منوعات

هل تتأثر عمليات حشو عصب الأسنان في أمريكا بسبب الحرب في أوكرانيا ؟

هل تتأثر عمليات حشو عصب الأسنان في أمريكا بسبب الحرب في أوكرانيا ؟

تلقي الحرب الدائرة في أوكرانيا، بظلالها القاتمة على شتى مناحي الحياة في العالم أجمع، نظرا لتأثر سلاسل التوريد العالمية جراء توقف أو تأخر تصدير العديد من السلع الاستراتيجية من روسيا وأوكرانيا، مثل النفط والغاز الطبيعي والقمح والزيوت وغيرها.

ولكن عند تدقيق النظر في أبعاد هذه الأزمة، تجد أنها قد تفاقمت وتشعبت حتى صارت تمس أدق تفاصيل حياة المواطن العادي في دول تبعد آلاف الأميال عن ساحات المعارك في أوكرانيا، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو أن هذه الحرب صارت تؤثر على من يشكون آلام الأسنان في أمريكا.

وتعتبر روسيا وأوكرانيا من أهم الدول المصدرة لنترات الأمونيا والغاز الطبيعي، ومن المعروف أن تكريرهما ينتج عنه استخلاص مادتين غازيتين لهما أهمية كبيرة في مجال الرعاية الصحية، وهما أكسيد النتروجين والهليوم، المعروف باسم "غاز الضحك"، حيث يستخدمان في ملايين الإجراءات الطبية كل يوم، وبالتالي فإن نقصهما يجعل كل عملية علاج جذور للأسنان أكثر إيلاما، وكل أشعة رنين مغناطيسي أكثر تكلفة.

وتشير تقارير إلى أن نقص الغازين تسبب باضطرابات أكبر في منظومة توريد احتياجات الرعاية الصحية في أمريكا. ويقول ويلي هوب الباحث في جامعة ميتشجن ، المتخصص في سلاسل توريد المستلزمات الطبية "النقص الذي نكابده اليوم يتشكل منذ سنوات، وبالتالي فهو لم يكن بمثابة مفاجأة لأحد".

ويترأس ويلي هوب مجموعة عمل تضم باحثين من الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب، مكلفة بإعداد تقرير بشأن تأمين الامدادات الخاصة بالصناعات الأمريكية، مضيفا "إن هذه المشكلات لم تتناولها الحكومة ولا القطاع الخاص في وقت سابق، ولكن صار عليهما الآن مواجهة هذه الأزمة بعد أن أصبحت تهدد صحة المواطن الأمريكي.

وبدأت مشكلات سلاسل توريد الاحتياجات الطبية تظهر في أمريكا خلال الجائحة، مثل نقص ألبان الأطفال بعد اغلاق أحد مصانع الألبان في ميتشجن بسبب مشكلة تلوث، وكذلك نقص بعض الأصباغ الطبية التي تستخدم في الأشعة التشخيصية بسبب اغلاق مصنع ينتج هذه الأصباغ في شنغهاي في إطار إجراءات الوقاية من كورونا، فضلا عن مشكلة نقص أدوات الحماية من العدوى التي يحتاجها العاملون في مجال الرعاية الصحية مثل كمامات الوجه، والتي كان العالم بأسره يعاني منها عند بدء الجائحة.

وقال بوب كارشر، المدير التنفيذي لشركة "بريميار" للخدمات التعاقدية والتي تعمل في مجال المشتريات، "إن الهليوم عنصر رائع في مجال تصريف الحرارة، ويستخدم في أجهزة اشعة الرنين المغناطيسي والأشعة السينية"، وأكد أن "توريدات الهليوم تعثرت لبعض الوقت، وتفاقمت مؤخرا بسبب الحرب".

وبعد نشوب الحرب، أصبحت موسكو ترسل كميات أقل من الغاز الطبيعي إلى الدول الغربية، وهو ما دفع دول أخرى في العالم لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر أنابيب بدلا من شحنه في صورة غاز مسال، وقد ترتب على ذلك نقص في إمدادات الهليوم بشكل غير مباشر، نظرا لأن تحويل الغاز الطبيعي إلى الصورة المسالة في العادة يترتب عليه ازالة مادة الهليوم منه، وبالتالي استخدامها في أغراض أخرى.

وهكذا، فإن الاتجاه إلى شحن الغاز الطبيعي عبر الأنابيب قد تسبب بشكل غير مقصود في نقص كمية الهليوم التي تستخدم في الأغراض الصناعية، ويقول هوب إن تكلفة غاز الهليوم بالنسبة اللازمة لتشغيل جهاز رنين مغناطيسي كانت تبلغ 34 ألف دولار في 2019، مضيفا "من المؤكد أن هذه التكلفة قد ارتفعت الآن، واعتقد أن هذا النقص سوف يكون خطيرا لدرجة قد تؤدي إلى اغلاق بعض أجهزة الرنين المغناطيسي" في أمريكا.

ولا تقتصر مشكلة نقص الغازات الطبية على الهليوم فقط، فروسيا تقوم أيضا بتوريد 40 % من أكسيد النتروجين الذي تستخدمه عيادات الاسنان أثناء الجراحات، وذكرت دونا كرافت المسؤولة في شركة بريميار أن الشركة رصدت "ضغوطا سعرية وارتفاعا في التكاليف" وسوف تؤثر على الأرجح على جراحات الأسنان، وحذر كارشر أن القطاع الطبي قد يجد صعوبة في توفير احتياجاته من الغازات الطبية في المستقبل، حيث ربما يفضل الموردون ارسال بضاعتهم إلى من يدفع أكثر خارج مجال الرعاية الصحية.

وتقول منظمة "إي سي أر أي" الأمريكية للسلامة والجودة في مجال الصحة إن الموردين في مجال الرعاية الطبية اعتادوا على تطبيق استراتيجية توفير الاحتياجات في اللحظة الأخيرة من أجل خفض تكاليف التخزين، وقد تبدو هذه الاستراتيجية مقبولة عندما تكون الأمور هادئة، ولكنها قد تؤدي إلى مشكلات في حالات الأزمات مثل الأوبئة أو الحروب.

ونظرا لأن اختناقات التوريدات هي وليدة قرارات اتخذت منذ سنوات، فإن حلها يتطلب أكثر من مجرد ردود فعل قصيرة الأجل، ويقول هوب "عندما تصل أزمة نقص الاحتياجات الطبية إلى ذروتها، فإن الخيارات المتاحة أمام الحكومة سوف تكون محدودة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات