ثقافة الاحتفال
وفقا لمعادلة الوقت كان الطلبة والطالبات ومعلموهم ومعلماتهم الأكثر حظا في إجازة يوم التأسيس، حيث صادفت إجازة أسبوعية مطولة مبرمجة في التقويم الدراسي من أول العام، وهم كما رأينا استجمعوا قوى الفرح في إجازة معتبرة امتدت من الثلاثاء الماضي حتى اليوم.
ووفقا لمعادلة الحب كان الجميع بالقدر نفسه على موعد مع ذكرى يوم التأسيس، واستذكار المنجز التاريخي، وتذكر القادم الأجمل، الذي نصنع نحن جماله، قيادة ومواطنون.
امتن الجميع لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على هذا القرار التاريخي، وعلى أن أصبح هذا اليوم إجازة رسمية، فالإجازة هي الحد الأدنى من الاحتفاء، وأولى خطوات الاحتفال وهي جعلت الجميع بمن فيهم المقيمون يشاركون في كل الفعاليات التي تمت بنجاح وفرح.
أقيم كثير من مظاهر الاحتفال، ولعلكم لاحظتم أن بعض السلوكيات التي نشهدها من بعض المراهقين تقل مع كل احتفاء وطني، وهذه المرة لم يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة، وقوبلت بحزم قانوني مهيب.
كتبت قبل أعوام عن أن المثقفين وجدوا في كلمة "احتفال" ما يلائم الإرث الحضاري العربي الإسلامي، خاصة في مجال الإبداعات الشعبية، كما أنه يلائم كثيرا تلك الطقوس التي عرفها الإنسان، لقد وجدوا فيه الشكل التعبيري الذي تولدت عنه كل الفنون الأخرى من رقص، شعر، غناء ورسم وما إلى ذلك، لذا تقرر عد كلمة "احتفال" مصطلحا خاصا، لأنه قادر على استيعاب الإبداعات كلها.
يعد الاحتفال التظاهرة الإنسانية الأزلية التي تعكس الثقافة والفكر كما هو سائد عند بعض المفكرين مثل، ميكائيل باختين، ألفريد سيمون، وهو عند جان جاك روسو صراع ضد كل ما هو ساكن، ما هو جامد، إنه تقييم لما هو عادي لإظهاره على حقيقته.
إظهار الفرح الجماعي بشكل منظم بات اليوم جزءا من ثقافتنا، المتنوعة والجميلة، المتسامحة، والمحترمة للجميع، المبتهجة التي تقبل على مستقبلها بثقة، وتعمل بجد وإخلاص على أن تحقق رؤيتها الجميلة.
كلما كثرت مظاهر الاحتفال وانتظمت رسميا وشعبيا، صعب على أي فوضوي أو شاذ أن يمارس أي شيء لا يمت للفرح بصلة، فالمجتمع ذاته بات يلفظ تلقائيا أي مفسد للفرح.
لم يعد هناك من "يقنن" الفرح، ويلجم الروح الاحتفالية التي هي جزء من ترسيخ المناسبة في العقل الجمعي وترويجها للعالم.
كل احتفال وفرح والجميع بخير.