رسوم ترمب الجمركية توجه "الضربة الأخيرة" لصناعة الألماس العالمية
تواجه صناعة الألماس الفاخرة اليوم تحديات غير مسبوقة بسبب التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، التي تصل إلى 10% على واردات الألماس. وتشكل السوق الأمريكية أكثر من نصف الطلب العالمي على الألماس المصقول، ما يجعل تأثير الرسوم الجمركية كبيرًا على هذه الصناعة الحساسة.
تأتي هذه التعريفات في وقت يعاني فيه قطاع السلع الفاخرة تباطؤ الطلب بعد فترة انتعاش ما بعد الجائحة، فضلاً عن التراجع الاقتصادي في الصين، وهو واحد من أكبر الأسواق العالمية، وفقا لـ "سي إن بي سي".
كما أن التعريفات الجمركية تعتبر "الضربة الأخيرة" في وجه صناعة الألماس، حسبما أوضحت كارين رينتمسترز، الرئيس التنفيذي لمركز أنتويرب العالمي للألماس، الذي يمثل أكثر من 1400 شركة في أحد أهم مراكز تجارة الألماس في العالم.
تتميز صناعة الألماس بسلاسل توريد معقدة تمتد عبر قارات متعددة، حيث تنطلق الأحجار الخام من مناجم في بوتسوانا وجنوب إفريقيا، ثم تمر بمراكز تجارة في الشرق الأوسط وأوروبا، ثم إلى مراكز التقطيع والصقل قبل أن تصل إلى محال المجوهرات. هذا التعقيد يجعل الصناعة عرضة بشدة لأي اضطرابات تجارية أو تعريفة جمركية جديدة.
ورغم استثناء مواد خام مثل الذهب والنحاس من هذه الرسوم، تسعى الصناعة إلى استبعاد الألماس الخام من الرسوم الجمركية، مشيرة إلى أن الألماس لا يُستهلك مباشرة بل يكون جزءًا من قطعة مجوهرات.
التحدي الأكبر أمام صناعة الألماس لم يعد التعريفات فقط، بل دخول الألماس المصنع في المختبرات (Lab-Grown Diamonds) إلى السوق بقوة. هذه الأحجار كيميائيًا لا تختلف عن الألماس الطبيعي لكنها تُباع بأسعار أقل تصل إلى 80%، ما يجعلها خيارا جذابًا لكثير من المستهلكين.
في دراسة 2025 شارك فيها نحو 17 ألف زوج في الولايات المتحدة، أشار أكثر من نصف المشاركين إلى أن خاتم الخطوبة الذي اختاروه كان مزودا بألماس مصنع مخبريًا. كما أعلنت شركة باندورا، أكبر علامة مجوهرات في العالم من حيث الحجم، في 2021 التوقف عن بيع الألماس الطبيعي، مؤكدين أن السوق تتجه نحو الألماس المصنع.
مع استمرار التحديات الاقتصادية والتنافس الشديد من الألماس المصنع، انخفضت أسعار الألماس الطبيعي بنحو 60% منذ ذروتها في مارس 2022. رغم ذلك، يرى بعض المحللين أن السوق قد تقترب من نقطة توازن بين أسعار الألماس الطبيعي والمصنع، مع تزايد وعي المستهلكين بالفروق بين النوعين.
وفي ظل هذه الظروف، تتجه شركات كبرى مثل دي بيرز إلى تعزيز تركيزها على الألماس الطبيعي، وأعلنت أخيرا إغلاق علامتها التجارية للألماس المصنع “Lightbox” لتكريس إستراتيجيتها في سوق الألماس الطبيعي.
يشير المحللون إلى أن مفتاح نجاح صناعة الألماس الطبيعي يكمن في استعادة ثقة المستهلكين عبر التأكيد على أصالة الأحجار وقصصها العاطفية التي تجعل من اقتناء الألماس تجربة فريدة لا تعوض. ويبقى السؤال هل ستنجح صناعة الألماس الطبيعي في الصمود أمام موجة التحديات الجديدة أم ستستمر رحلة التغيير نحو الألماس المصنع؟ الوقت كفيل بالإجابة.