طبائع مشتركة
الكون مليء بمخلوقات الله من بشر وحجر ونبات وحيوان وغير ذلك. «الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل». ولو نظرنا إلى البشر لوجدنا أن هناك تفاوتا كبيرا في طبائعهم وسلوكهم وتصرفاتهم، وهو ما ينطبق كذلك على الحيوانات بغض النظر عن فصائلها أو تركيبها الجسماني. وقد لوحظ أن هناك طبائع وصفات سلوكية مشتركة بين الإنسان والحيوان، وهو مما دعا إلى رصدها ومن ثم إسقاطها على الإنسان من باب المقارنة، فنجد مثلا أن الجمل يمتلك خصائص معينة مثل تحمله التعب والمشقة، ولذا يقال للرجل الجلد الصبور "فلان جمل محامل"؛ كناية عن قدرته على تحمل الصعاب. أما إن كان الإنسان حقودا لا ينسى من أساء إليه، فيوصف بقولهم "فلان بعير"؛ لأن البعير لا ينسى إطلاقا من يسيء إليه ويتحين الفرصة للانتقام منه، أما إن كان الإنسان يبدو ظاهره طيب لكنه يبطن السوء، فيوصف بالأفعى منطبقا عليه قول الشاعر:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب في أنيابها العطب
أما الرجل المهاب القوي، فيوصف بالأسد لما يمتلكه الأسد من خصائص قوة لا توجد في غيره، ومن هنا يعمد البعض إلى تسمية أبنائهم بأسماء الأسد "أسامة - ليث - غضنفر"، أما من كانت خصائصه يغلب عليها المكر والخديعة والمراوغة، فيوصف بأنه "ثعلب" لأن هذه من صفات الثعلب، حتى إنه يتظاهر بالموت عند القبض عليه، ثم لا يلبث أن ينطلق هاربا في طرفة عين وبسرعة كبيرة ممارسا المكر والخديعة، فضلا عن قدرته الفائقة على المراوغة، وهي الخاصية التي قد توجد في بعض البشر:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
ومن الأمثال الدارجة قولهم "من كان دليله البوم مصيره الخراب"، ويطلق على الإنسان الذي لا يقود ولا يدل إلى خير؛ شأنه شأن طائر البوم الذي يفضل العيش في الأماكن الخربة، أما من كان من البشر ذكيا وحذرا له القدرة على الخروج من المخاطر عند تعرضه لها، فيوصف بأنه "جربوع"؛ لأن هذا الحيوان البري الصغير حين يحفر جحره يضع له مخرجا آخر يسمى - النطاقة - حيث إنه بمجرد إحساسه بالخطر يتجه للنطاقة أو لمخرج الطوارئ؛ إن صح التعبير.. ولله في خلقه شؤون.