هل ستكون شبكات الاتصالات مصدرا للطاقة؟

لا يزال الوقود الأحفوري المصدر الرئيس لإمدادات الطاقة العالمية والخيار الأول في السوق العالمية، لما يتمتع به إنتاج الطاقة الكهربائية من النفط بكفاءة إنتاج عالية مقارنة بالمصادر الأخرى. لكن لعدة عوامل من أبرزها المخاوف من نضوب مخزونات الطاقة من الوقود الأحفوري والانبعاثات الكربونية الناتجة من عمليات الإنتاج، نشأت تقنيات أخرى مولدة للطاقة واشتهر على تسميتها بمصادر الطاقة المتجددة. تتنوع مصادر الطاقة المتجددة لتشمل الطاقة المستمدة من الضوء أو الرياح أو الأمواج البحرية أو حتى الحرارة. من أبرز تلك التقنيات تقنية الخلايا أو الألواح الشمسية التي تعمل على توليد تيار كهربائي ناتج عن امتصاص الضوء في مادة السيليكون. تستخدم الألواح الشمسية عالميا على نطاق واسع لتوليد الكهرباء، لكن لا تزال القدرة الكلية لإنتاج كميات كافية من الطاقة لا توازي الطلب ولا ترقى لمستويات الوقود الأحفوري، بدليل أن مصادر الطاقة من النفط تستخدم كمصادر احتياطية في أوقات الذروة أو عند الطلب العالي. يضاف إلى الجوانب السلبية لتقنية الخلايا الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية انخفاض كفاءتها الإنتاجية التي لا تتجاوز الـ (25) في المائة. والخصائص ذاتها من انخفاض في الطاقة الاستيعابية أو تدني كفاءة الإنتاج تنطبق كذلك على الطاقة المولدة من الرياح. يضاف إلى ذلك أن مصادر الطاقة المتجددة لا تناسب جميع دول العالم، إما لمحدودية تعرض بعض المناطق من الكرة الأرضية لأشعة الشمس طوال العام، أو لهدوء الرياح في مناطق أخرى. ومع كل تلك السلبيات، يظل إنتاج الطاقة من مصادر متجددة أولوية على مستوى العالم للحد من آثار التغير المناخي، وكذلك لجدوى تلك التقنيات اقتصاديا على المستوى البعيد.
ونتيجة لتلك التحديات التي أظهرتها مصادر الطاقة البديلة، استثمر عديد من مراكز الأبحاث والجامعات المهتمة بمواضيع الطاقة المتجددة في استكشاف تقنيات أخرى قد تلبي الطلب المتزايد على الطاقة وتحقق مكاسب اقتصادية في آن واحد. من المجالات التي طرأت أخيرا ونالت اهتماما متصاعدا مجالات أبحاث توليد الطاقة الكهربائية من شبكات الاتصالات اللاسلكية. لكن ما هي فلسفة توليد تلك الطاقة وما كيفية نقلها؟ كما هو معلوم فإن الاستخدام المتزايد على خدمات الاتصالات والبيانات اللاسلكية نشأ عنه انتشار غير مسبوق لمحطات الاتصال اللاسلكية "أبراج الجوال على سبيل المثال" وللأجهزة المتنقلة. تتواصل تلك الأجهزة مع المحطات الأرضية عبر الأثير من خلال موجات كهرومغناطيسية، وتحمل تلك الموجات قدرا مناسبا من الطاقة لتستطيع نقل رسائل البيانات والاتصالات من المرسل إلى المستقبل أو بشكل معاكس. لذا تتناول الأبحاث إمكانية الاستفادة من الطاقة المضمنة في تلك الموجات والعمل على تجميعها وإرسالها للمستقبل النهائي. وبالفعل أثبتت عدة أبحاث وتجارب معملية إمكانية تجميع وتوليد الطاقة من موجات شبكات الاتصالات اللاسلكية، لكن بنسب كفاءة منخفضة. من أبرز التحديات في تلك التقنية تدني كفاءة توليد الطاقة الكهربائية وعدم قدرتها على قطع مسافات طويلة نسبيا بين المستقبل والمرسل. لكن هل من الممكن أن تكون شبكات الاتصالات مصدرا للطاقة، وهل نستطيع على سبيل المثال أن نشحن أجهزتنا النقالة عبر الأثير؟ هذا ما سنتعرف عليه في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي