"علي بابا" تخيب التوقعات وتضعف الآمال بانتعاش الاستهلاك في الصين
جاءت إيرادات شركة "علي بابا غروب هولدينغ" خلال الربع المالي الأخير دون التقديرات، في انعكاس لتراجع مستمر في إنفاق المستهلكين في الصين، وتزايد المنافسة في المجال الحاسم للذكاء الاصطناعي.
فقد ارتفعت الإيرادات بنسبة 7% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس لتصل إلى 236.5 مليار يوان (32.8 مليار دولار)، مقارنةً بمتوسط تقديرات بلغ 237.9 مليار يوان. بينما قفز صافي الدخل ليصل إلى 12.4 مليار يوان، أي ما يقرب من أربعة أضعاف، ويرجع ذلك جزئياً إلى المكاسب الناتجة عن الاستثمارات في الأسهم. وتراجعت أسهم الشركة بأكثر من 6% في تداولات ما قبل افتتاح السوق.
"علي بابا" مقياس للاستهلاك الصيني
تُعد "علي بابا" بمثابة مقياس لحالة الاقتصاد الاستهلاكي في الصين نظراً لاتساع نشاطاتها. وقد استفادت في السابق من الدعم الحكومي الذي يهدف إلى حماية ثاني أكبر اقتصاد في العالم من تداعيات الحروب التجارية العالمية. وكانت الشركة تُعوّل على تعافي أعمال التجارة الإلكترونية لدعم تحولها نحو الذكاء الاصطناعي بعد مرحلة "ديب سيك" (DeepSeek).
تسلّم كل من الرئيس التنفيذي إيدي وو، ورئيس مجلس الإدارة جوزيف تساي، أحد أبرز المقرّبين من مؤسس الشركة جاك ما، زمام القيادة في عام 2023، ويقودان جهود إعادة إحياء الشركة بعد سنوات من التدقيق الحكومي. وقد أعادا تركيز الإنفاق على تطوير مجالات الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية، بالتوازي مع تسريع بيع الأصول غير الأساسية لتمويل استثمارات الذكاء الاصطناعي والتوسع الدولي.
"علي بابا" تضخ المليارات في الذكاء الاصطناعي
وأعلنت الشركة، التي شارك في تأسيسها جاك ما، أنها تعهدت بضخ أكثر من 380 مليار يوان في البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، مثل مراكز البيانات، خلال السنوات الثلاث المقبلة. وصرح الرئيس التنفيذي "إيدي وو" في فبراير بأن الهدف الرئيسي للشركة أصبح تحقيق "الذكاء الاصطناعي العام"، مما يضعها في مصاف شركات مثل "أوبن ايه آي" (OpenAI).
منذ بروز "ديب سيك" على الساحة العالمية هذا العام، باتت "علي بابا" تُصدر منتجات ذكاء اصطناعي بوتيرة محمومة. وأكدت الشركة أن نموذجها الرائد "كوين3" (Qwen 3)، الذي كُشف عنه الشهر الماضي، يُضاهي أداء "ديب سيك" في عدة جوانب. كما قامت يوم الأربعاء بتحديث نموذجها لتوليد الفيديوهات للمرة الثانية خلال شهر واحد.
لكن الشركة تواجه منافسة شرسة من شركات صينية أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، أبرزها "بايدو" و"تينسنت". وعلى الصعيد العالمي، حذّر رئيس مجلس الإدارة جو تساي من فقاعة متضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن مراكز بيانات تُبنى في الولايات المتحدة دون وجود عملاء واضحين لها.
رأي "بلومبرغ إنتليجنس"
تقول المحللتان كاثرين ليم وتريني تان: إن التحسن المستمر الناتج عن تقليص خسائر الخدمات المحلية، إضافة إلى نمو أرباح الحوسبة السحابية، كان من المفترض أن يُعوض التراجع في التجارة الرقمية الدولية للربع الثاني على التوالي. كما يحتمل أن تكون أرباح مجموعة "تاوباو-تي مال" (Taobao-Tmall TTG) قد شهدت ارتفاعاً سنوياً، إذ إن مساعي الشركة لزيادة القيمة الإجمالية للبضائع المتداولة من خلال الاستخدام المشترك لأدوات ضمن منظومتها قد حفزت ارتفاعاً في إيرادات إدارة العملاء. ومع ذلك، فإن ارتفاع التكاليف قد يكون فاق مكاسب الإيرادات، مما أدى إلى انخفاض هامش الأرباح المعدلة لـ"تاوباو-تي مال" في الربع الرابع مقارنة بالعام الماضي.
إضافة إلى ذلك، تواجه أعمال التجارة الإلكترونية لـ"علي بابا" منافسة متزايدة من شركات مثل "بايت دانس ليمتد" و"بي دي دي هولدنغز" (PDD Holdings). وفي خطوة لمواجهة شركتي "بي دي دي" و"جيه دوت كوم" (JD.com) أعلنت "علي بابا" الأسبوع الماضي عن شراكة مع منصة "شياو هونغ شو" (Xiaohongshu)، الشبيهة بإنستغرام في الصين، لتمكين التجّار في "تاوباو-تي مال" من إدراج روابط لمنتجاتهم على منصة المؤثرين الشائعة.
في الوقت الحالي، تواصل بكين دعم القطاع من خلال حوافز تشجع على شراء كل شيء من الأجهزة المنزلية إلى الهواتف الذكية والسيارات. وفي مايو، أعلن صانعو السياسات عن حزمة من التدابير التحفيزية، شملت تيسيراً في السياسات النقدية.