تداعيات الرسوم الأمريكية .. تفاوت إستراتيجيات التسعير يربك المشهد الاستهلاكي

تداعيات الرسوم الأمريكية .. تفاوت إستراتيجيات التسعير يربك المشهد الاستهلاكي

في الوقت الذي يترقب فيه المستهلك الأمريكي تأثير الجولة الجديدة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، جاءت رسائل متضاربة من اثنين من أكبر تجار التجزئة في البلاد: وولمارت وهوم ديبوت.

فبينما أعلنت وولمارت أن الرسوم الجمركية الجديدة ستدفعها إلى رفع الأسعار، أكدت هوم ديبوت أن أسعارها ستبقى "عموما" على حالها.

هذا التباين يبرز المعضلة التي تواجهها شركات التجزئة حاليا: هل ترفع الأسعار لتغطية تكاليف الرسوم، أم تحافظ على مستوياتها لتفادي إثارة غضب المستهلكين الذين أنهكتهم التضخمات المتتالية؟

وتعليقا على ذلك، قالت آلي فورمان، خبيرة قطاع التجزئة في شركة بي دبليو سي: "إنه قرار بالغ التحدي. ليس مجرد قرار مالي، بل هو قرار يتعلق بالعلاقة مع الزبون، ولا يريد أي بائع تجزئة أن يتهم باستغلال الزبائن في هذا الوضع الحالي"، حسب "بارونز".

ازداد الموقف تعقيدا بعدما كتب ترمب عبر منصة "تروث سوشيال"، مطالبا وولمارت بتحمل تكلفة الرسوم بدلا من تمريرها إلى المستهلك.

ويبدو أن هذه التصريحات دفعت تجارا آخرين إلى تبني خطاب أكثر حذرا بشأن الأسعار، خشية الوقوع في مرمى الانتقادات الرئاسية.

لكن ذلك قد يكون مربكا لعديد من المستهلكين الذين يبحثون بالفعل عن إجابات حول كيفية ومتى ستؤثر الرسوم الجديدة في جيوبهم.

وتثير الإجابات المتباينة من اثنين من أكبر تجار التجزئة في البلاد السؤال: ما الحقيقة؟ هل سترتفع الأسعار أم ستبقى على حالها؟

الواقع أكثر تعقيدا مما يبدو، فمعظم المتاجر لن تعلن عن زيادات شاملة في الأسعار، بل ستتبع إستراتيجيات مرنة تمزج بين رفع الأسعار الانتقائي، وتقديم العروض الترويجية، وضغط هوامش الربح. وكل ذلك في محاولة للتكيف مع البيئة التجارية الجديدة دون فقدان الزبائن.

وأوضحت فورمان "لن ترى متجرا يرفع أسعار كل شيء دفعة واحدة، الإستراتيجيات ستكون مدروسة بعناية، وتعتمد على طبيعة المنتجات وهوامش الربح".

وتختلف قدرة المتاجر على امتصاص آثار الرسوم حسب نموذجها التجاري، فمثلا، تمتلك متاجر تحسين المنازل مثل هوم ديبوت قدرة أكبر على امتصاص التكاليف مقارنة بمحلات البقالة التي تبيع منتجات منخفضة الهامش.

وتبنّت شركات مثل تارجت وأمازون نفس النهج، مؤكدة أنها تراقب الأسعار أسبوعيا وتجري تعديلات مستمرة استجابة للمنافسة وتكاليف التوريد.

هوم ديبوت نفسها، رغم وعودها بالحفاظ على الأسعار، لم تكن بمنأى عن التغيرات. فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر غسالة "إل جي" بنحو 5% منذ يناير، بينما قفز السعر الصافي لها بنسبة مذهلة بلغت 56%، وفقا لبيانات شركة أوبن براند.

الخلاصة: الأسعار في طريقها إلى التغيّر، لكن ليس بشكل موحد. فهي تعتمد على المتجر الذي تتسوق منه، والمنتج الذي تشتريه، والتوقيت الذي تختاره. ويبدو أن زمن مقارنة الأسعار يدويا قد عاد من جديد!

الأكثر قراءة