الصحيح الذي يصح
تبدو مقولة "لا يصح إلا الصحيح" متوارية عن الأنظار قليلا في زخم الإعلام الاجتماعي ومنصات "عدم الإنصات" كما أسميها، إذ الجميع يتحدث ولا أحد ينصت لسبب بسيط، أن هناك سباقا على الظهور العشوائي، والاستهلاك الإعلامي الممل والمكرر.
تذكرت هذه المقولة وأنها حقيقة أثبتتها التجربة التاريخية للإنسان وأنا أتابع خلال أسبوع كامل تقارير وتغطيات قناة الإخبارية السعودية لموضوع "الشذوذ الجنسي"، فعلى مدى أسبوع كان لقناتنا الوطنية حضور لافت جاوز المستويات المعهودة للإعلام المرئي الرسمي، وبعض ذلك الخاص من حولنا.
استعير من زميلنا زياد الدريس وصفه لأحد تقارير الإخبارية بأنه "مغاير للتقارير النمطية" وهو يقصد من حيث التخفف من مسألة التحسس في مناقشة بعض القضايا وبعض الشخصيات، واستضافة متحدثين من العيار الثقيل محليا وأجنبيا، والبعد عن الكلام الإنشائي في الدفاع عن الوطن، ومبادئه، إضافة إلى الإخراج واللمسات الفنية الرائعة.
الحقيقة أن قناتنا الإخبارية تنمو شعبيتها باطراد لأنها استفادت من المناخ العام الذي يحث على المنافسة، واستثمرت في الطاقات السعودية بدءا من الإدارة التنفيذية أو العليا، وليس انتهاء بالشباب والشابات الموهوبين الذين لم يمنحوا الفرصة من قبل.
أقصد بالمناخ العام في السعودية ما يحدث نتيجة الروح التي تبثها القيادة الحكيمة من خلال الرؤية الجميلة، ومن خلال الجرأة في التغيير، والسرعة في التنفيذ، وأحسب أن كل ذلك يحتاج إلى إعلام قوي ومؤثر يوصل أفكارنا ورؤانا، ويكون جزءا حقيقا ملموسا من قوتنا الناعمة.
في الإخبارية مواهب واعدة يجدر متابعتها وتشجيعها فهي تقدم أفضل بكثير من أسماء كبيرة، وأذكر ـ مثالا لا حصرا ـ الشاب محمد الوهيبي وتقريره التلفزيوني "الجاليات والتغيرات السكانية" الذي يعطيكم فكرة عن ماذا أتحدث.
أثبتت السعودية عبر مواقفها أنه لا يصح إلا الصحيح ولو طال الزمن، وها هي الإخبارية كإحدى ثمرات ما يحدث في السعودية تثبت في مجال الإعلام والمحتوى أنه أيضا لا يصح إلا الصحيح، فشكرا لبلادي، وشكرا لقناتنا التي تسير نحو أن تكون الخيار الأول للمشاهد في المنطقة عبر التلفزيون أو عبر حساباتها في التواصل الاجتماعي، المشاهد الباحث عن الخبر الدقيق، والتقارير الجريئة والرصينة.
لطالما أعجبتني مقولة "المحتوى هو الملك" ووسائل الإعلام السعودية المقروءة والمرئية التي تحافظ على هذه الفكرة، وتتبناها يمكن أن تنافس بقوة على الاستقطاب، ونحن نحتاج إلى الاستقطاب ليعرف الناس بماذا نؤمن، وكيف ينعكس إيماننا على حياتنا، فربما اقتدوا بنا، أو على الأقل أصبحوا محايدين تجاهنا.