عمالقة الاقتصاد الأمريكي يعيدون تموضعهم في مشهد عالمي مضطرب.. الرياض مقرا إقليميا
في عالم يشهد دوما حروبا، اضطرابات سياسية، تشريعات غير مستقرة، أزمات عملة، يبحث رأس المال عن موضع قدم في بيئات استثمارية آمنة، فكما عرف قديما، وحديثا أيضا أن "رأس المال جبان".
وسط هذه الاختلالات، استطاعت السعودية أن تتحول إلى مركز استقطاب للشركات العالمية وعلى رأسها عمالقة الاقتصاد الأمريكي، لتعيد رسم الخريطة الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط.
بوينج، أمازون، جوجل، جولدمان ساكس، مايكروسوفت، أوراكل، بيبيسي كو، فايزر، على سبيل الذكر لا الحصر، شركات أمريكية رغم تباين قطاعاتها وأنشطتها، فإنها اتفقت على جعل مقرها الإقليمي في الرياض.
وفي ظل تحول بوصلة القطاع الخاص الأمريكي إلى السعودية، فماذا عن الجهات الرسمية؟
أول زيارة خارجية للرئيس دونالد ترمب
موجة التحول اللافتة للشركات الأمريكية تأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى السعودية، الذي وصفها بـ"التاريخية"، ضمن برنامج مزدحم باجتماعات مستثمري البلدين في منتدى استثمار مشترك.
وزيارة الرئيس ترمب إلى السعودية هي أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، وتُظهر أهميتها وسط تحديات إقليمية وعالمية، على أن تكون محطة انطلاق إلى دول الجوار في المنطقة.
ويرتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية في قطاعات متنوعة مثل الطاقة، الدفاع، البنية التحتية، والتكنولوجيا، فيما يشهد التعاون تحولا نوعيا في مجالات المستقبل، كالذكاء الاصطناعي، التحول الرقمي، الطاقة المتجددة.
ووسط هذا التقارب، تتزايد المكاسب للشركات الأمريكية ما جعل الانتقال إلى الرياض قرارا إستراتيجيا.
إعفاءات ضريبية للشركات لمدة 30 عاما
تمنح السعودية حوافز ضريبية للشركات التي تتخذ مقرات إقليمية تشمل إعفاء لمدة 30 عاما من ضريبة الدخل وضريبة الاستقطاع على مدفوعات المقر للأشخاص غير المقيمين، التي تتضمن توزيعات الأرباح.
هذا بخلاف التحولات التشريعية والاقتصادية التي شهدتها السعودية منذ إطلاق رؤية 2030، خاصة مع وجود صندوق الاستثمارات العامة، والمشاريع العملاقة التي تدر عائدا للشركات المشاركة.
ونجحت السعودية في تجاوز مستهدفات برنامج استقطاب المقرات الإقليمية، بوصول عدد الشركات إلى 600 شركة بعد أن كان المستهدف 500 شركة بحلول 2030.
ويتوقع أن يضيف استقطاب المقرات الإقليمية نحو 67 مليار ريال للاقتصاد المحلي، ويوفر نحو 30 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030، بحسب أرقام رسمية.
لكن كم تبلغ الاستثمارات الأمريكية المباشرة في السعودية؟
25% من الاستثمارات الأجنبية "أمريكية"
خلال جلسة لمؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار» انعقدت في ميامي فبراير الماضي، كشف وزير الاستثمار السعودي، أن 25% من الاستثمارات الأجنبية في السعودية أمريكية.
وبلغت الاستثمارات الأمريكية المباشرة في السعودية نحو 15.3 مليار دولار خلال العالم الماضي، بدعم التحولات السعودية التي تتيح فرصا واعدة للشركات الأمريكية في مجالات متعددة.
وقال الفالح حينها "نرى جسورا جديدة من التعاون بين السعودية وأمريكا"، واصفا حجم مشاركة الشركات الأمريكية في السوق السعودية بـ "هائل".
لذلك، افتتحت وزارة الاستثمار مكتبا لها في ميامي لخدمة رجال الأعمال في ولاية فلوريدا ودول أمريكا الجنوبية، ويكون بوابة للاستثمارات السعودية في أمريكا الجنوبية.
ترقب لمزيد من الاتفاقيات الاستثمارية
ويتوقع أن تشهد زيارة الرئيس الأمريكي مزيدا من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية للإسهام في بناء استثمارات وصناعات واعدة وتوطين التقنية، وانتقال أكبر للشركات الأمريكية إلى السعودية.
كما ستسهم في تعزيز الحلول للتحديات العالمية والإقليمية، وتوسيع التجارة الثنائية، وإعادة التأكيد على الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.