زوبعة إعلامية

النفخ السياسي والإعلامي الأمريكي في تقرير استخباراتها عن مقتل جمال خاشقجي يكشف عن نوايا لا تعبر عن علاقة راسخة من التحالف والشراكة بين واشنطن والرياض، وهو حلقة في سلسلة بدأت بإعلان إيقاف بيع الأسلحة "الهجومية" وادعاءات الاهتمام بحقوق الإنسان.
إذا أردت أن تعرف حقيقة اهتمام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان، فعليك أن تتأمل وضع العراق والعراقيين طوال الـ17 عاما الماضية حتى هذه اللحظة، واشنطن مسؤولة عن العراق بعد أن احتلت وحطمت دولته وسرحت جيشه وسلمته لإيران ودعمت وتدعم عملاء طهران في بغداد وأصبح مئات الآلاف من العراقيين السنة مشردين.
ولمعرفة حقيقة تقارير الاستخبارات الأمريكية وصدقيتها، علينا الرجوع لفضيحة كولن باول حين أعلن أسلحة دمار شامل في العراق لتبرير الغزو وثبت كذبه بعد خراب العراق.
ومما سبق يمكنك أيضا معرفة ماهية القيم الأمريكية التي تحدث عنها وزير الخارجية بلينكن حول عزم واشنطن إعادة تقويم العلاقات مع المملكة لتكون "أكثر انسجاما مع مصالحنا وقيمنا ". وينبغي التفكير لمعرفة ماهية هذه "المصالح" فهي مع "القيم" بألوانها الصارخة أعلاه ما يحدد سياسة واشنطن خلال الأعوام المقبلة.
ليست مصادفة أن تتوافق الهجمة الأمريكية على السعودية وقيادتها مع هرولة واشنطن للجلوس في مفاوضات مع إيران، وليست مصادفة أن يأتي إعلان واشنطن التوقف عن بيع أسلحة للمملكة مع تزايد هجمات عملاء إيران في اليمن بالطائرات المفخخة على السعودية وهجوم وحشي لميليشيات الحوثي الإيرانية على محافظة مأرب اليمنية.
والواقع أن استهداف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمملكة يفضح حقيقة التخدير السياسي الذي تمارسه واشنطن بادعائها "التعهد بالدفاع عن السعودية". استهداف تم على مراحل حين سلمت واشنطن العراق إلى إيران، ألم تكن السعودية هي المستهدفة؟ ولديها أطول حدود معه، وحين دعمت واشنطن نوري المالكي في العراق وتشكيل حشده الطائفي ألم تكن السعودية هي المستهدفة ؟ وحديث بريمر عن "حكم السنة في العراق" لا يغيب عن الذاكرة.
إن أخطر ما في السياسة الأمريكية في المنطقة هو ادعاؤها أنها حليف وشريك، فهل يمكن لحليف يدعي خصومة مع إيران أن يقدم كل هذه الهدايا لها ولعملائها في كل مكان، إن دخان التصريحات الأمريكية ضد إيران والعقوبات الشكلية التي لم تؤثر في نظام الملالي الإرهابي بل زادته وحشية، لا يصدقها سوى السذج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي