البنوك بين الثقة والاحتيال
لا يمكن فهم وقبول أن البنك بكل قدراته البشرية والتقنية وأنظمته المشددة يفرط بحقوق عميل بسبب أن الأخير بحسن نية أو بجهل أعطى متصلا ـ لا يعلم أنه محتال ـ أربعة أرقام التحقق خاصته، صحيح أنه أخطأ خطأ جسيما لكن لو حدث من البنك تحويل مبلغ مالي بالخطأ لحساب هذا العميل أو غيره لاستعاده البنك بسهولة ويسر، ولجنة البنوك الإعلامية دشنت حملة تحت عنوان "لا يبيعونك" توعية للعملاء بضرورة حماية البيانات الرقمية حذرا من وقوع في فخ الاحتيال المتنوع، والمشكلة أن العميل لا يسيطر سوى على شباك وحيد وكلمة "لا يبيعونك" حمالة أوجه فمن هم الذين لا يبيعونه وكم عددهم المحتمل، لو أن الحملة حددت ذلك بشفافية ووضوح لكان الأثر أعمق.
العلاقة بين البنك والعميل أكبر من أن يقال له "ما لنا شغل" ولو ظهرت إحصائيات عن أكثر البنوك التي تتعرض فيها حسابات العملاء للاحتيال لشهدنا هجرة تجبرها على استجداء العملاء، هذه العلاقة مبنية على الثقة بأن يحافظ البنك على حقوق العميل والملاحظ من قضايا ظهرت في مقاطع أعلن أصحابها تعرضهم للاحتيال والسحب بمبالغ كبيرة من أرصدتهم، أو مما نسمع ممن نثق بهم أن العميل إذا ذهب للبنك مسرعا محاولا تدارك الخطر يواجه ببرود من موظف البنك بل قد يصل إلى "التخذيل" بأنه لا يمكن فعل شيء! كيف ذاك والحساب "المحتال" المحول إليه في بنك يتعامل معه هذا البنك وهناك اتفاقيات ثم إن كل عملية تحتاج إلى وقت ومع كثرة قصص الاحتيالات يفترض بإدارة البنك اليقظة أكثر.
تفترض البنوك ومن يشرف عليها أن الكل من العملاء على الدرجة نفسها من النضج في التعامل الرقمي والمعرفة والعلم بالمستجدات، وفي هذا تفريط بحقوق عملاء ليسوا على علم أو دراية أو قدرة ذهنية أو مهارة رقمية، فهل يترك هؤلاء ضحايا للمحتالين! لقد أضعفت هذه القضايا الثقة في إدارات البنوك وفي القطاع نفسه وهو الذي يتفاخر بأنه الأحدث تقنية في الشرق الأوسط، وإذا كانت التقنية تحولت إلى ثقوب للاحتيال فيجب التعامل معها بسرعة تقنية تثبت أحقية التقدم المتفاخر به، فلا يكتفى بحملات توعية. وكل حريص على سمعة البنوك السعودية ينتظر تحقيقات مستفيضة من البنك المركزي في قضايا الاحتيال الرقمي لسد الثغرات وكشف الشبهات واستعادة أموال ضحايا الاحتيال.