الانتخابات الكويتية والهموم الاقتصادية
يذهب الناخبون في الكويت إلى صناديق الاقتراع اليوم لانتخاب 50 عضوا من بين أكثر من 200 مرشح للمجلس التشريعي أو مجلس الأمة للمرة الثانية في غضون سنة. يشار إلى أن آخر نسخة للانتخابات النيابية جرت بتاريخ 17 أيار (مايو) من عام 2008.
تشتهر الكويت بحل المجلس التشريعي بصورة دورية نتيجة مباشرة للتوترات المتكررة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. فمنذ بدء الحياة الديمقراطية في الكويت في 1962 تعرض مجلس الأمة للحل ست مرات بدأت 1976 في أعقاب استقالة الحكومة على خلفية اتهامات متبادلة مع أعضاء من مجلس الأمة بتعطيل مشاريع القوانين. ونظرا لأن الحل كان غير دستوري لم يتعلق الأمر بفترة زمنية حيث استمر لقرابة أربع سنوات ونصف السنة.
كما حدث حل غير دستوري آخر للمجلس في عام 1986 في أعقاب أزمة سوق المناخ, أي الأوراق المالية, وما ترتب على ذلك من تشكيل لجان تحقيق برلمانية واستجواب عديد من الوزراء، حيث فضل بعضهم الاستقالة. وبقي المجلس معطلا لأكثر من ست سنوات.
حل دستوري
ثم بدأت مسيرة الحل الدستوري وفق المادة 107 من الدستور ما يعني إجراء انتخابات أخرى في غضون شهرين من الزمان بدءا من عام 1999 بحجة الاستخدام المفرط للأدوات البرلمانية من قبل بعض أعضاء السلطة التشريعية. كما حدث حل آخر في عام 2006 بسبب عدم التوافق على قانون تعديل الدوائر الانتخابية. وتم حل البرلمان مرة أخرى في عام 2008 على خلفية توجيه اتهامات نيابية للحكومة بالبطء في تنفيذ مشاريع تنموية في البلاد والفشل في تحديث الاقتصاد رغم العائدات النفطية المرتفعة آنذاك.
وحدث آخر حل للمجلس بتاريخ 18 آذار (مارس) الماضي بعد أن تفاقمت المشكلات السياسية نظرا لطلبات الاستجواب المتكررة لرئيس الوزراء تمحورت حول طريقة معالجة التحديات التي تواجه البلاد, ومن بينها تداعيات الأزمة المالية.
نواب اقتصاديون
يشكل الوضع الاقتصادي محورا مهما بالنسبة للمجتمع التجاري, فهناك أمل بفوز أفراد يقدرون أهمية الاقتصاد بالنسبة لمشاريع القوانين المطروحة تحت قبلة البرلمان. من جملة الأمور، سيحصل أعضاء مجلس الأمة المنتخبين على فرصة إقرار أو تعليق قانون الاستقرار المالي الذي أقرته الحكومة بعد حل المجلس. ينص القانون على توفير ضمان حكومي بنسبة 50 في المائة من القروض الجديدة التي تقدمها المصارف للمؤسسات الاستثمارية المحلية في كل من 2009 و2010. إضافة إلى ذلك، ينص القانون على تقديم ضمانات حكومية تمتد حتى 15 عاما ضد أي عجز في المخصصات التي تحددها المصارف لمواجهة الديون السابقة نظرا لحدوث تراجع في قيمة الأصول الضامنة.
تتوقع السلطات أن تبلغ القيمة الكلية للتسهيلات المصرفية أقل من 14 مليار دولار في الفترة المنظورة. ويكمن الهدف الرئيس لهذه الخطوة في تشجيع البنوك على تقديم قروض جديدة للشركات المحلية لغرض مواجهة مشكلة نقص السيولة. ومن شأن القانون توفير السيولة للمؤسسات الاستثمارية المتعثرة للوفاء بالتزاماتها المالية التي تزيد على 13 مليار دولار.
الإصلاحات الاقتصادية
كما تقتضي مصلحة المجتمع التجاري وصول أشخاص سيساعدون الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وخصوصا الإسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة. يرتكز البرنامج على تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي عن طريق بيع بعض المؤسسات المملوكة للقطاع العام. وكانت الحكومة الكويتية قد اشترت بعض المؤسسات والاستثمارات, وذلك في أعقاب أزمة سوق المناخ في عام 1982 حيث حدث انهيار للأسهم في السوق غير الرسمية.
وكانت الحكومة الكويتية قد نجحت قبل فترة في تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية وفي مقدمتها السماح للبنوك الأجنبية بالعمل داخل البلاد فضلا عن خصخصة محطات البترول. ويتوقع أن تؤدي عملية الإصلاحات الاقتصادية إلى تحقيق هدف آخر ألا وهو تشجيع المواطنين للعمل في مؤسسات القطاع الخاص. فحسب الإحصاءات الرسمية يعمل نحو 90 في المائة من المواطنين في مؤسسات القطاع العام.
وقد ثبت بالتجربة أن مجلس الأمة قادر على التأثير في الخيارات الاقتصادية للبلاد بدليل اضطرار الحكومة في نهاية 2008 لإلغاء عقد شراكة بقيمة 7.5 مليار دولار مع شركة داو كيميكال الأمريكية بعد ظهور شكوك حول جدواه. وفي وقت سابق من العام الجاري، تخلت الحكومة عن مشروع إنشاء مصفاة جديدة للبترول بقيمة 15 مليار دولار وسعة إنتاج 630 ألف برميل يوميا بعد تعرضه لانتقادات نيابية حول ضخامة التكلفة. وعلى هذا الأساس لم يكن غريبا الإعلان عن مشروع بقيمة تسعة مليارات دولار لتشييد مصفاة في الصين في مشروع شراكة بين شركة نفط الكويت الوطنية ومؤسسة سينوبك الصينية أثناء زيارة أمير الكويت للمارد الآسيوي الأسبوع الماضي.
ختاما: تسهم الانتخابات النيابية في تدفق أموال ضخمة داخل الاقتصاد الوطني. وتقدر القيمة الكلية للفاتورة الانتخابية لمجلس الأمة لعام 2009 بنحو 200 مليون دولار, ما يعني أن الاقتصاد الكويتي يستفيد من العملية السياسية في البلاد. لكن يمكن القول إن الاقتصاد الكويتي في حاجة إلى استقرار سياسي - اقتصادي في ضوء استمرار الأزمة المالية العالمية.