونيو ما معدله 2.33 مليون برميل يومياً، وفق بيانات "تانكر تراكرز دوت كوم"، أي بزيادة قدرها 44% مقارنة بمتوسط الصادرات منذ بداية العام حتى 14 يونيو.
قال مدني: "يبدو من الواضح تماماً ما تحاول إيران القيام به.. إنها تحاول تصدير أكبر عدد ممكن من النفط، ولكن مع وضع السلامة أولوية قصوى".
ويُخزن النفط في صهاريج متراصة على جزيرة خرج، ما يجعلها أكثر عرضة للهجوم مقارنة بشحنات النفط المحملة على السفن المنتشرة في الخليج أو المتجهة إلى الصين.
تفرّق الناقلات
في مؤشر آخر على استجابة طهران اللوجستية، تُبقي إيران السفن على مسافة بعيدة من جزيرة خرج لأطول فترة ممكنة، قبل التحرك إلى المحطة لتحميل النفط، وتقليص مدة وجودها في الميناء.
تُظهر صور التقطتها شركة "بلانيت لابس" (Planet Labs) في 11 يونيو –أي قبل أيام من أول هجوم إسرائيلي– ناقلات نفط، معظمها من طراز السفن الضخمة بسعة حوالي مليوني برميل، راسية في المياه بين جزيرة خرج والبر الإيراني. وتشير المقارنة مع صور سابقة إلى أن هذا العدد ضمن النطاق المعتاد.
لكن في صورة أخرى التُقطت في 17 يونيو، بعد أربعة أيام من بدء الهجمات، اختفت جميع السفن من مواقع الرسو قرب الجزيرة.
تبنّت إيران استراتيجية مشابهة لتفريق الناقلات عندما تعرّضت لهجوم إسرائيلي في أكتوبر الماضي. آنذاك أيضاً، واصلت تصدير النفط من دون انقطاع.