حوارات

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

وزير الصناعة لـ"الاقتصادية": الجائحة أكدت حاجتنا لسلاسل الإمداد المحلية .. والدعم الحكومي أسهم في تقليل آثارها

يحمل ملفا استراتيجيا، خبر المهنة وخبرته، فقد عمل 30 عاما في القطاع، نصفها في وظيفة بائع في المدينة الصناعية، ونصفها الآخر مستثمرا، هو فعلا "ابن الصناعة"، وهذا ما يقوله ويطيب له. وحينما تلتقي بمتمرس مثله، فإنك ستسمع كلاما مختلفا، ومفاهيم متغيرة، وطموحات واعدة، لم لا، وهو يملك القدرة على تشخيص واقع القطاع وتبني همومه والثقة بمستقبله. ينقل لك صورة مبهجة وهو يحدثك عن مشروع "صنع في السعودية"، "تعزيز رغبة المواطنين والمقيمين في استهلاك وتفضيل المنتج السعودي والاعتزاز به".
وإذا كانت السعودية قد نجحت في تجربتها الصناعية الأولى، من خلال البتروكيماويات والأسمنت، فإنها اليوم تراهن على الصناعات التحويلية والاستثمار في الثورة الصناعية الرابعة بإطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وفقا لمستهدفات "رؤية 2030"، من خلال أربعة مسارات مهمة، لتكون الصناعة والتعدين داعما مهما للنمو وزيادة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الفرص الوظيفية، وتعزير الصادرات والاستثمارات.
بندر إبراهيم الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية، تستضيفه صحيفة "الاقتصادية" في حوار شامل، سعينا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، أن يكون وافيا وملما بواقع وتحديات ومستقبل الصناعة في السعودية.

 

- هل أثرت الجائحة في خطط النهوض بالصناعة؟ وكيف يمكن تجاوز المعوقات؟

تأثير الجائحة على دول العالم كان على مختلف المستويات وبأشكال متعددة، ومن ضمنها انخفاض الطلب على منتجات متعددة، ما يسبب رکودا في نمو الناتج المحلي. ومما لا يخفى على الجميع اهتمام قيادتنا الرشيدة بالمنتج المحلي واعتباره ركيزة أساسية للنهوض باقتصاد البلد، وكانت الجائحة كفيلة بأن توضح لنا هذه الأهمية، خصوصا مع حالة اضطراب سلاسل الإمداد العالمية والحاجة إلى سلاسل الإمداد المحلية والمصانع الوطنية، وبناء عليه أصبح الاعتماد على المصانع المحلية حاجة واضحة وملحة، وأصبحت خطط تطوير الصناعة تعمل بسرعة مضاعفة مقارنة بالوتيرة السابقة.
والجميل أن المصانع المحلية أثبتت قدرة عالية على النهوض بالإنتاج إلى مستويات جديدة، ومن ذلك تصنيع الأدوات الوقائية بكفاءة، مثل الكمامات وغيرها، وتوفير الاحتياج المحلي بشكل متكامل، ونستطيع القول إن الجائحة أثرت إيجابيا على خطط النهوض بالصناعة، والوزارة اليوم تعمل على زيادة الوعي والثقة بالمنتج الوطني والمصانع المحلية والتأكيد على قدرة الصناعة المحلية على تلبية الاحتياج، حيث إن النهوض بالصناعة مهمة وطنية تتطلب تكاتف الجميع في مختلف المستويات.
كما نعمل في منظومة الصناعة على عديد من المبادرات لتجاوز تأثيرات الجائحة في القطاع صناعي، ومن ذلك الدعم المالي لرأس المال العامل للمصانع في القطاعات ذات العلاقة بالجائحة، وتحمل المقابل المالي على جميع المصانع المحلية، وغيرها مما يسرع للمصانع العودة إلى أعلى مستويات الإنتاج.


- كيف نجحت المملكة أثناء الجائحة في توفير المواد الغذائية وبكميات كبيرة رغم معاناة عدد من الدول؟
تتمتع المملكة في القطاع الصناعي بقدرات متميزة بنيت على مدى أكثر من 40 عاما، جمعت بين الجودة والموثوقية واكتسبت ثقة المستهلك السعودي والإقليمي في عديد من القطاعات، ولدينا اليوم نحو 1400 مصنع للمواد الغذائية تتوزع في مختلف مناطق المملكة، ومن أهمها قطاع الألبان والدواجن والزيوت والتمور والمخبوزات، وإضافة إلى التفوق في مجال التصنيع الغذائي، يمتلك هذا القطاع قدرات لوجستية متميزة تشمل أساطيل النقل المبردة ومستودعات التوزيع المركزية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة والخليج.
وأسهمت كل تلك الإمكانات بشكل فاعل في وصول الإمدادات الغذائية إلى المستهلكين، كما شكلت الوزارة خلال الجائحة فريقا داخليا بإدارة خبراء بالملف الغذائي يجتمع يوميا للعمل على التحديات التي تواجه المصنعين والرفع بتقارير يومية تشمل التوصيات للتعامل مع الأزمة، وأثمرت تلك الجهود في تذليل الصعوبات التي واجهها القطاع الغذائي خلال الجائحة.


- نرغب بتفاصيل أكثر عن آلية خطتكم للتغيير في القطاع الصناعي وفق "رؤية 2030"؟ وكيف تقيمون تحقيق أهداف الرؤية حتى الآن؟
لا يخفى على الجميع أن تحويل المملكة إلى وجهة صناعية رائدة يعد أحد أهم مرتكزات "رؤية 2030"، وعلى هذا تم وضع مستهدفات سنوية طموحة للقطاع الصناعي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، تشمل رفع نسبة مشاركة الصناعة والتعدين في الناتج المحلي من 10 إلى 15 في المائة بحلول 2030 "من 272 مليار ريال هذا العام إلى ما يتجاوز 400 مليار في 2025 وصولا إلى أكثر من 600 مليار بحلول 2030".
كما أن قطاعي الصناعة والتعدين أوجدا اليوم أكثر من نصف مليون وظيفة، وهدفنا مضاعفة هذا الرقم بحدود الضعفين والوصول إلى 1.3 مليون وظيفة بحلول 2030. أما ما يتعلق بالاستثمارات، فتمكن قطاعا الصناعة والتعدين منذ إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، من جذب استثمارات من القطاع الخاص بأكثر من 200 مليار ريال، كما نستهدف رفع مساهمة الصناعة والثروة المعدنية في الصادرات التي تبلغ 184 مليار ريال بنهاية 2019 بالوصول إلى 424 مليارا بحلول 2030.


- يعد القطاع الصناعي المحرك الحقيقي وعصب النمو الاقتصادي لأي دولة، كيف ترون دوره في دعم الاقتصاد السعودي؟ وهل ستتم زيادة عدد المناطق الصناعية؟
لا يختلف أحد حول أهمية القطاع الصناعي وأنه أحد المكونات المؤثرة في تركيبة الناتج المحلي للدولة، خاصة مع كونه من أكثر القطاعات الاقتصادية استيعابا للأيدي العاملة من مختلف مستوياتها الفنية والعلمية. على سبيل المثال، وحسب الإحصاءات الأمريكية مثلا، كل 100 وظيفة في قطاع الصناعة توفر أكثر من 900 وظيفة غير مباشرة في الاقتصاد مقارنة بـ228 وظيفة في قطاع الزارعة والصيد، و235 وظيفة في قطاع البيع بالجملة، وهذه بحد ذاتها توضح الفارق بين تنمية القطاعات الصناعية وأثرها في الاقتصاد، كما أن الصناعة تعد ركيزة لاقتصاد لدول عديدة، وتعد أصولا أساسية للتعبير عن مدى قوة الدولة واقتصادها، ولنا في الصين وألمانيا خير مثال.
ونموذج العمل للمصنع يوجد أنشطة تجارية مباشرة وغير مباشرة، فهو يتطلب مواد خاما تستورد أو تصنع في الداخل، والعمليات التصنيعية تتطلب عجلة كبيرة من التنمية لتوفيرها، من خدمات تقنية ومعدات، وبيع المنتج النهائي يحتاج إلى أنشطة تجارية وخدمية مساندة، كالتغليف والمستودعات للتخزين، وأيضا شركات النقل المنتج. هذا - فقط - مثال سريع لما يوجده نموذج العمل للمصنع من أثر في الاقتصاد.
وفيما يخص المناطق الصناعية، فالتنوع الجغرافي كبير جدا، حيث تشرف الهيئة الملكية على أربع مدن صناعية، ولدى هيئة المدن الصناعية 35 مدينة منتشرة حول المملكة، لتشكل شبكة على المستوى الوطني في الاستفادة من المزايا التنافسية لكل منطقة، ونقل المنتج من مدينة إلى أخرى، وتعمل اليوم هيئة المدن الصناعية على إضافة مدينتين جديدة وهي "الطائف - وعسير الثانية"، لتعزيز هذا التنوع الجغرافي.

- ذكرتم أن ولي العهد وجه بآلية للتغيير في القطاع الصناعي، كيف سيتم ذلك؟
بالطبع، تقوم "رؤية المملكة" على التنوع الاقتصادي، وهذا التنوع سيشارك فيه قطاعا الصناعة والتعدين بشكل كبير، بما يوفرانه من إمكانات في تحقيق هدف التنوع الاقتصادي والاستدامة والنمو فيه، ونحن في المملكة ننطلق من قاعدة قوية تم بناؤها خلال أكثر من أربعة عقود كان التركيز فيها على الصناعات الأساسية من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية، وكذلك القطاعات الصناعية التكميلية التي تخدم المواد الاستهلاكية. وتهدف "رؤية المملكة" إلى نقل المملكة من هذا الواقع إلى مستهدفات المستقبل، ليكون القطاع الصناعي وقطاع التعدين من أهم ردائف النمو، والإسهام في رفع الناتج المحلي الإجمالي وإيجاد الفرص الوظيفية والصادرات والاستثمارات.
وسيكون ذلك من خلال أربعة مسارات مهمة، الأول هو إكمال البناء على القاعدة الموجودة والاستفادة من الموارد الطبيعية والعمل على تعميق القيمة المضافة منها. أما المسار الثاني، فهدف إلى توطين المنتجات المستهلكة محليا من خلال تحفيز الاستثمار في القطاع الصناعي لتحويل ما نستورده إلى إنتاج محلي. والمسار الثالث هو، تبني الثورة الصناعية الرابعة لعمل قفزات في هذا القطاع وما تحققه من سرعة في النمو، وأيضا كونها تتناسب مع تركيبتنا الاجتماعية بوجود نسبة كبيرة من الشباب والشابات. والمسار الرابع هو، إيجاد فرص مبنية على الطلب العالمي والمستقبلي.


- ما خطة الوزارة لمشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الصناعات الوطنية، خاصة في الصناعات التحويلية والخفيفة؟
دعنا نتفق أن الصناعة في الأساس تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، والوزارة من خلال منظومة الصناعة تريد الالتفات إلى هذه المنشآت، واليوم هناك فرص للمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال ثلاثة مسارات: مسار الصناعات التحويلية، والصناعات الجديدة المرتبطة بالتقنيات الحديثة، والمسار الثالث في الخدمات الصناعية، وحاليا نناقش مع بعض الجهات بحث إمكانية تحفيز المصانع الصغيرة والمتوسطة.
وأشير إلى أن بعض الصناعات تعتمد على الأيدي العاملة الرخيصة وذات المهارات المحدودة، وهذا ما لا نريده، فنحن نحتاج إلى صناعات تعتمد على الميكنة والتقنية، وأن توفر الصناعة الفرص الوظيفية النوعية للسعوديين.


- نأمل في لمحة لأبرز الأرقام والإحصائيات الصناعية الجديدة في المملكة؟
نحرص في الوزارة على أن ننشر شهريا أبرز الأرقام والمؤشرات، ويتم ذلك من خلال التقرير الشهري، الذي ينشر عبر الحساب الرسمي للوزارة، بهدف رفع مستوى الشفافية وإيضاح المستجدات في القطاع، ومن أبرز ما يمكنني ذكره هنا أن قطاع الصناعة شهد نموا ملحوظا في عدد المنشآت الجديدة المرخصة، حيث منحت الوزارة 811 رخصة صناعية جديدة خلال الفترة من آب (أغسطس) 2019 حتى آب (أغسطس) 2020، وبحجم استثمار بلغ 13 ملیارا و220 مليون ريال.
كما شهد عدد المنشآت الصناعية القائمة نموا 8.6 في المائة خلال الفترة ذاتها، حيث بلغ عددها 9357 مصنعا، وكذلك شهد حجم الاستثمار في القطاع الصناعي للفترة نفسها نموا 6 في المائة، حيث بلغ تريليونا و71 مليار ريال بنهاية آب (أغسطس) 2020.

- ما استراتيجيتكم المقبلة فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية إلى المملكة؟ وكيف نجعل الاستثمار الصناعي الاختيار الأول للمستثمر؟
تتمتع المملكة بميزات تنافسية جيدة وبيئة استثمارية متميزة، ابتداء من موقعها الجغرافي وحجم الطلب المحلي، وثبات العملة والنظام المالي، كل هذه المحفزات للمستثمر الأجنبي وإيجاد فرص لمن لديهم حصص سوقية ومنتجات لها رواج داخل المملكة وأن تكون المملكة في المركز الإقليمي لهم في التصنيع والتوزيع، كما تولي حكومة المملكة أهمية للاستثمار عموما، وكان إنشاء وزارة الاستثمار إشارة إلى ذلك، ونعمل معا لإيجاد الفرص الملائمة للقطاع الصناعي، التي تجمع بين أهميتها للتنمية وجاذبيتها للمستثمر، كما نعمل على تحسين موقع المملكة في التنافسية، التي تحتل المرتبة الـ37 في مؤشر منظمة اليونيدو للتنافسية الصناعية، ونطمح إلى تحقيق ترتيب متقدم في هذا المؤشر، كما أن الاستثمار المحلي له أهمية أيضا، ولعل تحسين البيئة الاستثمارية والتشريعات عموما، يؤدي إلى رفع جاذبية هذا القطاع للاستثمار.

- ما أهم المقومات الصناعية التي تحظى بها المملكة وترونها من أهم المميزات؟
تمتلك المملكة مقومات ممتازة، ابتداء بالثروات الطبيعية في جانب النفط أو المعادن، إضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز، ثم التركيبة السكانية التي تتميز بوجود نسبة عالية من الشباب والشابات والقدرات المالية والسوق المحلية القوية. كل هذا المزيج يساعد المملكة على أن تكون بلدا صناعيا قويا يخدم احتياجه المحلي ويعمل على التصدير لمختلف أنحاء العالم، وهو من أبرز الأهداف التي تركز عليها رؤية المملكة 2030، عبر برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، كما تتيح المملكة من خلال حجم سوقها، التي تعد الأكبر بين دول المنطقة، فرصة نادرة للتكامل بين عدة عوامل ومقومات قلما تتوافر في مكان واحد، ومن أهمها سهولة الوصول إلى أسواق المنطقة، من خلال شبكة متكاملة من البنى التحتية الأساسية والخدمات اللوجستية، إلى جانب البنية الرقمية المتطورة، ما يشكل بيئة مناسبة لتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
من جانب آخر، تتوافر عدة ممكنات ومحفزات للقطاع الصناعي، ومن أبرزها في مجال التمويل، مثل قروض الصندوق الصناعي، حيث تصل إلى نحو 75 في المائة من قيمة المشروع في بعض الحالات، أما فيما يخص الموارد البشرية، فهناك حزم دعم التوظيف والتدريب التي يوفرها صندوق تنمية الموارد البشرية، كما يتم توفير أراض صناعية متكاملة الخدمات وبأسعار رمزية في مناطق المملكة كافة. ولا بد من الإشارة أيضا إلى الميزة التنافسية للمملكة في بعض سلاسل الإمداد، وتوفير مدخلات الإنتاج الجيدة بأسعار منافسة، خاصة من قطاعات البتروكيماويات والتعدين والطاقة، التي تشكل معا العمود الفقري لعدد من الصناعات اللاحقة Downstream.

- وماذا عن تأثير رفع ضريبة القيمة المضافة على الصناعة في المملكة؟
نحن نراقب الأثر، إلا أنه قد يكون هناك أيضا استغلال لهذه الضريبة في بعض السياسات لتفضيل الصناعات الوطنية.

- ما أبرز سمات مشروع "صنع في السعودية"؟
يعد برنامج "صنع في السعودية" مشروعا وطنيا نعمل حاليا على تأسيسه تحت إشراف هيئة تنمية الصادرات السعودية، انطلاقا من أهداف رؤية السعودية 2030، التي تسعى المملكة من خلالها إلى تنمية الناتج المحلي غير النفطي، ولأن المملكة تمتلك من المقومات الاقتصادية والجغرافية ما يكفي لتعزز من موقعها كدولة تقدم أكثر من مجرد منتجات النفط الخام، ما يجعل من وجود برنامج لتشجع الإنتاج المحلي وهوية تجارية لترويج المنتجات والخدمات السعودية، أمرا مهما.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز الارتباط بالمنتج السعودي، سواء في الداخل أو الخارج، وذلك من خلال رسم صورة ذهنية إيجابية للمنتج السعودي لدى المستهلكين والمتعاملين معه، ونهدف في نهاية المشروع إلى تعزيز رغبة المواطنين والمقيمين في استهلاك وتفضيل المنتج السعودي والاعتزاز به، إضافة إلى إعطائه قوة عالمية، ودون شك هنا أيضا ننطلق من قاعدة قوية، فالمنتج السعودي له قبول واستحسان لدى الأسواق التي يوجد فيها، وسنعظم الاستفادة من هذا القبول والسمعة الإيجابية.

- طرحتم في لقاء سابق تفاؤلكم بأن يتم ضخ الأموال للاستثمار في القطاع الصناعي بدلا من سوق العقار، هل ترون إمكانية تحقق ذلك في ظل الظروف الحالية؟
بالطبع، هدفنا الأساسي في الوزارة والمنظومة أن يكون قطاعا الصناعة والتعدين من أهم القطاعات ذات الأولوية لدى المستثمرين، وسيكون ذلك من خلال خليط من المحفزات والتشريعات، فالصناعة محور أساسي في رؤية المملكة 2030، وتشهد تحفيزا كبيرا لتحقيق التحول الاقتصادي المنشود ومستهدفات الرؤية، ومن الطبيعي أن تتجه رؤوس الأموال إلى الاستثمار في الصناعات الواعدة والاستفادة من المحفزات والممكنات المقدمة من الدولة، كما أننا نعمل على ذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار الصناعي والدفع بآليات النمو الاقتصادي للقطاع الصناعي.

- الثورة الصناعية الرابعة، ما مدى استفادة المملكة منها؟ وكيف تقيمون دورها في "رؤية 2030"؟
بالتأكيد، الثورة الصناعية الرابعة مهمة للمملكة، وكما ذكرت هي أحد المسارات التي نعمل على أن تساعد على نقل المملكة سريعا إلى مصاف الدول المتقدمة، وبالمجمل فهي تمثل تحولا في سياسات ومنهجيات العمل، وتعتمد على التكامل بين التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد، وحاليا استفادت عديد من المنشآت الكبيرة في المملكة من حلول الثورة الصناعية الرابعة في رفع الإنتاجية والتنافسية وفي أتمتة الأعمال وإيجاد وظائف عالية المهارة وجاذبة للقوى العاملة الوطنية.
كما أن المنتدى الاقتصادي العالمي صنف معمل الغاز في العثمانية، ومعمل خريص للإنتاج في شركة أرامكو السعودية، كمنارتي طريق عالمية، ومع ذلك توجد فرص كثيرة لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وبالذات في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتقدر صافي قيمة الاستثمار في الثورة الصناعية الرابعة، خلال الأعوام العشرة المقبلة بأكثر من ربع تريليون ريال، كما أن الثورة الصناعية الرابعة ترتبط بعديد من أهداف "رؤية 2030"، مثل توطين الصناعات الواعدة وتعظيم القيمة المتحققة من قطاع التعدين وتنمية الاقتصاد الرقمي، وهي تمثل فرصة حقيقية للقفز بقطاعات الصناعة والتعدين إلى مستويات غير مسبوقة.
وتعد برامج ومبادرات "رؤية 2030" من أهم عوامل تسريع تبني حلول الثورة الصناعية الرابعة والاستفادة القصوى منها.
إضافة إلى ذلك، فإن المملكة تمتلك مقومات عديدة تساعدها على انتهاز الفرص، مثل التركيبة السكانية الشابة والمتعودة على استخدام التقنيات الحديثة، والبنية التحتية الرقمية المتطورة، وقدرة المملكة على تمويل المشاريع من خلال الصندوق الصناعي.
كما تمثل المدن الصناعية، مثل الجبيل وينبع، فرصا فريدة، حيث إنها تمتلك بنية تحتية صناعية متطورة، وتضم عددا كبيرا من المصانع المتكاملة، التي تمكنها من تطبيق حلول الثورة الصناعية الرابعة على نطاق واسع.

- لاحظتم كيف كان للقطاع التقني الدور الكبير خلال فترة جائحة كورونا ولعب دورا في تسهيل أمور الحياة اليومية، كيف ترون مستقبل تطور الصناعة التقنية في السعودية؟
دون شك استثمرت المملكة في بنية تحتية قوية فيما يتعلق باستخدام التقنية، أسهم في مواجهة الجائحة من خلال الأنماط الجديدة، سواء في التعليم أو في العمل عن بعد وغيرها، ودون شك أن هذه الاستثمارات سيكون لها أثر إيجابي في القطاع الصناعي، خاصة فيما يتعلق بتبني الثورة الصناعية الرابعة. وخلال الجائحة، قدمت الوزارة كثيرا من الخدمات، مثل التصاريح وبعض الموافقات الخاصة بالتراخيص، إلكترونيا، وبعد انحسار الأزمة تمت أتمتة كثير من الخدمات الصناعية المقدمة للشركاء الصناعيين.

- من أبرز أهداف برنامج تطوير الصناعات الوطنية أن يتم تطوير الصناعات العسكرية وتوطينها محليا، كيف تنظرون إلى مسار هذا المشروع وفوائده على الاقتصاد؟
اليوم أغلبية المبالغ المخصصة للمعدات والخدمات العسكرية تنفق على معدات مستوردة، ما يوجد فرصة ضخمة لتوطين هذا القطاع. ولدى الهيئة العامة للصناعات العسكرية استراتيجية طموحة للتوطين بالوصول إلى 50 في المائة بحلول عام 2030، وهذه الاستراتيجية سيكون لها أثر إيجابي في القطاع الصناعي عموما، حيث إن جزءا كبيرا في الصناعات العسكرية له استخدامات مدنية، وأحد أبرز مستهدفات الرؤية، توطين الإنفاق على المعدات والخدمات العسكرية، وتم العمل على وضع السياسات والتشريعات والاستراتيجيات التي تضمن جاهزية القطاع، وفتح قطاع الصناعات العسكرية للمستثمرين المحليين والأجانب، وعقد شراكات استراتيجية مع المصنعين العالميين، وإدارة عملية المشتريات العسكرية، إضافة إلى الاستفادة من الاستخدام الثنائي للمنتجات والتطبيقات العسكرية في المجالات المدنية، من خلال التكامل في منظومة الصناعة وزيادة الطلب على المنتجات الأولية وسلسلة الإمداد، ما يوفر فرصة استثمارية للمصنعين المحليين والدوليين.
كما عملت الهيئة العامة للصناعات العسكرية على استراتيجية تحدد المجالات ذات الأولوية، التي ينبغي التركيز عليها لتعظيم نسبة التوطين، ما سيوجد فرصا ضخمة وعوائد اقتصادية كبيرة، سواء كانت في عدد الوظائف التي ستوجد أو في تحسين ميزان المدفوعات، وما لا شك فيه أن تعظيم الاستفادة من هذا القطاع سيكون له مردود كبير على القطاعات الصناعية الأخرى، نظرا إلى سلاسل الإمداد المتعددة التي يحتاج إليها هذا القطاع من مختلف الصناعات أو الخدمات المساندة.

- السعودية تتمتع بإمكانات صناعية كبيرة إلا أنها ما زالت متأخرة مقارنة بالدول الأخرى في مجال الصناعات الثقيلة مثل السيارات، والقاطرات، ومكونات الطائرات، هل لديكم خطة للنهوض بهذا النوع من الصناعة؟
تعد صناعة السيارات وأجزائها، من الصناعات الواعدة التي تحظى باهتمام القيادة، ومن الصناعات المحورية التي لها دور كبير في دعم الصناعات المجاورة، مثل الصناعات الكيماوية، وصناعة مكونات الطائرات والقطارات وغيرها.
ونظرا إلى التغيرات السريعة والتحول التكنولوجي، الذي يمر بصناعة السيارات في العالم، تعمل الوزارة حاليا على الاستفادة من هذا التحول ورسم توجه استراتيجي يساعد على توطين قطع وأجزاء السيارات في المملكة، معززة بإمكانات المملكة والميزة التنافسية الموجودة، لدعم الصناعات المستقبلية المرتبطة بها.
كما أن معظم الصناعات الثقيلة تعتمد على ركيزتين أساسيتين، ترتبط بالدرجة الأولى بتوافر المواد الخام، وبالدرجة الثانية بالمهارات الفردية في مجال التصنيع. وبالنسبة إلى المواد الخام، فتلك واحدة من أقوى مكامن القوة للمملكة، في توافر المعادن الرئيسة، مثل الألمنيوم والتيتانيوم، التي تعد عناصر رئيسة تدخل في صناعة الطيران. واليوم تم إنتاج مادة التيتانيوم الإسفنجي في مدينة ينبع الصناعية، الذي يعد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، وهذا بالتالي سيفتح المجال لعديد من الفرص أمامنا.
كما ندرس عدة خيارات، منها الاستفادة من قطاع البتروكيماويات لاستقطاب وتوطين تكنولوجيا صناعة مركبات ألياف الكربون، التي تدخل بنسبة عالية ليس فقط في صناعة الطيران، بل تشمل أيضا صناعة الطاقة المتجددة وصناعة السيارات والقطاع العسكري.


- خلال زيارات ولي العهد السابقة لآسيا تم عقد عدد من اللقاءات مع عمالقة السيارات، ومنها "تويوتا"، وأعلن تأسيس شركات ومجمعات صناعية، أين وصلت المشاريع حتى الآن؟
نعمل في منظومة الصناعة جاهدين على متابعة جميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، ومحاولة تحويلها إلى واقع، وذلك من خلال دراسة الجدوى منها والإسهام في الاستراتيجية الصناعية، وربط ذلك بالاستراتيجيات الموازية، مثل التوطين والمحتوى المحلي، وغيرها، ولا تزال المفاوضات قائمة مع كبريات الشركات الآسيوية. وتدرس المملكة الفرص الاستثمارية المنبثقة من زیارات ولي العهد لعدد من الدول الآسيوية من منظور شامل، لأنها لا تقتصر فقط على تصنيع السيارات، بل في مشاريع سلاسل الإمداد التي تعد جزءا مهما لجدوى إقامة المصانع الرئيسة. ونعمل حاليا على استقطاب ودراسة الفرص مع الشركات ذات الجودة العالية، بحسب المعايير العالمية.


- هل هناك خطة لإعادة هيكلة الهيئات الصناعية؟ وكيف تقيمون دورها؟
نعمل في الوزارة ومنظومة الصناعة على التكامل الذي يصب في مصلحة القطاع وتطوير الأداء، من خلال عدة محاور، ولعل تحول برنامج التجمعات الصناعية إلى المركز الوطني للتنمية الصناعية، أحد المؤشرات على ما نعمل عليه.

- هناك صناعات تعتمد على تجميع قطع الأجهزة منذ عقود وتستفيد من حزم الدعم الحكومي ولم تتطور لتصنع أجزاء أو أكثر من الأجهزة، هل سيجري تصحیح واقعها؟
لدى المملكة شركاء نجاح من مصانع عالمية في صناعة الآلات والمعدات، ولهم تاريخ طويل في دعم احتياجات المشاريع الحكومية والشركات الوطنية مثل "أرامكو" و"سابك" و"تحلية المياه"، ونجحت تلك المصانع في تصدير منتجاتها إلى الدول الإقليمية، وهنا ينبغي تأكيد ضخامة هذا القطاع وتقاطعه مع عديد من الصناعات. ولتحقيق النمو المستهدف لتلك القطاعات، وضعت الوزارة خطة لتوطين صناعة الآلات والمعدات، عبر استراتيجية تعتمد على دعم المصانع الوطنية وإيجاد آلية تنفيذية لحل التحديات التي تواجهها، والعمل على فهم سلال القيمة والإمداد لتلك المصانع، ما يسهل إیجاد المحفزات والممكنات المناسبة في سبيل جذب مستثمرين لتوطين تلك الصناعات.


- هل ترون جدوى من صناعات نشأت من استغلال الدعم واستمرت عليه؟
المملكة من أقل الدول التي لديها صناعات تعتمد على دعم مباشر، وعلى العكس، فإن المملكة سوق مفتوحة، والحواجز الجمركية منخفضة، وأي دعم - إن وجد - يكون مؤقتا وضمن ما هو مسموح به في اتفاقية منظمة التجارة العالمية.

- فيما يتعلق بإقرار رسوم على عدد كبير من الواردات، ماذا تم بشأنها؟
طبقت في حزيران (يونيو) الماضي تنفيذا لقرار مجلس الوزراء بالموافقة على رفع التعرفة الجمركية للسلع المستهدف حمایتها إلى السقوف التي التزمت بها المملكة في منظمة التجارة العالمية.
ومن المهم التأكيد أن أثر رفع الرسوم الجمركية لن يكون مباشرة في المستهلك النهائي "المواطن"، بحكم أن معظمها منتجات وسيطة تدخل في عمليات تصنيع وتشكيل قبل وصولها إلى المستهلك، ويحرص القرار على أحقية المواطن والمستهلك في الحصول على سلع بديلة ومثيلة محلية بجودة عالية، مع توافر بدائل من الدول التي لدى المملكة معها اتفاقيات تجارة حرة، علما بأن نسبة الزيادة في الجمارك تظل الأقل في العالم، إضافة إلى محدودية السلع الاستهلاكية التي ترتبط بالمستهلك مباشرة.
ولهذا القرار دور مهم في تعزيز تنافسية الصناعات الوطنية والمحتوى المحلي وتحسين أداء الشركات الوطنية وإيجاد الوظائف، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، ويمنح القرار الأولوية القصوى للمنتجات ذات الصبغة الصناعية، التي تنتج محلية ولها منتجين متعددين ذوي طاقات إنتاجية تتناسب مع احتياجات السوق.
كما أن له دور كبير في دعم المحتوى المحلي، وتمكين الصناعات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية وضمان نموها وتطورها لتسهم في تنمية الاقتصاد المحلي، ويراعي رفع العائد الاقتصادي الشمولي عبر تمكين الصناعة الوطنية من استغلال طاقاتها الإنتاجية المتوقفة، وتشجيع الاستثمار وحماية الوظائف وإتاحة فرص وظيفية جديدة للمواطنين تبعا لزيادة الإنتاج في المصانع المحلية للمنتجات البديلة، وأخيرا سيسهم تطبيق القرار في زيادة الصادرات من المنتجات المحلية، وهو ما سيخدم أهداف "رؤية 2030" بتنويع مصادر الدخل، وتوفير النقد الأجنبي، وتحسين الميزان التجاري للمملكة.

- ما سبب نجاح استراتيجية الوزارة في تطوير قطاع صناعة الأدوات الصحية الضرورية أثناء الجائحة، وزيادة كميات الإنتاج منها، ومن أهمها الكمامات، والقفازات، والمعقمات، وهي التي تدخل في مجال الصناعات الكيماوية؟
أعتقد أن منظومة الصناعة كاملة نجحت في التعاطي مع الجائحة فيما يتعلق بالإمدادات الصحية الضرورية، خاصة الكمامات والمعقمات وأجهزة الوقاية عموما، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك القدرات المحلية، وأن التركيز على دفعها نحو الأمام له أثر إيجابي في النتائج.
كما أنه كان هناك عمل يقوده الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، مع الوزارة وعدد من الجهات ذات العلاقة، مثل وزارة المالية ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية وشركة نوبكو، وغيرها من جهات المنظومة، كصندوق التنمية الصناعية السعودي والمركز الوطني للتنمية الصناعية. مجموعة من المحفزات والتسهيلات التي كان لها الأثر الأكبر في رفع القدرة الإنتاجية لمصانع الكمامات الطبية، وفي وقت قياسي، من 450 ألفا إلى ثلاثة ملايين كمامة في اليوم.
كذلك تم رفع عدد مصانع المعقمات من 12 مصنعا إلى 70 مصنعا في غضون ثلاثة أشهر، من خلال توفير صناعة المواد الخام الأساسية، كالكحول الطبي عالي النقاوة محليا. ومن تلك التسهيلات، التواصل مع الجهات ذات العلاقة من أجل شحن خطوط الإنتاج وتقنين التصدير وتسريع فسح المواد الخام المستوردة، إلى جانب تقديم الدعم الفني واللوجستي للمصنعين خلال الحظر الكلي والجزئي، ومراقبة سلاسل الإمداد وحمايتها من أي توقف.
ومن ذلك، مصانع علب المعقمات ومصانع الأقمشة غير المنسوجة، التي تدخل في عدد كبير من منتجات الوقاية الشخصية. وامتد التكامل بين الجهات الحكومية إلى التنسيق بين المنظومة الصناعية والقطاع الخاص، من أجل الاستفادة من الشركاء العالميين والتوجيه بسرعة توفير بعض المواد الخام محليا، مثل الإيثانول، الذي بدوره أدى إلى توافر مخزون استراتيجي من هذه المادة.
كما أسهمت المرونة التي تتمتع بها الصناعة الوطنية، في توظيف واستغلال المواد الأولية المحلية، لتحسين سلاسل الإمداد لهذه المستلزمات، مثل توطين إنتاج الكحول الطبي عالي النقاوة وتعزيز سلاسل القيمة لمنتجات الوقاية، وتعمل الوزارة حاليا على استكمال بعض سلاسل القيمة لمنتجات الحماية، مثل فلاتر الكمامات وغيرها.
ويجري حاليا استمرار هذا العمل وبشكل مكثف ومتواصل مع عديد من الجهات الحكومية، شملت وزارة الصحة ووزارة التجارة والهيئة العامة للغذاء والدواء والهيئة العامة للجمارك، وغيرها من الجهات، من أجل المراقبة اللحظية للسوق ومعرفة مواطن الاحتياج والنقص وتوجيه الدعم عاجلا لضمان توافر هذه المستلزمات. وجميع هذه الإجراءات والدعم من الدولة كان له الأثر الأكبر في الوصول بالإنتاج إلى حد الاكتفاء في بعض المنتجات في وقت قياسي.


- من بين أهداف برنامج تطوير الصناعة الوطنية أيضا الاهتمام بصناعة الأدوية، وبرزت أهمية ذلك خلال فترة الجائحة، ما أبرز عناصر الاستراتيجية في هذا الشأن؟
يعد قطاع صناعة الأدوية والتقنية الحيوية من القطاعات ذات الأولوية والأهمية الاستراتيجية للمملكة من ناحية تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الدوائي للمملكة، وتوجد عدة عناصر ترتكز عليها استراتيجية الصناعة الدوائية، حيث تم حصر حجم السوق الدوائي في المملكة بدقة، الذي يصل إجمالي حجمه إلى نحو 30 مليار ريال سنويا، حيث تم تقسيمه إلى عدة قطاعات فرعية لتحديد القطاعات الدوائية الأساسية في المملكة.
ومن هذه القطاعات الفرعية، قطاع الأقراص الفموية، وقطاع الخامات الدوائية الفعالة، وقطاع المحاليل الوريدية، وقطاع مشتقات بلازما الدم، إضافة إلى قطاعي الأدوية الحيوية واللقاحات، حيث يعد هذان القطاعان الأعلى نموا بين القطاعات الدوائية الفرعية بنسبة نمو تصل إلى 17 في المائة.
وأسهمت هذه الآلية المنظمة بوضوح، خصوصا في بدايات فترة جائحة كورونا، عندما أعلنت معظم دول العالم إيقاف التصدير للمواد الخام الدوائية، في مساعدة وزارة الصحة والهيئة العامة للغذاء والدواء، على معالجة الانكشافات الدوائية بتدخل الصناعة المحلية بسرعة، حيث تم التعاون معهم في تحديد الانكشافات والتواصل مع المصنعين المحليين والدوليين إلى تأمين احتياجات المملكة وبسرعة. وجاري حاليا قيادة ملف تأمين المواد الخام الأساسية واللقاحات محليا، بالتعاون مع وزارات الطاقة والصحة والاستثمار، والجهات الأخرى ذات العلاقة.


- هل أنتم راضون عن حجم التوطين في الصناعة، وما آخر الأرقام المحدثة والمتوقعة؟
التوطين هو رحلة تحتاج إلى خليط من الأدوات، تبدأ بالتوجه الواضح ووضع الأولويات والممكنات والسياسات، ونحن لدينا خطة لذلك ومشروع مستقل يهدف إلى إيجاد استراتيجية للتوطين، وستكون الوزارة شريكا أساسيا فيها ضمن جهات أخرى. وبلغت نسبة التوطين الحالية في قطاع الصناعة حتى نهاية آب (أغسطس) 2020، 35 في المائة، حيث بلغ عدد العاملين السعوديين 218239 بنسبة نمو 3.64 في المائة مقارنة بنهاية آب (أغسطس) 2019.


- السعودية لديها مشاريع كبيرة في قطاع البتروكيماويات، ما أهم المقومات التي تعتمد عليها؟ وما الذي تطمح إليه الوزارة من خلالها؟
قطاع البتروكيماويات من أهم القطاعات، ومن أكثرها نضجا في المملكة، ونفتخر به على مستوى العالم، وحققت المملكة في هذه الصناعة خطوات مهمة، ابتداء بالصناعات الأساسية فيها، وانتشرت حول العالم لتصبح لاعبا رئيسا، وحان الوقت لتعظيم العائد من هذه الصناعة، وإيجاد صناعات تكميلية، وإنتاج منتجات نهائية وذات قيمة مضافة مرتفعة، وليس فقط مواد خام، وتطوير سلاسل الإمداد، وتوفير مواد خام أساسية تساعد على جذب صناعات أخرى، إضافة إلى توطين المنتجات، حيث تعمل الوزارة من خلال خطة استراتيجية للتوطين على تحويل القدر الأكبر من المنتجات الاستهلاكية إلى صناعة محلية. ورفع نسبة إسهام قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.

- المشاريع الصناعية المتعلقة بالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، كيف تنظرون إلى مستقبلها وأهميتها محليا؟
المشاريع الصناعية المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المتجددة عموما، هي مشاريع واعدة، ولدى وزارة الطاقة خطط في هذا الاتجاه سيكون لها أثر إيجابي في القطاع الصناعي، لما لها من تأثير مباشر في توطين هذه الصناعات وجلب الاستثمارات اللازمة إليها، و"رؤية المملكة" تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط مصدرا للطاقة، وعدم التركيز - فقط - على الطاقة المتجددة، بل على مزيج من الطاقة المتجددة والغاز، التي تلبي إمدادات الطاقة المحلية، والأهم من ذلك أن يكون هذا المزيج محركا استثماريا واقتصاديا.

- ما أبرز الملفات التي تمت مناقشاتها من وزراء الصناعة لدول مجموعة العشرين تمهيدا لطرحها في أجندة قمة العشرين التي تستضيفها السعودية؟
هناك مواضيع وعلاقات عموما، في بعض الصناعات، فمثلا: الاقتصاد الرقمي، والطاقة والمناخ، والبرنامج الوطني للاقتصاد الدائري، والدعم والتمكين المالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبناء سلاسل إمداد قوية بين الدول لحماية الصناعات ومواد الإنتاج الأولية، التي قد تتأثر جراء الظروف، مثل جائحة كورونا.

- ولي العهد، قال في تصريح سابق، إن لدينا نفطا آخر، وهو قطاع التعدين، نأمل في تفصيل أكبر عن حجم الثروات التعدينية في المملكة، وما أهمية القطاع في دعم التنوع الاقتصادي؟
يسعى قطاع التعدين إلى تحقيق أهدافه الرئيسة المتمثلة في الإسهام في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتنمية الإيرادات غير النفطية، والإسهام في الناتج المحلي.
والاستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية اعتمدت - في الأساس - على ما قاله ولي العهد، من أن لدينا نفطا آخر هو، قطاع التعدين، وانبثقت، بطبيعة الحال، من رؤية المملكة 2030، التي ركزت على تعظيم القيمة المحققة من الموارد المعدنية الطبيعية في المملكة، من خلال الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية وتطوير الاستثمار التعديني.
وتزخر مناطق المملكة بالثروات المعدنية على اختلاف أنواعها، التي قدرت الدراسات قيمتها بنحو خمسة تريليونات ريال. ولذلك، فإن قطاع التعدين والصناعات المعدنية مرشح بحلول عام 2030، ليصبح الركيزة الثالثة في الصناعة السعودية، بل يصبح هذا القطاع، الممكن الأكبر للصناعة السعودية في المستقبل.
ولعل من المهم الإشارة إلى القرارات التي أصدرتها الوزارة في أبريل الماضي، التي تتعلق بتخصيص 54 موقعا للاحتياطي التعديني بمساحة تقارب 3600 كيلومتر مربع، وتتوزع هذه المواقع في كل من مناطق الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وعسير وحائل ونجران، حيث تم تخصيص 12 موقعا لخام الذهب، و12 موقعا لخام النحاس، وتسعة مواقع للعناصر الأرضية النادرة، وسبعة مواقع لخام الفضة، وأربعة مواقع لخام الزنك، وثلاثة مواقع لخام الرصاص، وموقعين لخام الحديد، وموقعين لخام الكوارتز، وموقع واحد لخام القصدير، وموقع واحد لخام الموليبيدنيوم.
وقريبا ستنطلق المرحلة الأولى من مشاريع مبادرة برنامج المسح الجيولوجي الإقليمي في المملكة على مساحة تصل إلى أكثر من 600 ألف كيلو متر مربع، تغطي كل مساحة المنطقة الجيولوجية المعروفة باسم الدرع العربي، وهذا يعني تحقيق مزيد من الاكتشافات للمناطق المتمعدنة ومزيد من اكتشافات أنواع المعادن الموجودة في أراضي المملكة.

- أثبت معدن الذهب أنه أقوى الملاذات الآمنة للمستثمرين خلال جائحة كورونا، ما أبرز المشاريع والاتفاقيات المبرمة مع الشركات الكبرى للتنقيب عنه، خاصة على ساحل البحر الأحمر؟ وكيف ترون موقع السعودية عالميا في إنتاج الذهب؟
كما أشرت سابقا، كان من بين قرارات الوزارة أخيرا، تخصيص 12 موقعا للاحتياطي التعديني لخام الذهب. وهناك الآن عدد من الشركات يستثمر في هذا المجال، كما أن هناك زيادة في إنتاج معدن الذهب في المملكة، حيث حقق هذا الإنتاج قفزات متوالية منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 وتركيزها على تنمية قطاع التعدين.
ونتوقع خلال الأعوام المقبلة أن يتنامى قطاع إنتاج الذهب في المملكة، خاصة بعد أن خصصت - كما ذكرت - مجموعة من مواقع الاحتياطيات التعدينية، التي ستخضع للاستكشاف بناء على ما قدمته الدراسات الجيولوجية من احتمالات كبيرة لوجود الذهب في هذه المواقع.

- ما الذي تم بخصوص إنشاء صندوق التعدين؟
قطاع التعدين من أكثر القطاعات التي لديها فرص، وذلك لوجود الموارد الطبيعية وعدم استغلالها في السابق، وتطمح رؤية المملكة 2030 إلى تعزيز العائد من القطاع التعديني، لذلك كان هناك مشاريع مهمة لبناء القاعدة الأساسية في هذا القطاع، والمعتمدة على المسح الجيولوجي، الذي نعمل حاليا على تنفيذه لتغطية مساحة تصل إلى ثلث مساحة المملكة. وسينتج عن هذا المشروع توفير كم هائل من المعلومات التي ستساعد المستثمرين على اتخاذ القرارات الخاصة باستثماراتهم، كما أن نظام الاستثمار التعديني يؤسس انطلاقة جديدة لهذا القطاع والاستثمار فيه، من خلال تبسيط الإجراءات وجعلها أكثر وضوحا وشفافية، وتمكين الجهات الإشرافية على تحقيق دورها بالشكل الملائم.

- فيما يتعلق بالصناعات اللوجستية واستغلال موقعنا بين ثلاث قارات كونه ركيزة أساسية للرؤية أن نصبح مركزا لوجستيا عالميا، كيف ترون التقدم في ذلك؟ وماذا عن طرح الفرص الاستثمارية في هذا القطاع؟
يعد القطاع اللوجيستي واحدا من القطاعات الرئيسة، التي تسعى المملكة إلى تطويرها وفقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وذلك من خلال تحسين الربط الداخلي والخارجي في القطاع، وتطوير الإجراءات والتشريعات لرفع مستوى الأداء وإعطائه ميزات تنافسية عالمية، وتحقيق مستهدف تحويل المملكة إلى منصة لوجستية عالمية. ولعل أهم ما يميز برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب"، النظرة الشمولية للقطاعات المترابطة، وهي الصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية والتعدين.
وبالنسبة إلى الخدمات اللوجستية، فإنها تعد عصب النشاط الاقتصادي والصناعي والتعديني خصوصا، لما لها من أثر في الحركة التجارية وسهولة وصول المنتجات والتكلفة المرتبطة بها. ويعمل البرنامج على تعزيز هذه القدرات، وكذلك اللجنة اللوجستية بقيادة وزير النقل، التي تقوم بعمل نوعي ومهم لتسهيل عملية التحول في هذا القطاع، لضمان سرعة الإنجاز وتذليل جميع العقبات التي قد تواجه الجهات التنفيذية لبرنامج "ندلب" والمستثمرين، لتحقيق الاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي المهم للمملكة، وإيجاد قيمة اقتصادية مضافة يمتد تأثيرها إلى بقية القطاعات الرئيسة.
ولذا، تم رفع إسهام القطاع الخاص عبر إشراكه في إدارة وتشغيل بعض عمليات الموانئ، كعقود الإسناد في مينائي جدة والدمام، بمجموع استثمارات بلغ 16 مليار ريال، إضافة إلى الجهود الأخرى المبذولة، كزيادة حصة المسافنة الإقليمية وفتح أربعة خطوط مباشرة لشحن وتصدير المنتجات الوطنية، وتقليص مدة الفسح الجمركي لتصل إلى 24 ساعة.
ويتطلع البرنامج إلى أن تحتل المملكة المرتبة العاشرة في مؤشر الأداء اللوجستي بحلول عام 2030، إضافة إلى رفع حجم وقيمة البضائع المتناولة عبر موانئ المملكة لتصل إلى 40 مليون حاوية قياسية، وخدمة ما يزيد على 330 مليون مسافر عبر مطارات المملكة.

- ماذا عن بنك الصادرات، وما أبرز أعماله؟
تعد الصادرات من أهم دعائم رؤية المملكة 2030 وبرنامج ندلب، لما لها من أهمية في إيحاد الفرص للمنتجات المحلية عالميا، وكذلك أثرها الإيجابي في ميزان المدفوعات، وتوفير العملة الأجنبية، وغيرها من المكاسب التي يحققها التصدير والصادرات، وهي أكبر عامل في استخدام ميزة الموقع الجغرافي للمملكة. وهناك عمل دؤوب لدعم التصدير، من خلال تذليل العقبات وسد الفجوات وإيجاد التشريعات، سواء المرتبطة بالعلاقات التجارية من خلال هيئة التجارة الخارجية أو الممكنات المالية، من خلال بنك الصادرات، الذي أطلق أخيرا، وتم اعتماد بنك الصادرات السعودي برأسمال 30 مليار ريال، وتمويل ما يقارب خمسة مليارات ريال قروضا للتصدير.
وتهدف رؤية المملكة 2030 إلى زيادة نسبة الصادرات غير النفطية من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من 16 في المائة إلى 50 في المائة، كما تهدف الاستراتيجية الوطنية للتصدير إلى زيادة كثافة تمويل الصادرات غير النفطية من 10 إلى 20 في المائة.
وسيكون لبنك التصدير والاستيراد دور مهم في تحقق ذلك الهدف، من خلال زيادة دعم التمويل للمصدرين السعوديين والمشترين الدوليين للسلع والخدمات السعودية، وتمكين البنوك والمؤسسات المالية السعودية من خلال التأمين والضمانات، وتعزيز المعرفة المالية وكفاءة المصدرين السعوديين، وإحداث تأثير ملموس في اقتصاد السعودية.
وسيتم توفير خدمات تمويلية بمزايا تنافسية، وذلك لتعزيز الثقة بالصادرات السعودية ودخولها أسواقا جديدة، وللحد من مخاطر مستورديها، وتوفير حلول تمويلية وائتمانية متكاملة، تستهدف جميع مراحل عملية التصدير، كتمويل الصادرات والضمانات، وتأمين ائتمان الصادرات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من حوارات