مناعة القطيع

لا شك أن مرض كورونا Covid-19 ملأ الدنيا وشاغل الناس هذه الأيام، فقد استمر وجوده فترة أطول مما توقعته الأوساط الصحية، ولم يكتف بذلك، بل أخذ يدفع بأشكال جديدة من الفيروسات المتحورة التي اجتاحت بعض الدول بشكل كبير. ولكون العالم مع سهولة التنقلات أصبح قرية واحدة فقد أدى ذلك إلى انتقال هذه المتحورات إلى عديد من الدول الأخرى.
وقد ظهر عديد من المصطلحات مع انتشار هذا الفيروس ومن تلك المصطلحات ما يعرف بمناعة القطيع Herd Immunity وتسمى أيضا مناعة السكان Population Immunity، التي تعرفها منظمة الصحة العالمية، بأنها الحماية غير المباشرة من مرض معد وتتحقق عندما يكتسب مجموعة سكانية ما المناعة من ذلك المرض، إما عن طريق اللقاح وإما الإصابة السابقة بالعدوى.
وتدعم المنظمة تحقيق هذه المناعة عن طريق التطعيم وليس السماح للمرض بالانتشار في أوساط أي شريحة سكانية، لما قد ينتج عن ذلك من حالات ووفيات بجانب أنه عمل غير إنساني وقد لا تتمكن السلطات الصحية في الدول من السيطرة عليها. وعلى الرغم من مضي فترة طويلة منذ بدء هذه الجائحة في الانتشار إلا أن نسبة السكان الذين يجب تطعيمهم للوصول إلى المناعة المجتمعية لا تزال غير معروفة.
ومن واقع التجارب السابقة، فإنه على سبيل المثال في مرض الحصبة يلزم تطعيم ما نسبته 95 في المائة من السكان للحصول على مناعة القطيع، على حين يكفي تطعيم 80 في المائة بالنسبة إلى شلل الأطفال. وتشير الأوساط العلمية إلى أنه من المسببات التي تعيق فكرة هذه الاستراتيجية هو التطور الجيني لفيروس كورونا وظهور سلالات متحورة جديدة بين الحين والآخر.
ولذا فإنه للوصول إلى المناعة السكانية، فإنه يلزم أن يتلقى معظم الناس اللقاحات المضادة، وهذا ما ثبت سابقا من خلال التجارب الماضية في السيطرة على عديد من الأمراض المعدية، كالجدري وشلل الأطفال والحصبة وغير ذلك، ومن هنا تظهر أهمية دعم الدول الفقيرة للحصول على اللقاحات اللازمة لتطعيم سكانها.
وقد قامت المملكة بدور كبير في هذا المجال سواء من خلال الدعم المباشر أو من خلال منظمة الصحة العالمية. وللحد من انتشار هذا الوباء، فإنه لا بد من تعاون دولي وثيق وفق استراتيجية واضحة المعالم تكون غايتها تطوير مناعة عالمية ضد هذا الفيروس تمهيدا للقضاء عليه - بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي