تقارير و تحليلات

ارتفاع المراجع التسعيرية يربك خطط الطروحات الدولارية للإصدارات الخليجية

ارتفاع المراجع التسعيرية يربك خطط الطروحات الدولارية للإصدارات الخليجية

ألقى صعود مؤشرات القياس التسعيرية العالمية بظلاله على الإصدارات الخليجية الدولارية في الأيام الماضية، إذ توقفت بشكل مؤقت، وذلك بعد أن شهدت انخفاضا في وتيرتها تجاوز النصف.
وكشفت نتائج رصد لوحدة التقارير في صحيفة "الإقتصادية" بالشراكة مع محللي منصة "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت، عن بلوغ الأموال التي تم جمعها من السندات والصكوك 2.14 مليار دولار خلال الفترة من 1 إلى 18 آذار ( مارس) الجاري مقارنة بـ4.64 مليار دولار عن الفترة نفسها من الشهر الماضي، ما يعني انخفاضا بمقدار 54 في المائة.
وأظهرت نتائج الرصد الذي استند إلى بيانات منصة "سي بوندز" Cbonds الخاصة بتتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان، أن آخر إصدار بالحجم القياسي "500 مليون دولار" للمنطقة الخليجية كان في 10 آذار ( مارس) الجاري، ما يعني أن التوقف دام نحو أسبوعين.
وأسهم الارتفاع السريع في المراجع التسعيرية الدولية في إرباك خطط الأطروحات الدولارية للمصدرين الخليجيين "منها جهات سعودية"، وأجبرهم على إعادة تقييم موعد الطرح المناسب من جديد.
وكانت "الاقتصادية" توقعت حدوث هذه التطورات الائتمانية في تحليلها المنشور في 24 فبرايرالماضي التي نقلت فيه عن مصادر مصرفية أن جهات خليجية باتت تستبق ارتفاعات الفائدة بتسريع وتيرة إصداراتها في الربع الأول.
وأوضحت الصحيفة كيف دفعت الارتفاعات السريعة لمراجع الفائدة المرتبطة بتسعير أدوات الدين البنوك الاستثمارية، إلى حث عملائها من جهات الإصدار لاستغلال الظروف الائتمانية المواتية قبل أن تتغير ظروف السوق، وهو ما حدث بالفعل في الأيام الماضية.
وفي الإطار ذاته، ارتفعت "المراجع التسعيرية" لأدوات الدين الدولارية بمقدار الضعف لآجال خمسة أعوام ولأكثر من النصف لآجال عشرة أعوام خلال أول شهرين من 2021، حيث جاء صعود معدلات الفائدة بشكل سريع وفي وقت قصير فاجأ به المُصدرين الخليجيين والسعوديين الذين كانو يتأهبون لطرق باب أسواق الدخل الثابت العالمية.
وعلى سبيل المثال، ابتدأ عائد سندات الخزانة لأجل خمسة أعوام مع بداية العام عند 0.36 في المائة قبل أن يتضاعف ويصل إلى 0.75 في المائة بنهاية فبراير.
وجاء إجمالي إصدارات شهر مارس خلال فترة الرصد لمنطقة الخليج أقل بنسبة 64 في المائة مع ما تم إصداره في فبراير.
ويعد التوقف الحالي مؤقتا للإصدارات الخليجية وذلك ترقبا لاستقرار حركة عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
إلى ذلك، يتوقع العاملون في أسواق الدخل الثابت استئناف الإصدارات الخليجية بالعملات الصعبة خلال الأيام المقبلة بدعم من تعهدات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإبقاء على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر حتى عام 2023 على الأقل.
وأسهمت تذبذبات مراجع التسعير لأسواق الدين في تعزيز أنشطة القروض المُجمعة في الخليج على الرغم من تفاوت أحجام تلك الصفقات.
وعلى سبيل المثال نقلت منصة "ريد" REDD المتخصصة في التحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، عن مصادر مصرفية - لم تسمها - أن بنك الإمارات دبي الوطني بصدد جمع مليار دولار لقرض مجمع ومربوط بجوانب الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG.

أهمية الإصدارات للجهات السعودية

تولي جهات الإصدار السعودية أهمية بالغة لحركة مراجع التسعير نظرا إلى تزايد الاعتماد عليها في التسعير، فضلا عن إيجابيات جذب سيولة خارجية أجنبية لمصلحة الأنشطة التوسعية لاستثمارات تلك الشركات في الاقتصاد الوطني.
ويشير تقرير نشرته "الاقتصادية" في 14 مارس إلى أن جهات الإصدار السعودية استحوذت مجتمعة على 29 في المائة من إجمالي إصدارات المنطقة الخليجية بنهاية العام الماضي.
وأوضحت تلك البيانات أن المصدرين السعوديين أصدروا ما يصل إلى 32.5 مليار دولار من السندات والصكوك خلال 2020، مستغلين بذلك نوافذ الإصدار، التي توفرت لهم قبل الجائحة وبعدها.
وجاءت جهات الإصدار الإماراتية في المرتبة الأولى من حيث إجمالي إصداراتها الجديدة من أدوات الدخل الثابت، التي بلغت 45.3 مليار دولار، مستحوذة بذلك على 41 في المائة من إجمالي المنطقة الخليجية.
وبذلك ضمنت جهات الإصدار الخليجية دفع فوائد متدنية على امتداد آجال استحقاق أدوات الدخل الثابت تلك في ظل بيئة الفائدة المتدنية التي جاءت خلال 2020.
وكان لافتا من تلك البيانات أن الجهات السيادية والمصارف الخليجية أصبحتا بمنزلة القوة الدافعة وراء الحراك الائتماني بعد سيطرتهما مجتمعتين على 76 في المائة من إجمالي الإصدارات، وذلك بحسب فئة القطاع.
وتصدرت الحكومات في المنطقة الخليجية بقيمة 48.7 مليار دولار وبنسبة لامست 44 في المائة من الإجمالي عن الفترة نفسها، متبوعة بإصدارات المؤسسات المالية بقيمة 35.6 مليار دولار وبنسبة وصلت إلى 32 في المائة من الإجمالي.
واستندت تلك البيانات إلى الدراسة الإحصائية، التي قامت بها إدارة أدوات الدخل الثابت لبنك أبوظبي الأول، كما ارتكزت البيانات على ما تم إصداره من أدوات دين بالعملات الصعبة.

الرابط الخليجي مع سندات الخزانة

تظهر تلك التطورات في أسواق الدين الخليجية أثر علاقة ربط العملات بالدولار الذي يقود إلى تفضيل جهات الإصدار لهذه العملة التي تحتضن أضخم وأعمق أسواق الدخل الثابتة في العالم وكيف تؤثر الأحداث الاقتصادية في الأراضي الأمريكية، التي تنعكس على عوائد سندات الخزانة، على الجوانب التسعيرية للمُصدرين الخليجيين.
وتؤدي الضغوط البيعية أوائل هذا العام على سندات الخزانة إلى ارتفاع العائد، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أهمها أن المستثمرين يتوقعون أن خطة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" التحفيزية ستعزز نمو الاقتصاد الأمريكي، وستؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستويات التضخم.
وإضافة إلى ذلك يتراجع معدل انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة الأمر الذي يقلل جاذبية الملاذات الاستثمارية الآمنة مثل سندات الخزانة والذهب وذلك مع استمرار دول العالم في منح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لمواطنيها.
وتشير نتيجة رصد أجرته "الاقتصادية" بالشراكة مع منصة "ماكرو بوند" السويدية المتخصصة في استعراض بيانات الاقتصاد الكُلي، إلى أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لآجال خمسة وعشرة أعوام مع نظيرتها من عقود المبادلة لا تزال عند أدنى مستوياتها التاريخية منذ أكثر من عشرة أعوام.
وتعتمد الجهات السيادية والشركات الخليجية على تلك المراجع في التسعير النهائي وتحديد تكلفة التمويل المناسبة.
ولا تزال تكلفة التمويل في الأسواق الناشئة تقع "في المنطقة المقبولة" لطرفي المعادلة وهما المستثمرون الذين يرون أن عوائد الإصدارات الجديدة لا تزال جذابة وبين جهات الإصدار التي ترى أن العوائد لا تزال منخفضة.
ولا يتوقع للصعود الحالي في تكاليف الاستدانة الدولارية أن يؤثر في التصنيفات الائتمانية لمعظم الدول وذلك وفقا لوكالة "ستاندرد آند بورز"، حيث ترى الوكالة أن خفض الفائدة وضخ سيولة رخيصة في الاقتصادات الكبرى من شأنه أن يقلل من آثار صعود عوائد سندات الخزانة.
وارتفعت معدلات العوائد هذا العام بسبب التوقعات القائلة، "إن الإنفاق التحفيزي وطرح اللقاحات سيغذيان انتعاشا اقتصاديا أكثر قوة، وسيزيدان من التضخم"، ولا يستبعد المراقبون أن تصل عائدات سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام إلى 2 في المائة.
وسبق لمحمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز، أن أوضح أن ارتفاع عوائد الخزانة يعد من بين المخاطر التي تهدد استمرار ارتفاع أسواق الأسهم العالمية.
وتطرق العريان خلال مقابلة مع "ياهو فاينانس" إلى الارتفاعات الأخيرة في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مشددا بأنه "إذا كنا سنشهد تحركا آخر بمقدار 40 نقطة أساس لعوائد السندات، فإن ذلك سيكون بمنزلة خبر سلبي للأسهم، الفكرة وراء صعود الأسواق كانت تتمثل في عدم وجود بديل، لكن في حال ارتفاع عوائد السندات أكثر من ذلك فإن هذا البديل قد يتوافر".

تقييم الأداء للمراجع التسعيرية

أبان تحليل وحدة التقارير الاقتصادية حدوث تغير ملحوظ في أسعار أهم مؤشرين قياسيين تتم الاستعانة بهما من قبل المُصدرين الخليجيين وذلك مع بداية العام الحالي.
وجاء ذلك بعد حدوث تغيرات اقتصادية على الساحة الأمريكية جعلت مراجع الفائدة للسندات تعاكس موجة هبوطها التي سجلتها في العام الماضي.
وفي الوقت الذي تستعين فيه الشركات بمؤشر "متوسط عقود المبادلة" mid-swap مع الإصدارات الدولارية، تقوم بعض جهات الإصدار السيادية باللجوء إلى مؤشر "عوائد سندات الخزانة" الأمريكية. وذلك وفقا لأجل الاستحقاق الذي يتم اختياره مع كل إصدار.
وسجل مؤشر "عوائد سندات الخزانة" الأمريكية ارتفاعات بمقدار 108.3 في المائة على السندات الخمسية خلال أول شهرين من 2021. والأمر نفسه انطبق على السندات العشرية التي ارتفعت بمقدار 54.8 في المائة بنهاية فبراير مقارنة مع مستوياتها إبان بداية عام 2021.
وتكرر الأمر ذاته على الآجال المتوسطة الخاصة بمؤشرات "متوسط عقود المبادلة" الذي سجل ارتفاعات بمقدار 100 في المائة على الآجال الخمسية وصعودا بالتكلفة بمقدار 64.5 في المائة على الآجال العشرية عن الفترة نفسها، حيث يستعين معظم المصدرين الخليجيين بآجال الاستحقاق ذات خمسة أو عشرة أعوام.
واستندت تحليلات وحدة التقارير الاقتصادية حول تقصي أسعار مراجع التسعير الدولارية إلى عدة مصادر، هي منصة "سي بوندز" التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية وكذلك منصة bondevalue التي تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات التي في محافظهم من أجل التحكم في القرار الاستثماري الخاص بالورقة المالية.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة مراجع التسعير فتم التعاون مع منصة Macrobond التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على إثرها من تكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين على ربط تلك البيانات ببعضها بعضا وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.

أهمية مؤشرات القياس

يتم تسعير معظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية، فعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين، أولهما هوامش الائتمان spreads الخاصة بجهة الإصدار، وثانيهما معدلات مؤشر القياس، وذلك وفقا لأجال الاستحقاق المستهدفة.
وعندما يتم دمج هذه الأرقام أي "هوامش الائتمان" مع "مؤشر القياس" يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـ yield وذلك عندما يُغلق الإصدار، مع العلم أن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة، وذلك بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار.

استمرارية الأعمال

من أجل تيسير عمل المتداولين في الشركات الاستثمارية وإدارة الأصول والمصارف خلال الجائحة، قامت تلك الشركات بتركيب شاشات التداول الضخمة في مساكن موظفيها من أجل إعادة إيجاد بما يسمى بـ"قاعة التداولات".
وقبل أن تتفاقم تبعات الجائحة كانت معظم البنوك الخليجية الكبرى مستعدة لتطبيق ما يعرف بسياسة "استمرارية الأعمال" التي يتم اللجوء إليها في الحالات والظروف الطارئة، حيث لم تتأثر منهجية العمل كثيرا بعدما تم الطلب من موظفي تلك المؤسسات تعليق العمل وتطبيق إجراءات العمل عن بعد، باستثناء الوظائف الحرجة.
والقطاع المالي الآسيوي كان من أوائل المناطق الجغرافية الذي نجح في التعامل مع ظروف العمل عن بعد، حيث نجح العاملون في تلك الشركات الآسيوية "ومن خلف الأبواب المغلقة لمنازلهم" في اكتشاف آلية عمل مناسبه تحافظ على استمرارية العمل خلال هذا العالم الافتراضي عبر الاستعانة بمحادثات الفيديو والمكالمات الهاتفية لتكون بديلا مثاليا عن اجتماعات المستثمرين التي كانت ستتم عبر الجولات الترويجية في المدن الآسيوية.
ويكثر الجدل بين المصرفيين في إذا ما كانت الجائحة قد جعلت بعض التقاليد "كرحلات السفر الخاصة بالأعمال والجولات الترويجية الخاصة بصفقات السندات" شيئا من الماضي واستبدلتها بتطبيقات المكالمات المرئية التي تختصر الوقت المعتاد تخصيصه للمستثمرين مقارنة بالاجتماعات وجه لوجه.
ومنذ العام الماضي، تجنبت جهات الإصدار الخليجية عقد جولات ترويجية للالتقاء بالمستثمرين بين عواصم المال العالمية واستبدلتها بالاجتماعات الافتراضية.

التعامل مع الواقع الجديد

حققت السيولة الذكية لشركات إدارة الأصول مكاسب استثنائية بعد اقتناص أدوات دين ذات جودة عالية بثمن بخس خلال قاع مارس في العام الماضي.
ويلجأ مستثمرون مؤسسيون إلى خيار اختبارات ضغط التدفقات المالية لأدوات الدين الخاصة بشركات الأسواق الناشئة في ظل انعدام الرؤية حول انتهاء الوباء وظهور السلالة المتحورة.
وأصبحت تلك الاختبارات بمنزلة البلورة السحرية لمعرفة وتمييز جهات الإصدار التي ستنجو من الوباء، وتجرى تلك الاختبارات بهدف التعرف على قدرة الشركة على تحمل الخسائر المستقبلية التي يمكن أن تتعرض لها في ظل سيناريوهات محددة حول الأوضاع الاقتصادية في المستقبل.
وأدت إجراءات احتواء الجائحة وإغلاق الاقتصادات في الفترة الماضية إلى زيادة كبيرة في مشكلات السيولة أو حتى التعثر في السداد بين المؤسسات غير المالية في الأسواق الناشئة.
في حين عانت المؤسسات المالية التباطؤ في تحصيل الأقساط مع محاولة الشركات تأجيل المدفوعات، في حين أقدمت بعض الشركات على تبني إجراءات احترازية للمحافظة على مستوى السيولة النقدية لمواجهة مخاطر عدم تدفق السيولة.
وتحاول البنوك المرتبة لإصدارات أدوات الدين في الوقت الحالي إعطاء الأولوية للشركات التي تعمل في قطاعات لم تتأثر من الجائحة "كالاتصالات والأغذية وشركات الأدوية" التي تزداد معها نسبة نجاح الإصدار.

قطاع ينمو

تمر أسواق الدين الخليجية بفترة نمو ملحوظة في أنشطتها، وذلك بعد انضمامها في 2019 إلى أهم مؤشرات السندات في الأسواق الناشئة، الأمر الذي جعل صحيفة "وول ستريت جورنال" تشبه ما يجري في أسواق الدخل الثابت الخليجية "بطفرة" الإصدارات السيادية، وذلك خلال تغطيتها أنشطة بنوك الولايات المتحدة الأمريكية مع جهات الإصدار الشرق أوسطية.
وجنت السيولة الذكية للمستثمرين المؤسسيين ثمار الفرص الاستثمارية التي تولدت من جراء الاضطرابات السوقية أوائل العام الماضي التي بدورها أوجدت "اختلالات تسعيرية" للقيمة العادلة لأدوات دين المنطقة الخليجية.
وحققت تلك الأدوات أداء متميزا لمن احتفظ بها خلال تلك الفترة وذلك على الرغم من التوترات الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط، حيث يراهن مستثمرو السندات على أن اقتصادات المنطقة سيكون أداؤها أفضل هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية.
تاريخيا، دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت عدم حصولها على التقدير اللازم "كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة"، ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك في معظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الناشئة.
إلا أن الأمر برمته بدأ في التغير تدريجيا عندما شرعت مؤشرات "جي بي مورجان" في إضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة، وذلك بشكل تدريجي على مدى تسعة أشهر التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة في أدوات الدخل الثابت.
وبذلك تصبح الديون السيادية للمملكة جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية سواء الخاملة منها أو النشطة.

القروض مقابل أدوات الدين

لطالما شكلت مسألة تفضيل الاقتراض عبر "القروض المصرفية" أو عن طريق طرق باب "أسواق الدين" جدلا بين مديري الخزانة "في الشركات السعودية والخليجية"، حيث إن الخيار الأفضل يعتمد على ظروف السوق.
ومثلا اللجوء إلى أدوات الدين في الوقت الحالي يمنح المُصدرين السعوديين والخليجيين ميزة تسعيرية منخفضة التكلفة، وكذلك يمنحهم أفضلية إطالة آجال الاستحقاقات لتصل إلى أكثر من عشرة أعوام مقارنة بالقروض المجمعة التي تصل معظم آجالها في السعودية إلى عام واحد أو عامين أو بالكثير خمسة إلى ثلاثة أعوام في حال كان القرض المجمع مقوما بالعملة الدولارية.
ويعود سبب عدم قدرة معظم البنوك على تقديم قروض بآجال استحقاق أطول إلى القيود التنظيمية التي فرضتها المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة IFRS، ولا سيما من المعيار التاسع الذي يتطرق إلى المعالجة المحاسبية الخاصة بالقروض وكيفية التطرق إلى المخاطر الناجمة غنها.

توسيع خيارات التمويل

عندما تطرق شركة ما باب أسواق الدين فهذا يعني أن هذه الشركة قد بلغت مرحلة مهمة من النضج والتطور، لأنها وسعت من خيارات التمويل لديها وبذلك تتجاوز مرحلة اعتمادها الكلي على القروض المصرفية.
وتاريخيا، لا توجد قنوات تمويلية متنوعة للشركات السعودية نظرا إلى اعتمادها على القروض المصرفية وكذلك سوق الأسهم.
وحسب وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي، شكلت أدوات الدين ما مقداره 18 في المائة من العمليات التمويلية للشركات السعودية في 2016 والنسبة الباقية توزعت على القروض المصرفية والأسهم، في حين تشكل أدوات الدين ما نسبته 75 في المائة من العمليات التمويلية للشركات في الأسواق الناشئة.
وبحسب وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي، فقد ازدادت نسبة الشركات السعودية التي تعتمد على القروض المصرفية مقارنة بأدوات الدين.
ونظرا إلى سهولة الحصول عليها وضعف ثقافة تنويع مصادر التمويل، استحوذت القروض المصرفية على 78 في المائة من خيارات الحصول على التمويل في 2017 مقارنة بـ75 في المائة في 2016.
ويأتي ذلك في ظل محاولة الجهات التنظيمية تشجيع شركات القطاع الخاص من أجل تنويع مصادر التمويل والاعتماد على مصادر أخرى كأدوات الدين التي حافظت على حصتها نفسها خلال الفترة نفسها وهي 18 في المائة.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات