السعودية تسير نحو الاستثمار في طاقاتها البشرية ولم تكتف بالطاقات الصناعية
السعودية تسير نحو الاستثمار في طاقاتها البشرية ولم تكتف بالطاقات الصناعية
أكد توبياس روني أن الاستثمارات في السعودية ليست مرتكزة إلى النفط ومشتقاته فحسب، بل إنها تخطو خطوات متقدمة في للاستثمار في الطاقات الإبداعية لدى الكوادر البشرية، وإن المنشآت التجارية في المملكة تسعى بشكل واضح إلى التطوير الإداري والذاتي للعاملين لديها من خلال الاستثمار في البرامج الإبداعية والاستفادة من المهارات والمعارف وتطويرها لدى العاملين للحصول على أكبر مكاسب بأبسط الموارد.
وتحدث الخبير العالمي في مجال الاستراتيجيات الإدارية والإبداع توبياس روني خلال المحاضرة التي كانت بعنوان "التميز من خلال الإبداع"، والتي نظمتها "الاقتصادية" بالتعاون مع شركة ابتكار العربية مساء الثلاثاء الماضي في فندق الهولندي إن القصر، عن أثر الإبداع في الشركات وكيف ترفع من مكاسبها بأساليب مبتكرة وذكية من خلال استعراض قصص نجاح لبعض الشركات التي استطاعت إن تحقق نموا كبيرا في مستوى الأداء والأرباح نتيجة استخدامها الأمثل للطاقات الإبداعية الموجودة لديها وتطويرها، حتى أصبحت في صدارة الشركات العالمية التي تميزت من خلال الإبداع بموارد مالية بسيطة، من أهمها شركات آبل، ليقو، جوجل.
وتحدث بإسهاب عن شركة جوجل التي انطلقت من خلال شخصين لا يملكان موارد مالية قوية، لتصبح أضخم الشركات في مجال تقنية المعلومات في العالم، والتي تتخذ من الإبداع نهجا رئيسا لأسلوب العمل والتطبيقات الأعمال التي تقوم بها ليصل حجم استثماراتها إلى 60 مليار دولار في وقت قصير وكل ذلك بسبب استنادها إلى الإبداع الإداري، وأوضح توبياس أن الإبداع لا حدود له ولا يشترط له أن يتم تحت المنظمات والأعمال الكبيرة بل يمكن أن يحدث في أبسط الشركات مثلما حدث في جوجل.
#2#
ومن أنجح قصص الإبداع يرى توبياس أن بنك الفقراء في بنجلادش يعد مثالا يحتذى به في المؤسسات التي تعتمد على الإبداع نظرا للخدمات التي يقدمها البنك من خلال إعطائه قروضا منخفض لشريحة كبيرة من الفقراء لمساعدتهم في زراعة محاصيلهم وبيعها، وكيف أن ذلك تم بفكرة بسيطة من دون موارد مالية كبيرة.
وعلى مستوى الخليج اعتبر توبياس أن أفضل مثال للأفكار الإبداعية الخلاقة مشروع مدينة مصدر في أبوظبي في الإمارات والتي بدأ العمل فيها، حيث تهدف إلى إقامة مدينة تعتمد بالكامل على الطاقة البديلة والمتجددة كالطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة، وأنها تعمل على إيجاد بيئة خالية من الكربون والنفايات، وكما تضم هذه المدينة داخلها العديد من الشركات والمصانع التجارية.
وذكر توبياس خلال المحاضرة أنه عمل العديد من الدراسات خلال الثماني سنوات الماضية لدراسة أثر الإبداع في نمو ونجاح الشركات، خلصت هذه الدراسات على استحواذ الإبداع نسبة كبيرة من العوامل المساعدة في نجاح هذه الشركات خلال هذه الفترة.
ومن هذا المنطلق اعتبر أن نجاح المديرين التنفيذيون في الشركات يرتبط بمدى استنادهم إلى مساعدين مبدعين في العمل، ولابد لنجاح الإبداع من وضع معايير مناسبة لقياس الأثر الناتج من هذا الإبداع.
#3#
ويعتبر توبياس أن النجاح في الإبداع ليس في إيجاد الفكرة فحسب ولكن في تنفيذها وبعبارة أخرى، فالإبداع هو إيجاد فكرة خارجة عن المألوف وفي نفس الوقت قابلة للتطبيق"إعطاء الحياة للفكرة".
وذكر توبياس عدة أمثلة على كيفية أن الإبداع أنقذ العديد من الشركات الكبرى من الإفلاس مثل رولزرويس الشهيرة التي تحولت بفضل الإبداع من شركة مصنعة لمحركات الطائرات قاربت على الإفلاس إلى شركة رائدة تقدم خدمات ملاحية لشركات الطيران من صيانة ودعم تقني وفني لكي تستطيع شركات الطيران الإيفاء بالتزاماتها تجاه الركاب، فهي في النهاية تقدم ضمانا لوقت السفر للركاب أكثر من تقديمها لخدمات النقل.
واختتمت المحاضرة بحلقة نقاش جرت بين الحضور وبين توبياس حول بعض المشاكل التي تواجه الإبداع في بيئة الأعمال وتحد من ظهور أفكار إبداعية معتذرين بذلك بالروتين والالتزام بالأنظمة.
يذكر أن الخبير توبياس روني أحد خبراء الابتكار واستراتيجيات الأعمال في شركة انوفارو العالمية والذي له مساهمات كثيرة في مساعدة الشركات للاستفادة من الابتكار المؤسسي في تطبيق التغييرات التي تتطلبها ظروف السوق، كما قدم العديد من الاستشارات للشركات في مجال التطوير الإبداعي والاستفادة من الابتكارات لتطبيق التغييرات التي تتطلبها ظروف السوق، وللخبير توبياس عدة مشاركات، منها المشاركة في أعمال الدراسة السنوية"إبداع القادة" ، التي تقيَم وتصنَف الشركات العالمية في مساحة الإبداع ونتائجها في تطور الشركات، وتضمنت مشاركاته بناء الاستراتيجيات وإعادة هيكلة المؤسسات وتطوير الحلقات الداخلية، إضافة إلى الخبرة في الابتكار في مجالات أخـرى مـثل( الاتصالات، النفط، والصناعات الكيميائية، وعلوم الحياة والقطاع الاستهلاكي)، ومن الشركات التي ساعدها السيد"توبياس" خلال عمله،(جلاكسوسميث، فايزر،كامبل، وشركة النفط البريطانية بي بي ،جيفادان،وسيجنتا،روش).
#4#
وقال أسامة غانم المدير التنفيذي لشركة إنوفيبيا innovabia في قرية المعرفة – دبي، ":إن إقامة هذه المحاضرة يأتي في إطار التعريف بالمفاهيم الجديدة للابتكار المؤسسي في مجال الأعمال، موضحاً أن شركة الابتكار العربية تؤمن بما يتبناه الخبراء والعلماء والمتخصصون في مجال ابتكار الأعمال, حيث إنه لم يعد هناك مجال للابتكار الاجتهادي، وفي المقابل فإن العالم يتجه بقوة في السنوات الأخيرة نحو الابتكار المؤسسي بأسلوبه ومنهجيته العلمية الحديثة. وقال إن ما تتبعه الشركات العالمية المتفوقة في العصر الحديث للوصول إلى التميز على مبدأ أن أفضل تميز هو التميز بالابتكار عكس ما يعتقد البعض أن النجاح أو الابتكار هو فقط نتاج الالتزام بقواعد الإدارة التقليدية أو التوفيق والحظ".
وعن رؤية إنوفيبيا في مجال الابتكار ذكر غانم أنها تهدف إلى إيجاد "مجتمع عربي يتقن فن تحقيق الابتكار المنتج للوصول إلى مجتمع معرفي منافس عالميا"، ورغم إيمان المسؤولين في شركة إنوفيبيا بكل أنواع التطور الإداري والتقني بما فيها أساليب إدارة الجودة و أساليب إدارة الأعمال الحديثة ومنها هندرة (إعادة هندسة) الأعمال, إلا أن الشركة تؤمن بأن كل ما ذكر من أساليب الجودة يحتاج إلى لمسة إبداع في كل جزئية من جزئياته حتى تصل المؤسسة المهتمة بالتطور إلى التميز الحقيقي, مضيفاً أنه لا يوجد طريق أو وسيلة أفضل أو أكثر ديمومة من الابتكار المؤسسي المبني على أسس علمية مجربة عالميا.
مستطرداً أن الإبداع المؤسسي هو ضمانة أي مؤسسة تنشد التميز الحقيقي الذي تسعى إليه الشركات المنافسة أيًا كانت محلية أو عالمية. وأن الواقع الحالي لعالم الأعمال العربي مقارنة بمثيله إقليميا أو عالميا يظل متواضعا جدا, وأن الهوة كبيرة في كل قطاعات الأعمال. ولكننا في المقابل نؤمن أن هناك مساحة لتقليل الهوة من خلال توجه شركاتنا العربية نحو الابتكار الذي نستطيع إتقانه في فترات زمنية نسبيا أقل, حيث إن العالم يتجه الآن للتميز من خلال ما يتم تقديمه من أفكار وممارسات جديدة ومبتكرة.
وأشار أسامة غانم إلى أن شركة إنوفيبيا - الابتكار العربية أبرمت اتفاقيات تعاون مع شركات عالمية متخصصة في مجال الابتكار المؤسسي من عدة دول منها السويد وإنجلترا وأمريكا، مشيراً إلى أن خدمات الشركة تشمل دراسة ومراجعة مستوى الابتكار في المؤسسة, وتقييم ما يجب أن تكون عليه الحال في مجال الإبداع وما ينعكس عليه تطبيق أنظمة الابتكار المؤسسي في مسيرة المؤسسة وتحقيق أهدافها, كذلك تعزيز ثقافة الابتكار من خلال خدمات تؤدي بالمحصلة إلى أن يصبح في المؤسسة جو مفعم بالرغبة في الإبداع والابتكار، ويدعم ذلك أيضا وجود بيئة محفزة تساعد على الابتكار من خلال نشاطات مستمرة تجعل من الابتكار شيئا دائما في الجو العام للعمل اليومي, حيث تنمي أيضا القدرات والمهارات للمؤسسة والأفراد التي هي جزء محوري في ثقافة الابتكار، كما يتم تقديم التدريب المتواصل للأفراد وما هو ضروري في مهارات الابتكار حسب الأساليب العلمية العالمية.