قرار تصحيحي
حتى الشركات العالمية التي تتعامل مع القطاع الخاص في السعودية وليس لديها مقر إقليمي فيها ستفكر كثيرا بعد إعلان الحكومة السعودية عزمها على إيقاف التعاقدات الحكومية مع أي شركة، أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة ابتداء من 1 /1/ 2024، رغم أنها مستثناة من هذا القرار الذي حصر في تعاقدات الجهات الحكومية المختلفة، هذا التفكير الذي أتوقعه، له أسباب موضوعية معروفة، السوق السعودية أكبر أسواق المنطقة وأعلاها قدرة شرائية.
والقرار الذي أعلنه مصدر مسؤول الأسبوع الماضي هو قرار تصحيحي جاء في وقت مناسب بعد تجاوز عقبات كثيرة تم التغلب عليها جراء أكبر عملية تطوير وتحديث للأنظمة والبيئة التشريعية، التي في الأغلب ما كان يتعذر بها من قبل المستثمرين الأجانب ووكلائهم، إضافة إلى سرعة الخدمات الحكومية بعد تطور الخدمات الإلكترونية، ولعل البعض يتذكر - على سبيل المثال - كيف كانت صعوبة استخراج تأشيرة زيارة مستثمر أجنبي للبلاد في زمن مضى، وغير هذا كثير من تفاصيل صغيرة وكبيرة وكلها انتهت أو قاربت على ذلك، وإعطاء مهلة للشركات العالمية حتى عام 2024 فيه تقدير زمني كاف لترتيب أوضاعها واتخاذ قراراتها، ومن المتوقع أنها لن تفرط في عميل ضخم مثل الجهات الحكومية السعودية، كما أن هذا القرار سيرفع من فرص زيادة وتمكين المحتوى المحلي وتفضيله في الشراء الحكومي، إضافة إلى استحداث الآلاف من الوظائف للسعوديين وهي الأهداف الرئيسة "لرؤية 2030"، كما أن استحداث مقار رئيسة للشركات العالمية المتعاقدة من الجهات الحكومية، سيمكنها من تسهيل إجراءاتها، واستدامة أعمالها واكتشافها فرصا تزيد من توسعها بتوطين صناعاتها أو خدماتها، خاصة وهي تعمل وسط أهم الأسواق في المنطقة وأكثرها استقرارا، ومثل كل قرار يصدر من السعودية.
حاول البعض في منصات التواصل استغلال هذا القرار للتشويش على افتراض أن إمارة دبي ستكون من المتضررين من هذا القرار، وسوء الطوية والقصد في هذا الاستغلال لا تغيب عن الفطن، والحقيقة أن القرار سيكون مفيدا للاقتصاد السعودي، وستنعكس هذه الاستفادة على مختلف دول الجوار وفي مقدمتها دولة الإمارات بحكم العلاقة المتينة التي تجمعها بالسعودية.