ما يعنيك حقا!

روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم قوله: "من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". يندر أن يجهل أحدنا هذا الحديث بتفاصيله وتفسيره، لكن النسبية التي يفسّر بها الأشخاص حدود ما يعنيهم هي ما يصنع التجاهل نحوه!
يعتقد البعض أن ما يعنيهم بحجم الكرة الأرضية, وأنهم مخوّلون للبحث والاستقصاء والحديث في الناس وشؤون حياتهم بحرية بحجة أنّ ذلك متاح لهم، والحقيقة أن ما يعنينا مرتبط بما سيحاسبنا الله عليه ولسنا مكلفين بأفعال البشر.
عندما ننظر بعين فاحصة لمجالس النساء والرجال على حد سواء نجد أنها لا تخلو من أحاديث طويلة تدور في مجملها حول خصوصيات الأفراد وشؤون حياتهم اليومية، وتفشي هذه الظاهرة أصبح ملح الاجتماعات الذي لا يستغنى عنه وموعد تجمعات الجيران حدث مهم لتلقف آخر الأخبار وأشدها حساسية!
إذاً لم تكن هذه حالة طارئة بل سمة تلتصق بالمجتمع ويستنكر غيابها، وازداد هوس الأفراد بها مع انتشار تقنيات الاتصالات المختلفة من الهاتف قديما وحتى توظيف الإنترنت اليوم.
ولكن ما المسببات الفعلية لهذه السمة بغض النظر عن الفضول البشري الطبيعي؟
يعد وقت الفراغ الفائض من أهم هذه المسببات, فنجد كثيرا ممن تحاصرهم أوقات الفراغ الممتدة بلا هدف متعة في الحديث المتواصل عن أي شيء وكلّ شيء، فهم بذلك يجدون حياتهم من خلال ما يعيشه الآخرون ويبدأون حلقة لا نهائية من نقل الخبر والتعليق عليه مع أكثر من شخص.
من جهة أخرى, نفتقر كثيراً إلى تربية احترام الخصوصية وتحديد مدى تدخل الآخرين في حياتنا، لذا يجب أن يتعلم الفرد منذ صغره حقّ الاحتفاظ بشؤون حياته لنفسه وأن يحترم هذا الحق لدى الآخرين.
يجب أن نعلم أن هناك أسئلة ينبغي ألا نبحث عن إجاباتها سواء برغبة المعنيين بها أو بتحصليها دون علمهم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي