ضيق سوق النفط يتطلب تدخلا جديدا من «أوبك +» .. نقص الإمدادات يمهد لانفلات الأسعار

ضيق سوق النفط يتطلب تدخلا جديدا من «أوبك +» .. نقص الإمدادات يمهد لانفلات الأسعار
منتجو أوبك+ أكدوا التزامهم بسياسات مرنة تراعي مصالح كافة الأطراف في أسواق الطاقة.

استمرت أسعار النفط الخام في حصد المكاسب السعرية، وذلك استجابة لانخفاض يفوق التوقعات في مستوى المخزونات الأمريكية من النفط الخام والوقود، ما يعكس قوة وتيرة تعافي الطلب العالمي خاصة مع تبدد مخاوف تخمة المعروض على أثر تعثر المفاوضات النووية في فيينا.
وتترقب السوق اجتماع وزراء الطاقة في مجموعة "أوبك+" أول تموز (يوليو) المقبل لبحث تطورات السوق خاصة الانتعاش القوي في الطلب، وهو ما يرجح معه تخفيف مزيد من قيود خفض الإنتاج في آب (أغسطس) المقبل وسط تكهنات حول احتمال ضخ 500 ألف برميل يوميا بشكل إضافي عن الزيادات الراهنة.
ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون "إن ارتفاع خام برنت فوق 75 دولارا للبرميل يثير القلق في السوق خاصة في أوساط المستهلكين وأيضا بين المنتجين الذين يسعون إلى الحفاظ على الطلب قويا"، مشيرين إلى أن الضغوط التضخمية صارت الهاجس الأكبر في السوق وهو ما يلقي مزيدا من المسؤوليات على المنتجين لضبط التوازن في السوق خلال الاجتماع الوزاري المقبل.
ولفت المختصون إلى أن شركات النفط الدولية وحفارات النفط الصخري في الولايات المتحدة تفرض سيطرة أكثر صرامة على إنتاجها عما كانت عليه في التعافي الأخير للأسعار، حيث يطالب مستثمروها بإنفاق أقل وعائدات أفضل وذلك بالتزامن مع توقعات شركة "روسنفت" الروسية التي ترجح حدوث نقص عالمي في النفط أثناء مرحلة انتقال الطاقة التي تصفها بـ"المتسرعة".
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة "إن مجموعة "أوبك+" تدرس القفزات السعرية الحالية وتقوم بعملية مراجعة وتقييم لأساسيات السوق خاصة نمو الطلب وستخلص دون شك إلى القرار المناسب لظروف السوق الراهنة وبما يحسم الجدل المثار بشأن حجم زيادة الإنتاج المتوقعة في آب (أغسطس) بعد زيادات محدودة نسبيا جرت منذ أيار (مايو) الماضي، ومن المقرر أن تعيد نحو مليوني برميل يوميا بحلول يوليو المقبل".
وأشار إلى أن السوق تلقى إشارات جيدة ومطمئنة من التزام مجموعة "أوبك+" بالتأكد من أن السوق لا تخرج عن السيطرة وعلاج الضغوط التضخمية الحالية نتيجة قفزات أسعار النفط الخام.
ويرى، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن أسعار النفط الخام تحقق مكاسب متتالية بسبب تعافي الطلب مع انتشار اللقاحات وعودة حركة التنقل والسفر بوتيرة قوية في مقابل استمرار قيود العرض الحذرة من قبل مجموعة "أوبك+" إضافة إلى تدخل عوامل أخرى مثل الجوانب المعنوية في السوق لكن السوق لم تخرج بعد من حالة "الركود" الناجمة عن جائحة فيروس كورونا.
وأشار إلى أن السوق تتعافى بشكل جيد نتيجة الانخفاض المتسارع في مستوى مخزونات النفط العالمية وتوقعات تسجيل مستوى أفضل للطلب خلال النصف الثاني من هذا العام وحتى عام 2022، منوها بأن الجائحة لم تنته بعد "ووجدنا عودة لتزايد الإصابات في بعض الدول خاصة البرازيل إضافة إلى ظهور متحورات جديدة من السلالة الهندية".
من جانبه، يقول أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات "إن أغلب الدوائر البحثية تتفق في أن سوق النفط ضيقة بشكل متزايد وهو ما يتطلب تدخلا جديدا من "أوبك+" لضبط إيقاع السوق والمساعدة على استعادة الاستقرار والتوازن بشكل مستمر".
وأشار إلى قناعة عديد من المنتجين ومنهم روسيا بضرورة إجراء مزيد من الإمدادات لمنع انفلات ارتفاع الأسعار، موضحا أن الأسعار المفرطة في الانخفاض أو الارتفاع ليست في مصلحة أحد كما تهدد استقرار السوق.
من ناحيتها، ذكرت الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة أن منتجي "أوبك+" أكدوا التزامهم بسياسات مرنة تراعي مصالح الأطراف كافة في السوق، وقد نجحوا من خلال هذه السياسة في انتشال السوق من أزمة الوباء ومن دورات اقتصادية عنيفة سابقة، لافتة إلى حرص وكالة الطاقة الدولية على حث "أوبك+" على البدء في استغلال طاقتها الإنتاجية الفائضة لتعزيز العرض مع انتعاش الطلب.
وأشارت إلى أن الفجوة بين العرض والطلب تتسع مع تعافي الطلب سريعا خاصة في أشهر الصيف وهو ما جعل بنك "جولدمان ساكس" الأمريكي يحرص على إطلاق تقديرات بأن السوق تعاني عجزا قدره ثلاثة ملايين برميل يوميا في الإمدادات بينما لا تزال "أوبك+" تحجب ما يصل إلى 5.8 مليون برميل يوميا من السوق.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ربحت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي أمس بعد انخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات النفط الخام والبنزين الأمريكية أكدت التوقعات بشأن الطلب القوي على الوقود، وبفعل الشكوك بشأن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي قد ينهي العقوبات الأمريكية على صادرات الخام الإيرانية.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 30 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة إلى 75.49 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:43 بتوقيت جرينتش، بعد أن ارتفعت 0.5 في المائة الأربعاء.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 31 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة إلى 73.39 دولار للبرميل بعد أن زادت 0.3 في المائة الأربعاء.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية "إن مخزونات النفط تراجعت 7.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 18 حزيران (يونيو) إلى 459.1 مليون برميل، وهو أدنى مستوى لها منذ آذار (مارس) 2020. والتراجع قرب ضعف توقعات المحللين في استطلاع لـ"رويترز" التي بلغت 3.9 مليون برميل.
ونزلت مخزونات البنزين الأمريكية بمقدار 2.9 مليون برميل في الأسبوع مقابل توقعات المحللين لارتفاع 833 ألف برميل.
وستجتمع "أوبك" وحلفاؤها، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، في أول تموز (يوليو)، وقال مصدران في "أوبك+" الثلاثاء "إن المجموعة تبحث تخفيفا أكبر لخفض الإنتاج القياسي المطبق منذ العام الماضي بدءا من آب (أغسطس)، لكن لم يتخذ قرار بشأن الأحجام المحددة".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 74.01 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 73.13 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع له على التوالي، وإن السلة ربحت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 73.16 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة