خطة لتعافي اقتصادات دول الخليج

الاقتصاد العالمي لا يزال هشا على مختلف المستويات، بما في ذلك سوقا الأسهم والسلع الأساسية، كما أن القلق لا يزال يسيطر على المستثمرين رغم تراجع أسعار الفائدة، وفي الوقت نفسه تكلفة بقاء الشعوب بصحة جيدة لا تزال تسير في طريق مظلم مع كوفيد - 19. لذا، صناع السياسات الاقتصادية بين مطرقة الصحة وسندان التكاليف الاقتصادية عند التفكير في أي خطة تعاف اقتصادي، إلا أننا في دول الخليج نعتمد على اقتصادات النفط بدرجة كبيرة، وسأضع اليوم بين يدي صانعي السياسات الاقتصادية في الخليج عددا من النقاط.
أولا: إدارة التكاليف في الإنفاق الجاري من الميزانية العامة، رغم أن نسبة الموازنة تذهب إلى الأجور، غير أن هذا البند لا يمكن الاقتراب منه لأسباب تتعلق بسلامة استدامة الإنفاق الاستهلاكي العام لدول الخليج التي توظف مواطنين بصورة واسعة، غير أن هناك مصاريف جارية في الميزانية يمكن مراجعتها وتحسينها على أساس قياس المنافع والآثار على الاقتصاد، كما أن الإنفاق على حزام الضمان الاجتماعي سيظل مستمرا ويمكننا تطويره على المدى الطويل أو المديين القصير والمتوسط، فمن الصعب النظر فيه. لذا، فإن تمويل الإنفاق الجاري يتطلب استدامة إيرادات مالية حكومية ويمكن تعضيد الموازنة بالضرائب والرسوم كما عملت السعودية، إضافة إلى مواصلة عمليات التحكم بأسعار النفط والسلع الاستراتيجية على أساس تنظيمي، وهذا الدور تقوم به مجموعة "أوبك" بقيادة السعودية.
ثانيا: إدارة التكاليف الرأسمالية أو المشاريع الجديدة وتوجيهها نحو الإنفاق التحفيزي أو الاستثمارات التحفيزية لمعاكسة الدورة الاقتصادية الحالية، ولا سيما أن هذا النوع من الإنفاق يعد أفضل أنواع الصرف الحكومي لزيادة معدلات التشغيل الاقتصادي والتوظيف، كما أود أن أشير إلى أن هذا النوع من الإنفاق يتطلب رصيدا ماليا مستقرا إلى حد كبير، لذا يمكن لدول الخليج تمويل ذلك من خلال إدارة الديون العامة الداخلية بالعملة المحلية أو تأسيس صندوق دين خليجي بسلة عملات خليجية وتحسين أساليب الصرف واستغلال معدلات الفائدة المنخفضة، وفي الوقت نفسه يتعين تنفيذ مشاريع رأسمالية ذات استدامة مالية على المديين المتوسط والطويل بعد تشغيلها، وسيكون أمام صناع السياسات الاقتصادية تحديات معقدة تتعلق بالمواءمة بين استدامة القدرة على سداد الديون ومنع تراكم الديون والعجز الكلي أو التعسر المالي، خصوصا إذا فشلت خطط الإنفاق التحفيزي لغايات استثمارية.
ثالثا: مراقبة عوائد الأنشطة الاقتصادية على مستوى المالية والتوظيف والنمو القطاعي، من خلال إلزامية التقارير التنظيمية وزيادة معدل الضغط على الجهات التنظيمية والهيئات المشرفة على القطاعات الاقتصادية لتقديم بيانات عالية الجودة، وتحسين التتبع التشغيلي للشركات الحكومية والخاصة، ووضع سياسات استدامة لكل قطاع، وإطلاق صافرات الإنذار مبكرا في حال عدم الالتزام بالمستهدفات ومتطلبات التقارير التنظيمية.
رابعا: إطلاق برامج توليد رؤساء تنفيذيين لقيادة الأعمال في الخليج، بهدف تعديل الميزان التجاري والمدفوعات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي