قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة

قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة
قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي.. نقطة لقاء أطراف المملكة

صرح الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان قبل أيام، أن ترميم قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي وفتحه للزائرين للاطلاع عليه، يأتي ضمن سعي الهيئة
العامة للسياحة والآثار لتنمية الآثار ووضعها في المكانة اللائقة بها. وذكر عقب زيارة قام بها للدوادمي افتتح خلالها مهرجان خريف الدوادمي في قصر الملك عبد العزيز، أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل في عدد من المناطق على ترميم قصور الدولة السعودية، وتوثيق دورها في تأسيس الدولة وفتحها للزائرين، لما تمثله من مصدر اعتزاز لأبناء تلك المناطق، وهو المشروع الذي تعمل الهيئة عليه بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز. ومشروع تنمية "القرى التراثية" والمواقع الأثرية السياحية المهمة وفتحها للجمهور، وتوظيف التراث العمراني المميز الذي تزخر به مناطق المملكة ليكون مورداً اقتصادياً للمواطنين.
والحقيقة أن ما ذكره سموه أمر يوحي بدخولنا مرحلة جديدة مختلفة ونقلة نوعية مميزة فيما يتعلق بآثارنا وتاريخنا، من هنا أحببت المساهمة في تسليط الضوء على قصر الملك عبد العزيز من الناحية التاريخية الوثائقية التي أضعها بين يدي القراء الذين ربما يخفى على كثير منهم بعض تاريخنا.

#8#

بداية الفكرة
بناء القصور الملكية في الطريق في بعض البلدان الواقعة بين نجد والحجاز أمر دعت إليه الحاجة كتطور حتمي إثر دخول الحجاز سنة 1343هـ تحت مظلة الدولة السعودية، حيث أصبح الملك عبد العزيز يتولى الإشراف على الحج بنفسه لشعوره بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه نحو المسلمين في كل بقاع العالم ، من هنا تكرر خروجه شخصيا من نجد إلى الحجاز قبيل الحج ثم عودته من الحجاز إلى نجد بعد الحج بصفة سنوية ثابتة، إضافة إلى أن هذا الطريق شكل شرياناً رئيسياً تتردد عبره قوافل الحكومة وقوافل التجارة والحج، فعزم الملك بعد عودته من حج 1348هـ على إنشاء ثلاثة قصور أحدها في "مرات"، الثاني في "الدوادمي"، والثالث في "المويه"، لتكون محطات رئيسة في هذا الطريق ولم تكن قصوراً ملكية خاصة بقدر ما كانت منشآت حكومية متكاملة الخدمات متعددة الأغراض، ومن أهدافها:
1ـ جعل هذه القصور مكانا لاستراحة الملك من عناء الطريق ومن ثم الإقامة لتفقد أحوال الرعية في هذه المناطق، خاصة أن قافلة الملك كثيرة العدد والعدة فلابد من تهيئة مكان مناسب لاستيعابها.
2ـ تهيئة مقر لاستقبال رجال الدولة والضيوف والوفود من الأمراء وشيوخ القبائل والمواطنين بصفة عامة.
3ـ تشكيل مكاتب للبريد والنقل ليستريح فيها الأفراد العاملون في نقليات الحكومة والبريد بين الحجاز والعاصمة السعودية أو ما يُسمى "البوسطة".
4ـ تكوين نقاط ربط على الطريق وتزويدها بمحطات اللاسلكي لمتابعة أحداث الطريق والمسافرين وما يدور في المناطق المحيطة من مستجدات.
6ـ إيجاد محطات للإركاب ومراكز لتموين القوافل بالوقود والأكل والشرب وغيرها من الاحتياجات .
7ـ تزويد هذه القصور بقوة أمنية مرابطة بصورة دائمة وجعلها مقرا للإمارة في كل بلدة، وذلك لتنظيم العمل الإداري والأمني وضبطه .

#2#

قصر الدوادمي
كان طريق القوافل المتجهة من نجد إلى الحجاز أو القادمة منه في السابق يمر ببلدة (الشعراء) التي تقع جنوب الدوادمي بنحو 30 كيلومتراً، واستمرت الشعراء تؤدي دورها كمحطة رئيسية للمسافرين في هذا الطريق حتى عام 1348هـ، حيث فكر الملك عبدالعزيز في تحويل الطريق من الشعراء إلى الدوادمي لأسباب أمنية تتعلق بآثار فتنة الإخوان بعد عام 1347هـ، حيث يمثل جبل ثهلان الذي يمر الطريق في ثناياه مكاناً مناسباً للتربص لمن رام تعدياً على القوافل بصفة عامة كما أنه يعتبر حصناً منيعاً لهؤلاء بعلوه وامتداده وتعدد ريعانه ومياهه.
هنا تجلت عبقرية الملك السياسي المحنك وعقلية القائد العسكري الخبير في إغلاق أي احتمال لأي عمل وتم تحويل الطريق قليلا ليمر عبر الأراضي المفتوحة ولم يكن الدوادمي الذي يقع شمال الطريق ببعيد عنه، هنا تحولت الدوادمي إلى محطة رئيسية للقوافل ومن هنا بدأت نهضتها الحضارية في هذا العهد الزاهر.

الخطوة الأولى: الاستعداد للبناء
كانت الخطوة الأولى في بناء قصر الدوادمي هي تهيئة مواد البناء التي كان أهمها في ذلك الزمن "الخشب" الذي هو المادة الأساسية للسقوف ولأن القصر بحجمه المخطط له يحتاج إلى كميات كبيرة من هذه الأخشاب، فكان توجيه الملك في خطابه المؤرخ في العاشر من شهر صفر 1349هـ إلى "عبد الرحمن بن إبراهيم أبو بكر" بشراء ما يستطيعه من الخشب (انظر الوثيقة رقم 1) فأعلن عبد الرحمن أبو بكر ذلك للناس في المنطقة فتسابقوا لتوفيره.

الخطوة الثانية: التفاهم مع "المالية"
في الخامس من جمادى الأولى من عام 1349هـ، أرسل الملك خطابا إلى عبدالرحمن أبوبكر يخبره بأنه قد كلف ابن سليمان (وزير المالية) للتفاهم مع ابنه إبراهيم بشأن تكاليف بناء القصر، وأن إبراهيم (ابنه) سيعود إليه بجميع المعلومات المفصلة.(انظر الوثيقة رقم 2).

#7#

الخطوة الثالثة: تحديد مكان القصر وتخطيطه
توفي الشيخ عبد الرحمن أبو بكر في مِنى أثناء حج 1349هـ وعند عودة الملك عبد العزيز من الحج في تلك السنة وصل إلى الدوادمي في شهر صفر 1350هـ، فولى إبراهيم بن عبد الرحمن أبو بكر مكان أبيه، وأكد على بناء القصر فاقترح عليه إبراهيم أبو بكر أرضاً تقع غرب البلدة فيها بئر ومزرعة من أملاك آل أبو بكر، فذهب الملك للوقوف على المكان المقترح فرأى أنها مناسبة لإقامة القصر ثم بدأ الملك بنفسه تخطيط بناء القصر على الأرض برجله، حيث حدد البوابة الرئيسية شمالاً وحدد الأبراج أو كما تسمى (المقاصير) في أركانه الأربعة وأمر بحفر أساس السور حتى يصل الأرض الصلبة مهما كان عمقه .

ابن ماضي يعرض خشبه على الملك
مع أن الملك قد أمر أبوبكر بشراء الخشب في شهر صفر 1349هـ، إلا أننا بعد سنة كاملة نجد أحد المواطنين من أهل بلدة الشعراء (سعد بن ماضي) يتجه إلى الملك في الرياض ليخبره بوجود خشب عنده صالح للقصر فيوجه الملك خطابه المؤرخ في 24 صفر 1350هـ، إلى إبراهيم أبوبكر بشراء خشب ابن ماضي إن كان مناسباً، ولا أدري ما أسباب اتجاه هذا المواطن إلى الملك مباشرة؟! (انظر الوثيقة رقم3).

الخطوة الرابعة: إرسال استادي البناء (ابن يويسف وابن زومان)
كان البنّاء عند أهل نجد في السابق يسمى "الاستاد" وكان لابد لهذا القصر العملاق في ذلك الوقت من خبراء متمرسين في بناء هكذا قصور فاختارهم الملك وأرسلهم من الرياض إلى الدوادمي، وكان لكل من "الاستادين" عدد من المعاونين الذين يسمون (المزوريّة)، كما أرسل الملك سيارة تكون تحت تصرفهم لجلب ما يحتاجون إليه من المؤن وكان سائقها يدعى "إبراهيم الصومالي". أما العمال والخلاطون فكانوا من أهل المنطقة الذين توافدوا لكتابة أسمائهم للعمل في بناء القصر لعلمهم بأن الأجور اليومية ستكون مجزية قياساً بالأجور الأخرى فبدأ العمل فور وصول (ابن زومان وابن يويسف) في شهر ربيع الأول من عام 1350هـ.

توقف العمل في بناء القصر
ما كاد العمل يستمر إلا وتوقف بعد ما يزيد على الشهرين فقد ساءت الأحوال المعيشية وحدثت المشكلات بين العمال، وذلك بسبب سوء تصرف المسؤول عن البناء والإعاشة الذي كان يدعى (ابن جميل) ولأجل ذلك اضطر "الاستادية" للسفر إلى الرياض لإشعار الملك بحقيقة الأوضاع في الدوادمي، فيبادر الملك أولاً بالاستفسار من "ابن سليمان" بصفته المسؤول عن "المالية" ليتأكد من سبب التقصير فيجاوبه ابن سليمان بأنه قد قام بتوفير كل ما هو مطلوب، فأدرك الملك أن الأمر لا يخلو من التلاعب فأرسل لجنة للتحقيق والجرد مكونة من (ابن سحيم وابن مقيرن)، هنا يكلف الملك إبراهيم أبوبكر، أمير الدوادمي حينئذ، بالإشراف المباشر على بناء القصر وإعاشة العمال ويؤكد عليه بالاهتمام بالعاملين من جميع النواحي، كما يظهر في خطابه المؤرخ في 26جمادى الأولى 1350هـ، (الوثيقة رقم 5) ليستمر العمل بعد ذلك بصورة جيدة ومنضبطة دون أية مشكلات أخرى.

متابعة الملك للبناء وتوجيهاته المستمرة
رغم أن تكليف الملك لإبراهيم أبوبكر كان نتيجة لثقته به إلا أن الملك استمر في المتابعة والتوجيه بالحرص والإتقان وعدم التأخر في التنفيذ، كما يظهر في خطابه المؤرخ في 27رجب 1350هـ. (الوثيقة 6).
وبعد وصول البناء إلى مراحل متقدمة واحتياج القصر لتركيب الأبواب نجد الملك يوجه وزير المالية (ابن سليمان) في خطابه المؤرخ في 16 شعبان 1350هـ، بتوفير هذه الاحتياجات ويشعر المشرف على البناء بذلك. (انظرالوثيقة 7).

أجرة الاستادية والمزورية
في أثناء العمل في بناء القصر توجه (الاستادية) ابن زومان وابن يويسف ومَن معهم من المساعدين (المزورية) إلى الرياض لقبض بعض أجرتهم من الملك مباشرة لأنه هو الذي كلفهم بالبناء ولكنهم حين وصلوا لم يكن برفقتهم ما يثبت تفاصيل عملهم مما جعل الملك يخاطب المشرف على بناء القصر في خطابه المؤرخ في 19شوال 1350هـ، يشعره بوصولهم ويطلب منه تزويده بعددهم ومدة عملهم بالتفصيل حيث يظهر أن عدد المزورية كانوا تسعة، ففي هذا دليل على فكره الإداري والاقتصادي المبني على الحرص والتدقيق. (انظر الوثيقة 8)

#3#

مدة البناء ونهايته وعدد العاملين
استغرق العمل في بناء القصر مدة 13 شهراً وتم الانتهاء من بنائه في شهر ربيع الآخر 1351هـ ويراوح عدد العمال الذين اشتركوا في بناء القصر بين 100 و120 عاملاً.

القوة الثالثة تدخل قصر الملك عبد العزيز
كان أول أمر أصدره الملك بعد تمام البناء هو تأسيس مركز اللاسلكي داخل القصر لأنه، رحمه الله، يرى فيه فائدة عظيمة في سرعة الاتصال وضبط الأمن وتوجيه الأعمال ومعرفة المستجدات في أجزاء مملكته المترامية الأطراف، ولذا فهو لم يقبل جدلاً في التخلي عنه حينما عارضه بعض المتشددين الذين زعموا بأنها من الأعمال السحرية. وأذكر قصة ذكرها المؤرخون في ذلك العهد عندما سألت فتاة بدوية في الصحراء ترعى الإبل وحدها ألا تخافين وأنت وحدك؟! فقالت: لماذا أخاف في الأرض مرية وفي السماء برقية!! ولعل في كتاب الدكتور علي النجعي (القوة الثالثة: دراسة تاريخية عن اللاسلكي ودوره في عهد الملك عبدالعزيز) المزيد من التفاصيل في هذا الشأن، وقد نشرت جريدة "أم القرى" عن تأسيس مركز اللاسلكي في الدوادمي ومباشرة قبول البرقيات الرسمية والتجارية في عددها رقم408 الصادر في 6/6/1351هـ الموافق 7/10/1932م .

أقسام القصر
تتعدد أقسام القصر لتعدد أغراضه وهناك ما هو من أصل البناء الأول للقصر، وهناك ما أضيف بعد ذلك حسب الاحتياجات والمستجدات، فمثلا لم يكن للقصر في بنائه الأول إلا بوابة واحدة في الجهة الشمالية ولكن في عام 1363هـ عندما أنشئت محطة للبنزين داخل القصر فتح للقصر بابان أحدهما في الجهة الغربية والآخر في الجهة الشرقية وذلك لدخول السيارات وخروجها :
1ـ المجلس الملكي: أو ما يسمى الروشن فوق البوابة الرئيسية في الجهة الشمالية.
2ـ المسجد: على يمين الداخل من البوابة الرئيسية وتم بناؤه في ذي القعدة 1350هـ كما كتب على جداره ويبدو لي أن هذه الكتابة طمست بعد الترميم الأخير.
3ـ المستودعات: على يسار الداخل مع البوابة الرئيسية.
4ـ ديوانية القهوة : على يمين الداخل مع البوابة الرئيسية.
5ـ الورش: في غربي المسجد.
6ـ السجن: غرفة على يسار الداخل وكان يظهر على جدران السجن خطوط محفورة في الطين هي عبارة عن حساب لأيام السجن من قبل المسجونين، وهذه أيضا يبدو أنها طمست بعد الترميم.
7ـ سكن الأخويا وموظفي البرقية في الجهة الجنوبية.
8ـ البئر: وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية.
9ـ محطة البنزين: في الجهة الجنوبية الغربية ومكتب تسجيل السيارات.
10ـ سكن الشرطة فوق المستودعات.
11ـ أعمدة البرقية: وهما عمودان يقعان غرب البئر.
12ـ المقاصير: وهي أربعة أبراج في زوايا القصر.

#4#

استمرار المتابعة والاهتمام بعد نهاية البناء
بعد تمام البناء وتدشين القصر بعدة أشهر هطلت على المنطقة أمطار غزيرة فذكر أحد العاملين في القصر ويدعى (ابن حجي) للملك أن القصر قد تأثر بسبب الأمطار، فبادر الملك بالتوجيه السريع لإبراهيم أبوبكر بإصلاح جميع ما اختل من القصر والعمل على حمايته من الأمطار والسيول وعدم التأخر في ذلك كما يظهر في خطاب الملك المؤرخ في 23/24رمضان 1351هـ (انظر الوثيقة 9) ، انظر إلى المتابعة والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في أجزاء المملكة الواسعة.

قصر الدوادمي في كتابات العابرين
بعد إنشاء القصر كان محطة رئيسية لقوافل العابرين سواء رجال الدولة أو ضيوفها أو الحجاج من الدول كافة أو الرحالة الأجانب وقد كتب عنه الكثيرون كما نشرت في جريدة "أم القرى" جميع رحلات الملك عبدالعزيز وولي عهده الملك سعود بين نجد والحجاز أو العكس وكلها تذكر مشاهد من قصر الملك عبدالعزيز في الدوادمي، وتشير إلى أعمال الملك خلال مدة إقامته فيه.
وفي كتاب (الرحلة اليابانية إلى الجزيرة العربية) يشير المؤلف إيجيرو ناكانو في رحلته برفقة الوزير الياباني المفوض في سفارة اليابان في القاهرة ماسويوكي يوكوياما والمهندس في وزارة الصناعة والتجارة اليابانية تومويوشي ميتسوتشي سنة 1358هـ/1939م التي قطعوا فيها الطريق وسط الجزيرة العربية من جدة إلى الرياض، يشير إلى مشاهداته في قصر الدوادمي عند وصولهم إليه في السابع من شهر صفر 1358هـ ويصف البناء ودخوله إلى غرفة اللاسلكي في القصر وإرسالهم برقية للملك يخبرونه بوقت وصولهم، كما قاموا بإرسال برقية أخرى باللغة الانجليزية إلى القاهرة ثم يصف حديثه مع الموجودين في القصر وتناولهم القهوة والشاي بالنعناع والقرفة ثم حليب الماعز وبيّن أنهم ذكروا لهم أن عدد سكان الدوادمي نحو 300 نسمة وفيها 120بئراً ، ثم يشير إلى لقائهم أمير الدوادمي (سعيّد الفيصل) وتعجبهم من رائحة البخور الذي كان يُدار في المجلس ونشر في كتابه صورتين لهذا القصر.

#5#

مؤرخ الكويت في قصر الملك عبد العزيز
مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد رسخ قصر الدوادمي في ذاكرته، حينما مر في رحلة حجه في الخمسينيات الهجرية فما السبب يا ترى؟!
السبب أنه شاهد في هذا القصر اللاسلكي أو جهاز مورس لإرسال البرقيات لأول مرة في حياته، كما أنه استمع للإذاعة أو الراديو لأول مرة.

القصر في قصائد الشعراء
منطقة الدوادمي تزخر بعدد كبير من شعراء النبط البارزين الذين يعتبرون هذا القصر رمزاً يثير قرائحهم لارتباطه بتاريخ المملكة العربية السعودية فكان لهم في هذا القصر الشاهق قصائد عديدة لعل أبرزها ما قاله الشاعر محمد بن سعود بن هلال الرويس، ومنها:

قصرٍ يشد انتباه اللي يشوفونه
في وسط داورد فوقه خضر الأعلامِ
مبناه من طين والقلعات بركونه
أشهر من إيفل وباريسه والأهرامِ
شوفه يخلّي المشاهد يبدي شجونه
ويعود بالذاكرة للخلف كم عامِ
قصرٍ لعبد العزيز اللي تعرفونه
اللي جمعها عقب ما كانت أقسامِ

#6#

وثائق القصر أهميتها ومصيرها
نتيجة للتطور الحضاري الذي عاشته الدوادمي كغيرها من مدن المملكة العربية السعودية وبعد أن أدى هذا القصر الشامخ دوره الذي وضع لأجله مدة طويلة كان من الطبيعي أن يتم هجرانه مع بقائه كمعلم تاريخي بارز ولكن كان من المؤسف أن تترك الوثائق والأوراق متكدسة في غرف القصر، وبخاصة في غرفة اللاسلكي والمكاتب سنين طويلة دون شعور بأهميتها أو اهتمام بحفظها كسائر الوثائق في نواحي المملكة في تلك الفترة مع العلم أنها تحتوي على أوامر الملك الموحد وتوجيهاته، وبالطبع قضت عوادي الزمن على هذه الوثائق التي تلف معظمها تماماً حتى قامت دارة الملك عبدالعزيز بالتنبه لهذه الوثائق وجمعت الموجود منها في القصر فملأت بها عدداً من الصناديق بهدف ترميمها وحفظها في دارة الملك عبد العزيز، وكان ذلك في 17/5/1417هـ، كما تسلمت من إدارة التعليم التي كانت هي الجهة المشرفة على القصر عدد من الوثائق الأخرى، ولكن لا علم لنا بعدد هذه الوثائق أو بمحتواها ولا شك أن الباحثين في تاريخ المملكة العربية السعودية سيجدون فيها كثيراً من المعلومات الموثقة، خاصة فيما يتعلق بعهد الملك عبدالعزيز.

ترميم القصر
ظل القصر لعقود طويلة يعاني الإهمال مما أدى إلى سقوط جدرانه وتهدم أجزائه وتصدع أركانه، في ظل غياب الوعي بأهمية الآثار التاريخية في السنوات السابقة حتى انبرت وكالة الآثار والمتاحف لترميمه بعد عناء وكانت بداية العمل في الترميم في 22/12/1422هـ، وتكلفته تتجاوز الأربعة ملايين ريال سعودي، وبعد نهاية ترميمه ظل مغلقاً تماماً حتى هذه الأيام حيث تم تدشينه رسمياً بواسطة الأمين العام لهيئة السياحة والآثار يوم الخميس 16/10/1429هـ، ويستبشر أهالي الدوادمي خيراً بانضمام القصر تحت مظلة الهيئة العليا للسياحة والآثار، حيث يشكل هذا القصر أهمية تاريخية لأهل المنطقة جميعاً وينتظرون وضع جدول منظم لزيارة القصر وتحويله إلى متحف تاريخي ليحكي تاريخ الدولة السعودية للأجيال.

المصادر:
1ـ جريدة "أم القرى" أعداد متفرقة.
2ـ قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي، إصدار لجنة المطبوعات والمنشورات، بمناسبة زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز عام 1419هـ.
3ـ قصر الملك عبد العزيز في الدوادمي، إصدار اللجنة الإعلامية، بمناسبة زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز عام 1424هـ.
4ـ مشروع مسح المصادر التاريخية الوطنية، المرحلة الأولى، دارة الملك عبد العزيز.
5ـ الرحلة اليابانية إلى الجزيرة العربية، إيجيرو ناكانو، ترجمة سارة تاكاهاشي، دارة الملك عبد العزيز.
6ـ وثائق ورواية الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله أبو بكر.
7ـ صور من معرض شركة أرامكو في الدوادمي (عبد الرحمن ضاوي الرويس).

الأكثر قراءة