تقارير و تحليلات

مصادر لـ "الاقتصادية": السعودية لن تعود لأدوات الدين الدولية حتى نهاية العام .. نجحت محليا بتكلفة أقل

مصادر لـ "الاقتصادية": السعودية لن تعود لأدوات الدين الدولية حتى نهاية العام .. نجحت محليا بتكلفة أقل

علمت "الاقتصادية" من مصادر حكومية مطلعة، أن السعودية لا تنوي طرق سوق أدوات الدخل الدولية أو القروض الدولارية لما تبقى من العام الجاري، وذلك بعد نجاح السوق المحلية في تأمين احتياجات المملكة بتكلفة متدنية.
وكانت السعودية وفقا لتصريحات رسمية أوائل هذا العام تخطط لإصدار صكوك دولارية لسداد عجز الميزانية، إلا أن المصادر (التي على دراية واسعة بملف الاستدانة الخارجية)، أكدت للصحيفة أن المملكة لا تنوي العودة إلى الاستدانة الخارجية بشقيها من أدوات الدين والقروض خلال الربع الرابع من 2020.
ونجحت السعودية في تغطية ما يقارب كامل عجز الميزانية الخاصة بالربع الثالث عبر الاستدانة من أسواقها المحلية المليئة بالسيولة الفائضة، وذلك بعد نجاح استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، في توسيع قاعدة المستثمرين المحليين عما كانت عليه بالسابق.
وتتوافق تلك المعطيات مع تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" الذي يشير إلى أن المملكة أمنت احتياجاتها المالية من السوق المحلية، ما يقلل من احتمالية اللجوء إلى الأسواق الدولية لتغطية أي عجز.
واستند التحليل إلى بيان الميزانية الفعلية للأشهر التسعة من 2020 الصادر عن وزارة المالية، شاملة الميزانية الفعلية للربع الثالث، حيث أظهر البيان وجود مبلغ متبق من إصدارات الدين بقيمة 45 مليار ريال (يشمل ذلك الخصم والعلاوات على الإصدارات) لم يتم استخدامه وسيتم استخدامه لتمويل ما تبقى من الاحتياجات التمويلية لهذا العام، مع العلم أنه ينتظر للسعودية أن تقوم بإصدارين شهريين لما تبقى من العام.
ويأتي العدول عن التوقعات السابقة بإصدار صكوك دولارية لهذا العام ليعكس السياسة المرنة للسعودية التي تضع نصب عينيها، أهمية الحصول على الاستدانة المقترنة بالتكلفة المتدنية، وهذا ما وفرته السوق المحلية لهذا العام.
ومن شأن هذا القرار أن ينعكس إيجابيا على تداولات أدوات الدين الدولارية، خصوصا أن المستثمرين كانوا يتوقعون قيام السعودية بإصدار آخر دولي.
وتوقعت ذراع الأبحاث لـ"مورجان ستانلي" هي الأخرى عدم لجوء السعودية إلى الاستدانة الخارجية وذلك بعد اطلاع اقتصاديي البنك الأمريكي على البيان التمهيدي للميزانية العامة لعام 2021 والصادر عن وزارة المالية.
وأشار مورجان ستانلي في ورقة بحثية له إلى أن الأسواق الخارجية كانت تتوقع استدانة إضافية للسعودية بواقع ستة مليارات دولار لما تبقى من 2020.
وعن العام المقبل، أضاف المصرف الاستثماري أن إجمالي المعروض المتوقع من أدوات الدين الدولية من المرجح له أن يصل إلى 14.7 مليار دولار، وذلك بعد الأخذ بعين الاعتبار أحد السندات اليوروبوند التي ينتظر أن يحين أجل استحقاقها في 2021، ليصبح بذلك صافي أدوات الدين المتوقعة للسعودية (أو الإصدارات الجديدة من غير المتحصلات التي ستذهب لإعادة التمويل) عند 9.2 مليار دولار.

التكلفة المتدنية
يأتي العدول عن التوقعات السابقة بإصدار صكوك دولارية لهذا العام ليعكس السياسة المرنة للسعودية التي تضع نصب عينيها أهمية الحصول على الاستدانة المقترنة بالتكلفة المتدنية وهذا ما وفرته السوق المحلية لهذا العام.
ويتوافق ذلك مع التحليل الذي نشرته "الاقتصادية" في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) والذي أشار إلى تحقيق تكلفة الاستدانة المحلية للحكومة السعودية انخفاضات قياسية على "الخزانة العامة للدولة"، حيث بلغ مقدار حجم التراجع في عائد التوزيع السنوي للمستثمرين ما بين 6.9 و55.4 في المائة مقارنة بأعلى عائد مسجل لكل أجل استحقاق "أي لكل فترة زمنية".
وأشارت الصحيفة حينها إلى أن "السوق المحلية لأسواق الدخل الثابت، التي لم تكن موجودة قبل 2006، قد أصبحت بمنزلة الرافد التمويلي الذي يمكن للحكومة الاعتماد عليه في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف التمويل على جميع الدول التي استدانت من الأسواق الدولية بعد ظهور الجائحة خلال الربع الأول".

الدين خلال الربع الثالث
سجل الدين العام السعودي نموا خلال الربع الثالث 3.4 في المائة، مقارنة بالربع السابق، مسجلا تباطؤا بعدما سجل الربع السابق نموا بنحو 13.3 في المائة، بالتزامن مع تأثر الإيرادات حينها بجائحة كورونا، إضافة إلى تراجع أسعار النفط.
وبلغ حجم الدين العام بنهاية الربع الثالث 2020 نحو 847.8 مليار ريال، مقارنة بنهاية الربع الثاني من العام الجاري البالغ نحو 819.9 مليار ريال. وارتفع الدين بعد تسجيل الميزانية عجزا بلغ 40.77 مليار ريال في الربع الثالث، مع زيادة المصروفات 7 في المائة.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" استند إلى بيانات وزارة المالية، بلغ حجم الدين الداخلي نحو 497.59 مليار ريال، مشكلا نحو 58.7 في المائة، في حين بلغ الدين الخارجي نحو 350.16 مليار ريال ليشكل نحو 41.3 في المائة من إجمالي الدين العام.
ووفقا لتقديرات لوزارة المالية، يتوقع أن يبلغ الدين العام للعام الجاري 854 مليار ريال، حيث سمحت السعودية بنمو دينها العام خلال العام الجاري 2020 عما كان مخططا له بفعل أزمة كورونا، وذلك من أجل الاستدامة المالية، التي تحافظ على المكتسبات وتضمن استمرارية واستدامة النمو والتقدم الاقتصادي وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطنين.
وتوقعت المالية في وقت سابق، ارتفاع الدين العام في 2020 إلى 854 مليار ريال بما يعادل 34.4 في المائة من الناتج المحلي، مقارنة بتوقعاتها قبل الجائحة عند 754 مليار ريال ويشكل حينها 26 في المائة.
وقال محمد الجدعان، وزير المالية في وقت سابق "إن السعودية لديها الملاءة المالية للتعامل مع هذه الأزمة والإبقاء على العجز تحت السيطرة".
وتهدف السياسة المالية في السعودية إلى تحقيق التوازن بين أهداف الحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام ومساندة مرحلة التحول الاقتصادي والاجتماعي، التي تمر بها السعودية، وفقا لرؤية السعودية 2030.
ووفقا للرصد، ارتفع حجم الدين إلى الناتج المحلي ليصل إلى مستوى 32.11 في المائة، مقارنة بالنسبة المسجلة للفترة المماثلة من العام الماضي عند 23.78 في المائة بناء على الناتج المحلي لعام 2019.
وعدلت السعودية في وقت سابق السقف الأعلى للدين العام من 30 في المائة من الناتج المحلي إلى 50 في المائة، وعلى الرغم من ذلك تتوقع وزارة المالية عدم الوصول إلى السقف الجديد على المدى المتوسط، حيث تم رفع السقف مع زيادة الحاجة إلى التمويل لمواجهة تداعيات "الجائحة".

إيجابيات المنهجية السعودية
يجمع المصرفيون على أن قلة المعروض من الإصدارات السيادية الخارجية ستنعكس إيجابيا على تسعير الإصدارات المستقبلية وكذلك على الهوامش الائتمانية لأدوات الدين المدرجة، حيث إن إصدارات الدين المرتقبة للسعودية أي المعروض ستكون أقل مما تتوقعه السوق سابقا أي الطلب.
وهذا الأمر سيعزز أداء أدوات الدخل الثابت سواء المدرجة منها أو ما سيتم إصداره مستقبلا، ويرجع ذلك إلى كون المستثمرين الذين يديرون صناديق مع شركات إدارة الأصول ويتبعون مؤشرات سندات الأسواق الناشئة التابعة لـ"جي بي مورجان"، سيجب عليهم إغلاق مراكزهم الخاصة بالانكشاف على أدوات الدين السعودية وفقا للوزن المحدد مسبقا للسعودية مع المؤشر، بعدما يتم ضم تلك الإصدارات المستقبلية للسعودية إلى تلك المؤشرات.
وهذا الأمر يعني أن أولئك المستثمرين سيضطرون إلى شراء جزء من الإصدارات القديمة المدرجة، من أجل تعويض نسبة التخصيص التي ينتظر أن تكون متدنية مع الإصدارات الجديدة، بحكم انخفاض القيمة الإجمالية لتلك الإصدارات عما عهده مستثمرو الدخل الثابت في العامين الماضيين.

سوق الصكوك الدولية
على الرغم من أن السعودية لا تنوي إصدار صكوك دولارية لهذا العام، فإنه من المتوقع أن يكون حجم إصدارات الصكوك عن 2020 كاملا مشابها للمستويات التي تم تسجيلها في 2019 على الرغم من الضغط غير المسبوق الذي أضافته جائحة فيروس كوفيد - 19.
وبعد أن تبدأ الأسواق في التعافي أكثر، يتوقع أن يشهد إمداد الصكوك ارتفاعا مع زيادة الحاجة إلى التمويل، بحسب تقرير حديت لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني.
وبلغ حجم الصكوك الخضراء وصكوك الاستدامة 7.2 مليار دولار في نهاية الربع الثالث، وفقا لـ"فيتش". ورغم النمو المتواضع، لا تزال سوق الصكوك الخضراء في بداياتها ومن غير المرجح أن تصبح جزءا ملحوظا من سوق الصكوك في المدى القريب.
يذكر أن جهود توحيد معايير الصكوك مستمرة، حيث أطلقت السوق المالية الإسلامية الدولية مستندا جديدا عن صكوك الإجارة، وقبل ذلك أسس بنك الكويت المركزي اللجنة العليا للإشراف على الامتثال لأحكام الشريعة.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات