دمج الطب والإدارة
احتفلت أخيراً كل من كلية الطب وإدارة الإعمال في جامعة هارفارد بالانطلاقة الرسمية للبرنامج المشترك MD/MBA Program لمدة خمس سنوات والذي صمم لدعم الفكر المشترك بين الإدارة والطب بدمج المنهجين معاً بحيث يدرس الطالب السنين الثلاث الأولى في كلية الطب يكمل فيها متطلبات الطب وبعض مواد الإدارة وفي السنة الرابعة يتم الطالب متطلبات السنة الأولى لماجستير إدارة الأعمال وفي السنة الخامسة والأخيرة يجمع الطالب بين عدة مواد اختيارية من الطب وإدارة الأعمال معاً.
يهدف البرنامج إلى تخريج أطباء عبارة عن قادة يدعمون الحاجات الصحية للفرد والمجتمع. وفي حفل إطلاق البرنامج قام جاي لايت عميد كلية إدارة الأعمال بتقديم عميد كلية الطب ممثلاً للأطباء الذين جمعوا بين الإدارة والطب حيث واصل الأخير تعليمه بعد تخرجه في الطب في عدد من البرامج الإدارية التي تقدمها "هارفارد" للتنفيذيين. وأكد جاي لايت أن الهدف من البرنامج المشترك هو تخريج جيل من الأطباء يجمعون المهارات الطبية في عالم الطب مع مهارات قيادية وإدارية ومعرفة بكيفية بناء ودفع وتطوير وإدارة المؤسسات الطبية. ويتضح حاجة العالم حالياً لهذا النوع من الأطباء القياديين وتتزايد الحاجة مستقبلاً لهم حيث نلاحظ أن الأطباء الذين يفتقدون المعرفة القيادية والإدارية يجعلون هناك حاجة دائماً لمدير إداري ومدير طبي في معظم المستشفيات وتجد نوعا من الصعوبة لتلاقي الأفكار بين هاتين الخلفيتين في المستشفى أو المؤسسة الواحدة بسبب عدم تلاقي المعرفة في المجالين لتخدم المصلحة الواحدة على عكس الفرد الذي يجمع الخلفيتين وهذا ما يحتاجه أي مجتمع أخيراً هو دمج الإدارة مع التخصصات العلمية كافة ولو بجرعات بسيطة حتى يكون الهدف هو خلق وتقديم قادة متخصصين أكثر من مجرد تقديم متخصصين من جهة وقيادات من جهة أخرى لا تلتقي وجهات نظرهم مع البعض مما يدعو إلى خلق شريحة ثالثة تقوم بالتنسيق والتأليف بينهم. هذا النوع من الدمج الذي تقدمه "هارفارد" بين الطب والإدارة هو ليس بالخطوة غير المسبوقة وإنما امتداد لاندماجات أخرى شهدتها الجامعة ومنها البرنامج المشترك بين كلية الصحة العامة وكلية جون كينيدي للدراسات الحكومية والبرنامج المشترك بين كلية إدارة الأعمال وكلية القانون وجون كينيدي. وهذا ناتج عن الحاجة إلى جيل يجمع بين التخصص والإدارة العامة أو إدارة الأعمال. الدمج هذا لم يتم إلا بعد دراسة طويلة ومعرفة بالحاجة الملحة له ويبدو أن دمج التخصصات لم يقتصر على الشركات وإنما حتى في الجامعات ولا غرابة في ذلك فكثيرا ما تواجه أطباء أكفاء ولكن يجدون الصعوبة في رسم الخطط الإستراتيجية للمنشأة بل أن بعضهم لا يجيد إدارة فريق العمل، الذي قد لا يتجاوز عدة أفراد. كما نرى تربويين يجدون صعوبة في إدارة المدرسة وهذا ينتج عنه سلبيات لا تقل عن سلبيات الأخطاء التربوية نفسها. في جامعاتنا الأسلوب القديم مازال متبعا منذ عشرات السنين ويبدو أن المبادرة للتطوير ليست بمنأى عمن يمثلون الفكر والعلم في مجتمعاتنا، ولكن قد يكون هؤلاء من الإحباط الذي جعلهم لا يرغبون في تقصي حاجات المجتمع والعمل على تقديم الأفكار ليصبحوا مركز إبداع ولكن أصبح همّ معظمهم تقديم هذه المحاضرة من نفس المذكرة التي قدمها سلفه والموجودة على رفوف مكاتب خدمات الطالب. قد يكون من الأجدر قبل مطالبتهم بتقديم المزيد وإبداع الجديد أن يُسألوا عن أسباب الإحباط الذي نتج عنه الجمود وتدني مستوى الخريجين عاما بعد عام.