«الحظ» هنا .. وهناك
هل حان الوقت لتجزئة قيمة الأسهم السعودية إلى وحدات صغيرة جدا؟ ربما يجدر التفكير مليا في ذلك لكسب إقبال الشباب، الشباب الصغار نسبيا بالنسبة إلى متوسط أعمار المستثمرين، وهم صغار أيضا بالنسبة إلى دخولهم المادية.
لعل كل والد أو والدة يلحظ اهتماما متزايدا من الأبناء بالاستثمار في بعض الأسواق الخارجية الكبرى، خصوصا الولايات المتحدة، وهو اهتمام ـ في رأيي ـ غير ناضج لكون أغلبهم يبحث عن ضربة حظ في عملة رقمية جديدة، أو سهم شركة تقنية أو تطبيق جديد أو أشياء من هذا القبيل.
يلح علي شابان أو ثلاثة في محيطي الصغير أن أجرب السوق الأمريكية بمبلغ صغير، وأقول لهم دوما إنني لا أبحث عن ضربة حظ بقدر ما أبحث في سني ووضعي المعيشي الحالي عن الاستقرار في الاستثمار، والبحث عن عوائد.
لاحظت أن جدالهم ينطلق دوما من أنهم يستثمرون مبالغ صغيرة جدا من مصروفهم أو رواتبهم الصغيرة، مبالغ لا تتجاوز الخانتين في بعض الأحيان، ويتحدثون عن أسهم بدولار أو نصف دولار قائلين لي، "حط لك 100 دولار وجرب حظك".
عندما عرضت عليهم الاكتتاب في شركة سعودية طرحت أخيرا ولديها تطبيق توصيل ناجح ردوا بأنهم لا يملكون قيمة السهم الواحد الذي كان نحو ألف ريال، فضلا عن قيمة عشرة أسهم هي الحد الأدنى للاكتتاب، والحجة نفسها بخصوص اكتتاب شركة تقنية سعودية ناجحة أيضا بدأ الخميس الماضي، وينتهي غدا لأن سعر سهمها الواحد فوق الـ100 ريال والحد الأدنى للاكتتاب عشرة أسهم.
لا أقصد التدخل في تقييم الشركات الجديدة التي تطرح في السوق، أو قيمة الشركات الموجودة أصلا في السوق، الفكرة باختصار تجزئة الأسعار إلى الحد الذي يجعل الشباب يمكن أن "يجربوا حظهم" كما هي الجملة الأشهر بينهم في هذا الشأن.
أيضا لماذا عشرة أسهم هي الحد الأدنى للاكتتاب؟ لماذا ليس سهمين مثلا؟ وهذا سؤال مشروع بدأ الشباب يطرحونه علينا ولا نجد لهم إجابة شافية.
أحسب أن زيادة ارتباط الناشئة بالسوق السعودية فيه توطين أكثر للاستثمارات، وفيه زيادة في وعيهم بالناجحين والفاشلين في سوقهم، وأيضا فيه تقريب لهم لأفكار الاستثمار الحقيقية والادخار بدلا من أفكار "الضربات" التي ينتظرون أن تحصل فجأة وهم يشترون في شركات أجنبية بالكاد يتذكرون اسمها أو حتى نشاطها.
زيادة إقبال الشباب سيسهم في تحقيق أهداف تطوير القطاع المالي، وتنمية ثقافتي الادخار والاستثمار، فهل يمكن إعادة النظر في تجزئة جديدة لأسعار الأسهم؟