الأرانب وزراعة الأسنان

في هذا الزمن لم تعد الوجوه تتشابه فقط، بل حتى الأسنان، فضلا عن بياضها الساطع عند البعض، خصوصا الممثلين والمشاهير بما لا يتناسب مع لون بشرتهم ويخالف طبيعة الأسنان فترى بريق أسنانه قبل أن تراه، حتى صار المحتاج وغير المحتاج يزرع أسنانا أو يلبسها جريا خلف الإعلانات.
الأسنان من أعضاء جسمك لا تقل أهمية عن باقي الأعضاء.
إنها البوابة الفعلية لجسدك، وصحتها وسلامتها تنعكس على صحتك، لذلك جرت محاولات تعويض الأسنان المفقودة أو زراعتها منذ فجر التاريخ، وأول من حاول تعويض الأسنان المفقودة كان الفراعنة، كما برع البابليون وكذلك قبائل المايا والهنود في ذلك.
منذ ما يقرب من 4000 عام، استخدم الحرفيون في الصين القديمة أوتاد الخيزران لصنع أسنان اصطناعية، وأحيا هذه الطريقة الهندي "دودي باثاك" عام 2001، لأنها بيضاء ومتينة بما يكفي لتدوم عشرة أعوام.
وكشف هيكل عظمي يعود تاريخه إلى 2500 قبل الميلاد عن رجل من المكسيك القديمة كان لديه مجموعة من الأسنان الاصطناعية المصنوعة من أنياب الذئب، واستخدم شعب المايا فنهم لنحت الأسنان من الجواهر والأصداف البحرية والحجر والعظام، وعلى غرار طرق التشكيل الحالية استخدم أطباء الأسنان في القرن الـ16 شمع العسل لعمل طبعة الأسنان البشرية لاستخدامها في نحت أسنان من خشب شجرة الصندوق اليابانية الصلبة، لدرجة أنه تم استخدامه حتى القرن الـ19.
في القرن الـ18، كان عاج الفيل وفرس النهر المادة المفضلة لأطقم الأسنان، خاصة عاج فرس النهر، لأنه كان أكثر كثافة ومتانة، لكن من الصعب تنظيفها، فضلا عن رائحتها الكريهة.
ووصف الزهراوي عام 1013 طريقة لزراعة الأسنان، يقول: "وقد ينحت عظم من عظام البقر، فيصنع منه كهيئة الضرس، ويجعل في الموضع الذي ذهب من الضرس ويشد" وفي القرنين الـ15 والـ16 حاول اليابانيون والأوروبيون إيجاد طرق لزراعة الأسنان بعد الزهراوي بـ800 عام.
ثم توالت الأبحاث والتطورات، وحدث الانقلاب العظيم في زراعة الأسنان مصادفة عام 1952 على يد البروفيسور برانمارك في مختبر متواضع أثناء عمله على أبحاث تتعلق بالتئام الجروح، إذ قام بتركيب غرف مجهرية في عظام الأرانب باستخدام براغ من التيتانيوم، وعندما حاول برانمارك بعد أشهر عدة إزالة هذه البراغي من العظام، تفاجأ أن التيتانيوم التصق تماما بعظام الأرنب ولم يستطع نزعه، وهذه كانت نقطة التحول في زراعة الأسنان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي