تقييم النتائج الاقتصادية لقمة الكويت
يمكن الزعم بأن عديدا من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتي تم تداولها في القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتي استضافتها الكويت الأسبوع الماضي ليست واقعية بالضرورة. والإشارة هنا إلى أمور مثل الربط البري بالسكك الحديد بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية. ويمكن الجزم أنه من الصعوبة بمكان أو الاستحالة الحديث عن الربط البري في ضوء الحقيقة الجغرافية أي البعد بين البلدان العربية.
تتوزع الدول العربية وعددها 22 بلدا على قارتين (آسيا وإفريقيا) خلافا لما عليه الحال بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (27 دولة) فضلا عن منظمة آسيان والتي تضم عشرة بلدان واقعة في جنوب شرق آسيا. يشار إلى أنه حتى الآن لا يوجد ربط بري بالسكك الحديد بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي رغم القرب الجغرافي بين الدول الست ربما بسبب التكلفة المالية. لكن هناك مقترحا أوروبيا لإنشاء شبكة قطارات تربط دول مجلس التعاون الخليجي.
مشاريع تنموية مشتركة
في المقابل، نعتقد بضرورة إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الأمر الذي ينصب في خدمة تطوير البنية التحتية في الدول الأكثر حاجة من غيرها. وكان لافتا تقديم الكويت (البلد المضيف) مساهمة قدرها 500 مليون دولار من أصل ملياري دولار. الأمل كبير في أن يسهم الصندوق في توفير التمويل اللازم وبشروط ميسرة لتنفيذ مشاريع تنموية مثل تطوير الموانئ وشبكة الطرق ما يعزز من فرص تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء. كما نرى صواب التوصيات المتعلقة بمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية عن طريق دعم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية. بيد أنه تكمن المعضلة بعدم معرفة حجم تداعيات الأزمة بشكل كامل وذلك على خلفية الكشف عن مزيد من حالات التدهور بين الحين والآخر.
كما نرى صواب التأكيد على أهمية مشروع للاتحاد الجمركي العربي والمزمع تدشينه في عام 2010 وتطبيقه بالكامل في 2015. بل من شأن نجاح التنفيذ في نرى صواب دعم هذا المشروع الحيوي لأن من شأن نجاحه تعزيز اعتماد الدول العربية على بعضها وبالتالي تسهيل تطبيق المشروع الطموح أي إقامة السوق العربية المشتركة. وكانت الدول العربية قد كشفت في عام 1998 عن إقامة منطقة التجارة الحرة في العام (وهي مرحلة تسبق الاتحاد الجمركي) وعلى مدى عشر سنوات. بيد أنه دخل المشروع حيز التنفيذ في عام 2005 بسبب بطء إجراءات المصادقة.
ضعف التبادل التجاري
حقيقة القول، ما زالت التجارة البينية بين الدول العربية ضعيفة على الرغم من مرور عدة سنوات على سريان مشروع التجارة الحرة. تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن التجارة البينية لا تتجاوز في أحسن الأحوال نحو 12 في المائة من تجارتها مع العالم. بل إن السواد الأعظم من هذه التجارة هي بين دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، عمان، والبحرين). بدأت دول مجلس التعاون بتطبيق مبدأ الاتحاد الجمركي في بداية عام 2003. يلزم مشروع لاتحاد الجمركي الدول الأعضاء بتوحيد سياساتها التجارية مع الدول غير الأعضاء. كما بدأت دول مجلس التعاون تطبيق مبدأ السوق المشتركة في بداية عام 2008 ما يعني إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء من دون أية عراقيل. كما ترغب دول مجلس التعاون في إنشاء اتحاد نقدي في عام 2010.
تشير الإحصاءات المتوافرة والقليلة أصلا إلى أن هناك تجارة محدودة بين الدول العربية. على سبيل المثال وليس الحصر، لا توجد تجارة بينية تذكر بين البحرين وموريتانيا، والحال نفسه ينطبق بين المغرب وجزر القمر. لكن هناك تجارة قوية نسبيا بين دول مجلس التعاون من جهة والهند من جهة أخرى. لا شك في أن أحد الأسباب الرئيسة وراء ذلك هو عامل الجغرافية. في المقابل، تشتهر دول الاتحاد الأوروبي أن قيمة تجارتها البينية تقترب من 70 في المائة من تجارتها مع العالم الخارجي. أيضا تبلغ نسبة التجارة البينية بين الدول الأعضاء في منظمة (آسيان) نحو 40 في المائة من تجارتها الدولية.
تحديات صعبة
بل إذا كانت التجارة العربية البينية ضعيفة في الماضي كما أسلفنا (لا تتجاوز 15 في المائة في أحسن الأحوال من تجارتها مع العالم) فإنها بكل تأكيد لن تتطور بشكل لافت في عصر منظمة التجارة العالمية والعولمة. لاحظ في هذا الصدد قيام بعض الدول العربية (الأردن, المغرب, البحرين, عمان) بالتوقيع على اتفاقيات للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وقد عمدت هذه الدول إلى إبرام اتفاقيات للتجارة بصورة منفردة طمعا منها في الوصول إلى السوق الأمريكية لغرض المساهمة في إيجاد حلول لمشكلاتها الاقتصادية من قبيل البطالة وجلب الاستثمارات.
ختاما: هناك أمل في نجاح مستثمري القطاع الخاص في تطوير الروابط التجارية بين الدول العربية. لكن المطلوب مشاركة ممثلي القطاع الخاص في صنع القرارات الاقتصادية. أيضا لا مناص من الانصياع لطلبات القطاع الخاص وخصوصا إزالة القيود غير الجمركية والقضاء على العقبات التي تواجه قطاع النقل.