الشرق الأوسط الجديد .. حلم يتحقق

حسب تصريح الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عام 2018 فإن الشرق الأوسط سيكون محل النهضة العالمية القادمة، حين قال: "إن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة"، واليوم نرى الحلم يتحقق، حيث تزداد إمكانيات دول المنطقة، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، التي تخلصت من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل مع الأخذ بأحدث التقنيات في مجالات الصناعة والخدمات اللوجستية والذكاء الاصطناعي".

ولذا توجهت لها الدول الكبرى في العالم تطلب استقطاب استثماراتها ليس من باب الهدية أو الدعم، وإنما وفق خطط إستراتيجية تضع في مقدمتها مصلحة الطرفين حسب عقود واضحة وحوكمة معروفة في عالم الاستثمار والاقتصاد. وظهرت هذه الجوانب المهمة في الاتفاقيات التي وقِّعت بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع الماضي، ما يشكل فصلًا جديدًا في العلاقات السعودية الأمريكية يقوم على الشراكة الإستراتيجية بكل ما تعني هذه العبارة بحيث تشمل مجالات حيوية مثل الطاقة والصحة والذكاء الاصطناعي والطيران والفضاء مع نقل المعرفة وتوطين التقنية وتوفير فرص العمل النوعية وفقا لأهداف الرؤية السعودية لبناء اقتصاد منوع ومستدام قائم على الابتكار والتقنية المتطورة.

ويهدف التعاون السعودي - الأمريكي على المدى الطويل إلى الأخذ بأحدث التقنيات لخفض تكلفة إنتاج الطاقة مع تنمية رأس المال البشري الوطني لتوفير فرص عمل نوعية للمواطنين السعوديين خاصة في المجالات التقنية، ما يعزز مكانة السعوديين في سوق العمل المحلي والدولي لكونهم كفاءات مميزة في القطاعات التقنية والإستراتيجية بعد تدريبهم وتأهيلهم في تخصصات الطاقة والفيزياء وهندسة المواد وغيرها من المجالات الحساسة، إضافة إلى التعاون لتطوير قطاع التصنيع العسكري ونقل التقنية وزيادة المحتوى المحلي تحقيقًا لأهداف رؤية المملكة 2030، وأهمها تصنيع 50% من احتياجات السعودية العسكرية محلياً.

وأخيراً: من أهم صفات القيادة السعودية التي تتضح جلياً في هذه المرحلة، لكي تحقق الأهداف سريعًا، الأخذ بمبدأ "اجعل البداية من حيث انتهى الآخرون"، وحيث إن الذكاء الاصطناعي يعد أحدث ما توصلت إليه التقنية، فقد أنشأ صندوق الاستثمارات العامة شركة "هيوماين" كرائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي والاستثمار في منظومة القطاع.

ويبقى الرهان الأهم الذي تفوقت فيه السعودية هو الرهان على الذكاء البشري والمواطن السعودي (ذكراً وأنثى) الذي لديه استعداد فطري للعمل والإتقان، واستفاد من أرقى أنظمة التعليم و برامج الابتعاث والتدريب الذي جعلته الدولة في مقدمة اهتماماتها من وقت مبكر، ما جعل استقطاب التقنيات المتقدمة ممكناً وأكثر جدوى و أوسع أثراً.

والخلاصة: إن كل ما يجري من تطور في الشرق الأوسط الجديد قد بشر به الأمير محمد بن سلمان في وقت مبكر كما ذكرنا .. وليس فقط أعلنه، وإنما عمل بجد على إزالة العوائق في سبيل تحقيق هذا الحلم، وساعد دولًا عربية عديدة على المشاركة لتعم الفائدة، ولعل آخرها سورية الشقيقة التي تستعد لنفض غبار الماضي بعد رفع العقوبات عنها لكي تبدأ مسيرة التنمية الشاملة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي