مليون ريال
تصل بعض الشقق في الرياض إلى مليون ريال، الشقة المعتادة، ثلاث غرف نوم، ومساحة بين 100 - 130 مترا مربعا، أما الشقق الفاخرة والأكثر مساحة أو ذات الطابقين، فأسعارها اليوم في حدود 1.5 مليون ريال.
لا أعرف أو حتى يعرف المحللون العقاريون إلى أين تتجه الأسعار؟ نعرف بعض العوامل المهمة والطبيعية، فالرياض اليوم مركز استقطاب كبير للهجرة الداخلية، والإقليمية، والمشاريع والفعاليات تزدهر، وفرص العمل تزداد، وهذا من طبيعة المدن الكبرى، الكبرى جدا، تصبح الفرص فيها كثيرة، لكن المعيشة تصبح مكلفة، خاصة فيما يتعلق بشراء أو استئجار المساكن.
ربما خلال أعوام تصبح قيمة ما يسمى "الاستديو" مليون ريال، و"الاستديو" هو غرفة واحدة وصالة، وهو كمنتج عقاري منتشر في المدن الكبرى حول العالم، لكن انتشاره لدينا لا يزال محدودا.
متوسط أجور الشباب والشابات لا يقارب هذه المستويات من الأسعار، وهناك عمليا ارتفاع في نسبة الطلب لا يقابله ارتفاع في العرض بالمستوى نفسه، ورغم الجهود والإنجازات التي تحققت في قطاع الإسكان ضمن الرؤية السعودية، وتجاوز المستهدفات قبل وقتها، إلا أن الواضح أن الرياض تستقطب الناس بوتيرة أسرع.
هناك مخاض اجتماعي ضمن هذا الواقع، فالطلب يزيد على الشقق، والشقق تصغر يوما بعد يوم، وقد دخلت أكثر من واحدة لقريب أو صديق ووجدت أن الغرف صغيرة إلى درجة أنهم لا يستطيعون وضع غرفة نوم كاملة في إحداها، ويجب أن يكون السرير في واحدة، وخزانة الملابس في الأخرى، أي أن الشاب عمليا لديه غرفة واحدة فقط إضافية، فهو إما يتخلى عن فكرة إنجاب أكثر من طفلين، وإما يتخلى وزوجته عن خزانة الملابس، أو تغيير السريرين إلى سرير بطابقين.
هناك مساحات شاسعة على امتدادات بعض الطرق في الرياض لا يعرف إن كانت مجمدة من العقاريين، أو محددة لمشاريع عملاقة ستأتي، أو هي لا تزال موضع خلاف في الملكية، وأحسب أن حل ملفاتها، و"حلحلتها" ستزيد العرض قليلا، وربما تتنفس الأسعار.
أيضا يبدو من المهم التفكير في توسيع مشروع قطار الرياض في المستقبل ليشمل ضواحي وقرى يمكن أن تستوعب كثيرا من السكان إذا توافرت مواصلات سريعة منها وإليها.
المليون ليس رقما صغيرا على الشباب، بل إن شريحة كبيرة منهم لا يمكنهم الحصول على تمويل بهذا القدر حتى لو قسطوه على ربع قرن، فلا بد إذن من تسريع بعض الحلول، ولا بد من وثبة أخرى للإسكان كالوثبات الناجحة التي سابقت الزمن خلال الأعوام الخمسة الماضية.