التفاؤل يسيطر على أسواق النفط مع انخفاض المخزونات الأمريكية رغم تقلبات الأسعار

التفاؤل يسيطر على أسواق النفط مع انخفاض المخزونات الأمريكية رغم تقلبات الأسعار
من المتوقع أن تمثل الصين أكثر من 70 في المائة من نمو الطلب العالمي على النفط لهذا العام.

لا تزال مخاوف الاقتصاد الكلي بشأن أول وثاني أكبر اقتصادات في العالم قائمة، وذلك بالنظر إلى أنه من المتوقع أن تمثل الصين أكثر من 70 في المائة من نمو الطلب العالمي على النفط لهذا العام، فإن المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني تتصدر العوامل الهبوطية للنفط.
واستمرت تقلبات أسعار النفط الخام، حيث تراجع عن أعلى مستوى له في عشرة أشهر بسبب مزيج من مشكلات النمو في الصين والتشدد المحتمل لبنك الاحتياطي الفيدرالي لفترة أطول لدعم الدولار.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون، "إن البيانات الاقتصادية الأضعف الصادرة من الصين تسببت في إحباط المعنويات في سوق النفط في بداية هذا الأسبوع، ما عوض التفاؤل المتزايد بأن الاقتصاد الأمريكي سيتغلب على تأثيرات رفع أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي".
ورجح المحللون استمرار تضييق السوق في المستقبل مع طلب عالمي قياسي على النفط الخام وتقليص الإمدادات من جانب تحالف "أوبك +" بقيادة السعودية وروسيا.
ولفت المحللون إلى استمرار مخاوف الاقتصاد العالمي بشأن الركود والتباطؤ المحتمل في كل من الولايات المتحدة والصين على التوالي، لكن حالة التفاؤل في السوق ما زالت باقية، حيث تشير التقديرات إلى أن الطلب على النفط قد وصل إلى مستوى قياسي في يونيو ومن المحتمل أن يتجه إلى مستوى قياسي جديد هذا الشهر، بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية.
ورجح المحللون حدوث مزيد من الضيق على الإمدادات العالمية التي تتراجع بالفعل في أعقاب تخفيضات الإنتاج في أوبك، مشيرين إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط وصل إلى مستوى قياسي، وقالت إن أسعار النفط قد ترتفع أكثر.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة، "إن أسعار النفط الخام تتلقى دعما راسخا ومستمرا من تقييد المعروض النفطي من جانب تحالف أوبك +"، الذي يواصل مسار التخفيضات، حيث مددت السعودية خفضها الأحادي بمقدار مليون برميل يوميا حتى سبتمبر المقبل، كما أشارت إلى أنها قد تمدده أكثر أو تمدده وتعمقه.
ونوه بأن المخاوف المستمرة بشأن الصين تعوق أسعار النفط، مشيرا إلى أن الأسعار تميل إلى الانخفاض بعد سبعة أسابيع متتالية من المكاسب، حيث أعلنت الصين مجموعة أخرى من البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما أثرت المخاوف بشأن العقارات وأسواق الائتمان في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في معنويات السوق.
من جانبه، يقول سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، "إن أسعار النفط انخفضت إلى أدنى مستوياتها في أسبوعين تقريبا وسط مخاوف متزايدة من أن الاقتصاد الصيني المتعثر سيؤدي إلى تآكل الطلب في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم".
وأضاف أن "الخفض غير المتوقع لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي الصيني سلط الضوء على القضايا التي تحدق ببكين من تدهور العقارات وضعف الإنفاق الاستهلاكي، إلى المخاوف بشأن الظل المصرفي".
بدروه يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، "إن المعنويات في السوق النفطية تتأثر بالبيانات الاقتصادية واستمرار ظهور إشارات القوة في الأسواق المالية"، مرجحا أن تنخفض مخزونات النفط الخام الأمريكية في مركز كاشينج في ولاية أوكلاهوما إلى أدنى مستوى لها منذ أبريل بينما تواصل المصافي الآسيوية زيادة الواردات.
ونوه بنجاح سياسة "أوبك +" في تقييد المعروض لحين استقرار تعافي الطلب العالمي، حيث أصبحت الإمدادات ضيقة بشكل متزايد منذ أواخر يونيو الماضي بعدما خفضت السعودية وروسيا الإنتاج، ما ساعد على استنزاف المخزونات، ما يشير إلى استمرار ضيق العرض على المدى القريب.
من جهتها تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، "إن الطلب العالمي جاء أكثر قوة مما توقعه عديد من المراقبين"، حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي يسير بوتيرة قياسية، موضحة أنه في الولايات المتحدة أظهرت أرقام إدارة معلومات الطاقة مستويات قياسية من الاستخدام موسميا، لكن يكبح ذلك المخاوف المتزايدة من أن الطلب الصيني قد بلغ ذروته بالفعل لهذا العام.
وأشارت إلى انتهاء التوسع في النفط الصخري في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، حيث من المقرر أن يتقلص الإنتاج للشهر الثاني على التوالي في سبتمبر المقبل -وفقا لتقرير حكومي- موضحة أنه بعد تجاوز إنتاج النفط الخام القياسي في يوليو تسير الولايات المتحدة في طريقها نحو أول انخفاض لها في شهرين منذ يناير 2022.
من ناحية أخرى، لم تشهد أسعار النفط أمس تغيرا يذكر مع معادلة المستثمرين لأثر مخاوف تتعلق بالاقتصاد الصيني مع توقعات بشح الإمدادات من الولايات المتحدة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بشكل طفيف مقداره سبعة سنتات إلى 84.82 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:11 بتوقيت جرينتش، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ثمانية سنتات إلى 81.91 دولار للبرميل.
وتراجع الخامان القياسيان بأكثر من 1 في المائة إلى أدنى مستوياتهما منذ 8 أغسطس.
وتسلط الضوء على الاقتصاد الصيني بعد أن أظهرت بيانات تتعلق بمبيعات التجزئة والناتج الصناعي والاستثمار أرقاما دون التوقعات، ما أجج المخاوف بشأن تباطؤ أعمق وأطول أمدا في النمو.
ودفعت تلك البيانات بعض الاقتصاديين للإشارة إلى مخاطر أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، قد تجد صعوبة في تحقيق هدف النمو بنحو 5 في المائة لهذا العام دون مزيد من التحفيز المالي.
ويعتمد تكتل "أوبك +" والوكالة الدولية للطاقة على الصين لإنعاش الطلب على الخام لما تبقى من العام الجاري.
وفي تلك الأثناء، انخفضت مخزونات الخام الأمريكية بنحو 6.2 مليون برميل الأسبوع الماضي وفقا لمصادر في السوق استندت إلى بيانات من معهد البترول الأمريكي. وشكل ذلك انخفاضا أكبر بكثير من تقدير محللين لتراجع بمقدار 2.3 مليون برميل.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 87.82 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 88.66 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث تراجع له على التوالي، وإن السلة استقرت تقريبا مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 87.61 دولار للبرميل.

سمات