الطاقة- النفط

عودة الضغوط الهبوطية على السوق النفطية في ظل الانتشار المتسارع للفيروس

عودة الضغوط الهبوطية على السوق النفطية في ظل الانتشار المتسارع للفيروس

احتمال تطبيق إجراءات الإغلاق مجددا يمثل ضربة قاصمة للطلب العالمي على النفط الخام.

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على حالة من التباين من جراء تسارع الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، خاصة في الولايات المتحدة، الأمر الذي يعمق المخاوف على الاقتصاد العالمي بسبب الضعف المتوقع في الطلب على النفط الخام.
ورغم الانخفاض في مستهل الأسبوع إلا أن الأسعار لا تزال تتلقى دعما جيدا من اتفاق "أوبك +" في نيسان (أبريل) الماضي لخفض الإنتاج بمستويات قياسية وذلك للشهر الثالث على التوالي ما أدى إلى تقلص المخزونات على نحو أسرع من المتوقع، إضافة إلى تأثير الإغلاقات الواسعة في عديد من الآبار الأمريكية والكندية بسبب ضعف الأسعار وترنح الطلب.
وقال لـ«الاقتصادية» مختصون ومحللون نفطيون، إن غياب الاستقرار والتقلبات المتلاحقة يعدان سمة أساسية ومهيمنة على السوق خاصة منذ اندلاع الجائحة، لافتين إلى تسجيل أسعار النفط أعلى مستوى لها في أربعة أشهر، الخميس الماضي، مدفوعة بارتفاع قيود العرض وانتعاش الطلب العالمي، لكن في المقابل هناك عودة للضغوط الهبوطية القوية في ظل الانتشار المتسارع لفيروس كورونا في العالم خاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة ما يهدد بحدوث انكماش آخر.
وأشار المختصون إلى أن الطلب على النفط معرض للخطر ما يهدد بمحو المكاسب السابقة وقد يدخل السوق في دوامة جديدة قد يجد المنتجون صعوبة في التعامل معها بالطرق التقليدية، خاصة أن الخيارات محدودة أمامهم وقد يضطرون إلى إجراء مزيد من التخفيضات القياسية على المعروض النفطي العالمي.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن الاقتصاد العالمي يجتاز فترة دقيقة مع عودة الإصابات بفيروس كورونا واحتمال تطبيق إجراءات الإغلاق مجددا وهو ما سيمثل ضربة قاصمة للطلب العالمي على النفط الخام الذي لم يكن قد أكمل خطة التعافي من أزمة نيسان (أبريل) الماضي، مشيرا إلى أن الوضع في الولايات المتحدة يمثل ذروة الأزمة حيث تجتاز السوق انتشارا سريعا للوباء وتفاقما للأعباء الاقتصادية.
وأوضح أن الموجة الثانية من الوباء تحد من استمرار حدوث انتعاش مطرد في الطلب على مدار العام الجاري، لافتا إلى أن المنتجين في اجتماع منتصف الشهر الجاري للجنة المراقبة سيركزون على تعزيز توازن السوق من خلال تحسين مستويات الامتثال لخفض الإنتاج، خاصة أن الطلب يحيط به كثير من الشكوك والمخاوف، مبينا أن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع انخفاض الطلب بمقدار 8.1 مليون برميل يوميا لكل العام الجاري.
من جانبه، ذكر ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، أن المخزونات الأمريكية تراجعت الأسبوع الماضي على نحو يفوق التوقعات المسبقة ما ساعد على انتعاش الأسعار، لكن إذا استمرت حالة الإصابات الواسعة الراهنة قد يحدث مرة أخرى تفاقم مستويات المخزونات الفائضة وبالتالي ضعف أسعار النفط.
وأشار إلى أن الانتعاش في الطلب سيكون محدودا في النصف الثاني من العام بينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب بمقدار 5.7 مليون برميل يوميا في العام المقبل 2021، كما ترى شركة ريستاد إنرجي أن الطلب على النفط يمكن أن ينخفض إلى 86.5 مليون برميل يوميا خلال العام الجاري بسبب تبعات الموجة الثانية التي يراها كثيرون ذات أثر اقتصادي واسع في السوق.
من ناحيته، قال لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، إن البعض يرى أن هناك مبالغة في تقدير المخاطر التي تتعرض لها سوق النفط الخام من جراء الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن الموجة الثانية ورغم شدتها من المستبعد أن تعيد الاقتصاد العالمي إلى مرحلة الإغلاق الشامل مجددا، وهو ما يعني بدوره أن الأزمات التي اجتازها الطلب في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) لن تتكرر بنفس المستوى والتأثير وهو ما يؤكد بدوره أن الطلب لن يصل مرة أخرى إلى المستويات القياسية السابقة في الانكماش.
وذكر أن تخفيضات الإنتاج القياسية البالغة 9.7 مليون برميل يوميا من المقرر لها أن تنتهي بنهاية الشهر الجاري وتعقبها تخفيضات أقل وتبلغ 7.7 مليون برميل يوميا، لكن "أوبك +" تواجه معضلة كبيرة في تخفيف قيود الإنتاج في ظل ظروف السوق الحالية غير المواتية، خاصة صدمات الطلب واستمرار وفرة الإمدادات النفطية.
بدورها، أكدت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أنه وفق قراءة موضوعية ومتأنية لظروف السوق النفطية في هذه المرحلة الصعبة لا يوجد مجال كبير لارتفاع أسعار النفط، خاصة مع عودة زيادة الإمدادات تدريجيا حيث يتوقع "كومرتس بنك" زيادة إنتاج "أوبك" بشكل نسبي ابتداء من آب (أغسطس) المقبل.
وذكرت أن الحد من فرص التراكم الكبير للمخزونات يعد العبء الأكبر الذي يواجه المنتجين في "أوبك" وخارجها، مشددة على ضرورة توسيع طاقات التخزين وضمان عدم استنزافها حتى لا تتكرر حالة انزلاق الأسعار إلى المنطقة السلبية مجددا في ظل الموجة الثانية للوباء التي باتت واقعا يقترب حدوثه وبعض الدول تواجهه بالفعل حاليا ما يلحق بالطلب تدميرا واسعا قد يصعب علاجه خلال مدى زمني قصير.
وفيما يخص الأسعار، تباينت أسعار النفط أمس، إذ ارتفع خام برنت، مدعوما بشح الإمدادات، بينما نزلت العقود الآجلة لخام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط نتيجة للمخاوف من أن تكبح زيادة الإصابات بفيروس كورونا الطلب في الولايات المتحدة.
ويحسب "رويترز"، ارتفعت عقود برنت 30 سنتا، أو 0.7 في المائة، لتبلغ عند التسوية 43.10 دولار للبرميل. بينما سجلت العقود الآجلة للخام الأمريكي عند التسوية 40.63 دولار للبرميل، منخفضة سنتين اثنين، أو 0.05 في المائة عن سعر التسوية السابق الخميس الماضي. وكانت الأسواق الأمريكية مغلقة الجمعة بمناسبة عطلة الرابع من تموز (يوليو).
ومع زيادة حالات الإصابة بكورونا في 39 ولاية أمريكية، أظهر تعداد "رويترز" للإصابات أن 15 ولاية منها سجلت زيادات قياسية في حالات الإصابة المؤكدة في أول أربعة أيام من تموز (يوليو).
وقال هوي لي الاقتصادي لدى بنك أو. سي. بي. سي في سنغافورة "سيكون هناك تراجع للطلب نوعا ما إذا استمرت زيادة الحالات لأن الناس سيلزمون منازلهم.. وتيرة تعافي الطلب الأمريكي لن تكون بالقوة المتوقعة".
بينما ذكر المحللون في بنك آي. إن. جي أن البيانات من عدة مدن في الولايات المتحدة لا تظهر حتى الآن أي تراجع كبير للحركة على الطرق من أسبوع لآخر.
وقالوا في مذكرة "سنحصل على صورة أوضح لتأثير تشديد القيود في عدة ولايات في الطلب على البنزين من تقرير إدارة معلومات الطاقة هذا الأسبوع".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 42.93 دولار للبرميل، الجمعة، مقابل 42.89 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 38.99 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط