العمالة الوطنية الخليجية ويوم العمال
توفر مناسبة الأول من أيار (مايو) ذكرى يوم العمال, فرصة ملائمة للحديث حول التحديات التي تواجه العمالة الوطنية الخليجية. ونركز حديثنا على ما جاء من حقائق وآراء حول العمالة الوطنية الخليجية ضمن دراسة حديثة تحمل عنوان: تحديات رأس المال البشري في العالم العربي. شركة (برايس وتر هاوس كوبر) هي من أعدت الدراسة لمصلحة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.
نقص العمالة الماهرة
من جملة الأمور، بينت الدراسة ميل متخذي القرارات في المؤسسات العاملة في دول مجلس التعاون, إلى توظيف العمالة الوافدة بحجة نقص العمالة الوطنية الماهرة. في التفاصيل، أبدى 29 في المائة من التنفيذيين في الكويت رضاهم من كفاية عرض العمالة الوطنية الماهرة مقابل 14 في المائة في الإمارات و12 في المائة فقط في البحرين. الأمر المؤكد هو أنه لا يمكن التقليل من أهمية تصورات الرؤساء التنفيذيين, لكونهم من يتخذون قرارات التوظيف والترقيات في نهاية المطاف.
إضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن وجود مستويات رضا قياسية بالنسبة للمديرين الأجانب. فقد أكد 90 في المائة من الرؤساء التنفيذيين الخليجيين رضاهم من كفاءة وإنتاجية كبار المديرين الوافدين العاملين في مؤسساتهم. في المقابل، أبدى 68 في المائة فقط ممن شاركوا في الاستبانة تقديرهم لكبار المديرين المواطنين.
كما أظهر 92 في المائة من الرؤساء التنفيذيين الخليجيين رضاهم من الوافدين العاملين ضمن الإدارة المتوسطة, واصفين إياهم بأنهم يتمتعون بمستويات رفيعة. في المقابل، أكد 55 في المائة من المديرين التنفيذيين الخليجيين رضاهم من نوعية المديرين المواطنين ضمن الإدارة المتوسطة. وتؤكد هذه النتائج الحاجة الماسة إلى إخضاع المديرين الخليجيين الحاليين والمرشحين لدورات تدريبية مستمرة لضمان تمتعهم بأفضل السبل الإدارية الكفيلة بإنجاح المؤسسات.
مجتمع يافع
من جهة أخرى، زعمت الدراسة أن 80 في المائة من سكان دول مجلس التعاون الخليجي تقل أعمارهم عن 25 سنة, ويشكل هذا الرقم فرصة وتحديا في الوقت نفسه. يكمن الجانب الإيجابي بتوقع دخول أعداد كبيرة من رعايا دول المجلس سوق العمل في السنوات المقبلة, ما يعزز من مستوى العرض. لكن هناك تحدي ضمان توافر فرص عمل تتناسب وتطلعات الداخلين الجدد من حيث نوعية الوظائف والرواتب.
وحسب متابعتنا, فقد كشفت إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط أن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في الدول الخليجية التي تعاني البطالة. بالنسبة للسعودية، بينت الإحصاءات أن 46 في المائة من العاطلين الذكور هم من الفئة العمرية 20 حتى 24 سنة. وفيما يخص الإناث، لوحظ أن 45 في المائة من العاطلات هن من الفئة العمرية 25 إلى 29 سنة. لا شك أن تخسر اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي بعض الشيء بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب, أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء.
الإناث في سوق العمل
كما توقعت دراسة تحديات رأس المال البشري في العالم العربي, دخول مزيد من الإناث الخليجيات سوق العمل بغية حصولهن على فرص التعليم والتدريب. يعد هذا التطور أمرا حسنا بحد ذاته, لأنه يعد توظيفا صحيحا لرأس المال البشري, لكن المشكلة تكمن في توفير وظائف تتلاءم والظروف الاجتماعية للإناث.
تؤكد الإحصاءات القليلة المتوافرة, أن الإناث يشكلن أغلبية العاطلين في دول مجلس التعاون الخليجي. تشكل الإناث 82 في المائة من مجموع العاطلين في البحرين. وفي السعودية، ارتفعت نسبة البطالة في أوساط الإناث من 24.7 في المائة في النصف الأول من عام 2006 إلى 26.6 في المائة في النصف الأول من عام 2007, بالمقارنة، تراوحت نسبة البطالة في أوساط الذكور في حدود 8 في المائة في الفترة نفسها. يعتقد أن هناك تمييزا ضد الإناث بشكل عام لأسباب واهية, منها تداعيات الحمل.
معضلة البطالة
تعاني بعض دول الخليج معضلة البطالة في الوقت الحاضر. يعتقد على نطاق واسع أن النسبة لا تقل عن 15 في المائة في أوساط المواطنين المؤهلين للتوظيف في عمان. ويمكن فهم قرار السلطات العمانية أخيرا بتحديد 16 مهنة للمواطنين, وذلك بالنظر إلى معضلة البطالة في أوساط المواطنين. وتشمل هذه الوظائف الاستيراد والتصدير، الحلاقة، تصليح الإلكترونيات، تصليح السيارات، الحدادة، السباكة، الخراطة، وبيع الأقمشة.
المشهور أن المواطن الخليجي لا يرغب في العمل في قطاع الإنشاء, وله مطلق الحرية, ما يوفر الفرصة للعمالة الأجنبية بالسيطرة على أغلبية فرص الوظائف الجديدة. حسب الإحصاءات الرسمية، استحوذ الأجانب على 96 في المائة من فرص العمل الجديدة, التي أوجدها القطاع الخاص في البحرين في عام 2008. وتفسر هذه الحقيقة أحد أسباب ظاهرة البطالة في البحرين, التي تبلغ 8 في المائة من القوى العاملة الوطنية. وفي عمان استحوذت العمالة الأجنبية على 79 في المائة من 580 ألف وظيفة في أوساط العمالة الوطنية الخليجية ستشكل هاجسا لفترة غير قصيرة, ما يتطلب تضافر الجهود الرسمية قبل استفحال المعضلة.