خلق الأمانة

تعد الأخلاق الكريمة من أهم ركائز رقي المجتمعات وتطورها ومن أبرز عوامل نشر المحبة بين مختلف فئات المجتمع رجاله ونسائه صغاره وكباره، وتأتي الأمانة في مقدمة تلك الأخلاق. وقد يتبادر إلى الذهن عند ذكر الأمانة أنها تخص الأموال فقط، ولكن الواقع خلاف ذلك، فهي تتعدى هذا المفهوم القاصر لتشمل كل جوانب الحياة المختلفة. وبتطبيق الأمانة ينعم الجميع بالطمأنينة والرضا والسكينة فالأمانة هي الصدق والإخلاص في فعل الشيء والوفاء بالعهد والثبات عليه.
هي حق الله على عباده وما شرعه لهم من توحيده والإخلاص له وسائر ما أوجبه عليهم وترك ما حرمه عليهم، ويشمل ذلك أيضا حقوق العباد، ولذا أبت السماوات والأرض والجبال من حملها، "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.. الآية". الأمانة دليل على كمال الإيمان فالصادق في إيمانه لا يخون وهي سبب في انتشار الأمن وحفظ الأعراض والأموال وركن من أركان تماسك المجتمعات وقوتها، وهي خلق كريم يحب صاحبه ويثنى عليه، بل إن الحق سبحانه وتعالى امتدح من يتصف بها، "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"، "إن خير من استأجرت القوي الأمين".
الأمانة مسؤولية الجميع كبارا وصغارا فالكل راع ومسؤول عن رعيته. لا حدود لمفهوم الأمانة فهي تشمل كل شيء فالدين أمانة والكلمة أمانة والحواس كلها أمانة والأجسام أمانة والقضاء أمانة وأي أمر يكلف به الإنسان ويتولاه فهو مؤتمن على أدائه بأفضل صورة ممكنة، وفي الحديث، "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".
المحافظة على أسرار العمل ورعاية مصالح القطاع الذي يعمل فيه الإنسان أمانة سيسأل عنها وإلا ستكون فيه إحدى علامات المنافقين من أنه إذا أؤتمن خان. من الملاحظ أخيرا مع سهولة تداول المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن الأمانة اكتسبت أبعادا جديدة وحساسة إذا ما أخل الإنسان بما أوكل إليه من مهام.

وما حمل الإنسان مثل أمانة
أشق عليه حين يحملها حملا
فإن أنت حملت الأمانة فاصطبر
عليها فقد حملت من أمرها ثقلا

والشاعر الشعبي يشير إلى سبب قلة الأمانة من وجهة نظره فيقول:

يا حيف راحوا حاملين الأمانة
وتقصيرنا بالدين هو رأس الأسباب

الأمانة خلق رفيع لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال لصلاح الفرد والمجتمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي