في يوم الوطن .. الإنجازات للجميع

يصادف الـ23 من شهر أيلول (سبتمبر) من كل عام اليوم الوطني للمملكة، وهو يوم توحيد مناطق المملكة كافة تحت إدارة واحدة وعلم واحد، وتحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وفي هذه السنة يصادف العيد الـ89. وفي هذه المناسبة تبذل جهود رسمية، وشعبية، وفردية للتعبير عن المشاعر تجاه هذه المناسبة التي تذكر بما فعله الآباء والأجداد، وما بذلوه من جهود مضنية، وشاقة في زمن تفتقد فيه البلاد كل عناصر الحياة المتقدمة، فلم تكن هناك طرق معبدة، ولا موارد للمياه، بل لا مصادر غير الآبار شحيحة الماء، ولا وسائل اتصالات، ولا سيارات، ولا طائرات تنقل الناس من مكان إلى آخر، وإنما الاعتماد على الحيوانات للتنقل، ولا مدارس، وجامعات، ولا أناس متعلمون، بل إن الجهل المطبق هو السائد لدى الناس، عدا أفراد محدودين يعلمون الناس مبادئ الدين، وأحكام العبادات في مناطق المملكة كافة.
الأمن لم يكن مستقرا، وإنما اضطرابات، وحروب، ونزاعات بين المناطق، وحتى القرى المتجاورة، والأحياء تتصارع فيما بينها؛ طمعا في أرض، أو انتقاما لتصرف صدر من فرد نحو آخر، دون قصد، أو حمية للقبيلة على إثر قصيدة، أو بيت شعر فيه لمز، أو ما قد يفهم كذلك من الطرف الآخر؛ ليشتعل الموقف على إثر ذلك، ويقتل بين الطرفين كثيرون، وكانت السمة العامة العداء وعدم الاستقرار.
في الوقت الراهن، وبعد توحيد البلاد تغيرت الصورة تماما؛ فحل الأمن، وافتتحت المدارس، والمستشفيات، وتوافرت وسائل المواصلات الحديثة، وعبدت الطرق، وأنشئت الجامعات؛ ليحتل أبناء الوطن مراكز متقدمة في سلم التعليم، والبحث العلمي بمنجزاتهم المخبرية، واختراعاتهم، في كل المجالات، وجلبت كل التقنيات التي أسهمت في برامج التنمية في كل المجالات الزراعية، والصناعية، والاقتصادية، وفي توفير مقتضيات البنية التحتية.
في تحركاتي المحدودة خلال إجازة اليوم الوطني، ومن خلال متابعتي وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي حاولت التعرف على أهم، وأبرز النشاطات المعبرة عن مشاعر الناس في هذه المناسبة الوطنية فرأيت إمكانية تقسيم الناس إلى مجموعات، إذ آثر قسم منهم البقاء في البيوت، ومتابعة الأنشطة، والفعاليات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام؛ تجنبا للاختناقات المرورية التي شهدتها العاصمة الرياض في بعض، وحول الأماكن التي تقام فيها الفعاليات؛ تفاديا لإضاعة الوقت، أو التعرض لبعض الإشكاليات.
القسم الثاني أولئك الذين أرادوا الاستفادة من المناسبة بتقديم الخدمات الترفيهية، وأخص بالذكر في ذلك فرق العرضات التي تقدم عروضها في الأسواق، والساحات، بالتنسيق مع الجهات المعنية، وبالأخص هيئة الترفيه. المطاعم، وشركات الاتصالات، وشركات الطيران قدمت عروضا لباقات الاتصال، وتذاكر السفر، أو الوجبات، كما انضم إلى هذه الأسر المنتجة التي ترغب في تحسين دخلها، بما تنتجه من طعام، ومشروبات، وأعلام، وملابس تناسب اليوم الوطني.
فئة ثالثة مرت عليها المناسبة، وهي منهمكة، ومشغولة في أداء واجبها نحو الوطن، وهذه الفئة يدخل ضمنها، وعلى رأسها الجنود البواسل المدافعون عن الوطن، الحامون لحدوده، المحافظون على مكتسباته، كما يدخل ضمن هذه الفئة ضباط، وأفراد الأمن، والمرور العاملون في المدن؛ لتوفير الأمن، وسلاسة الحركة المرورية؛ نظرا لكثافة الحركة؛ وتوقفها في بعض الأماكن.
ومن الفئات من مارسوا حياتهم الاعتيادية، وهم العاملون في المستشفيات لتقديم الخدمة للمحتاجين إليها، وكذلك الطلاب، والأساتذة المنكبون على كتبهم، وبحوثهم لإكمالها، أو لتفادي حالة استرخاء نتج عنها شيء من التأخر، أو التقصير. وما من شك أن هناك فئات أخرى رأت أن الاستمرار في العمل يمثل قمة التعبير عن الوفاء للوطن؛ لما في العمل، والإنجاز من قيمة مضافة في نمو، وتطور الوطن الذي يحتاج إلى كل جهد من أبنائه، والمقيمين على أرضه.
الفئة الرابعة وهم من وجدوا في الإجازة المصاحبة للمناسبة فرصة للترويح عن النفس بالسفر، أو التسوق، وحضور فعاليات الترفيه المخصصة للمناسبة، لذا تجدهم يرتادون الأماكن المخصصة للعرضات، والألعاب النارية، ويقصدون الأسواق، والمطاعم.
ما من شك أن كل الفئات المشار إليها سابقا عبرت عن حبها للوطن، واستشعر كل منها أهمية المحافظة على ما أنجزه الآباء، والأجداد من وحدة، وما عقبها من تنمية شملت المجالات كافة، فهذه المنجزات ملك للجميع، وأمانة يجب تسليمها للأجيال المقبلة بصورة أفضل، وأقوى ماديا ومعنويا. ولعل من المناسب تأكيد أهمية استغلال المناسبة لإعداد جيل قوي متسلح بالعلم، والمعرفة، وإجادة التقنية، جيل يحمل قيما سامية واتجاهات إيجابية، جيل قوي العقيدة يسهم في البناء والتحصين والدفاع متى لزم الأمر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي