بدعم ولي العهد .. 5 مساجد تاريخية تستعيد مكانتها في عسير
أتى دعم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لإعادة تأهيل وتطوير المساجد التاريخية في المملكة والاهتمام بها، ليرسم لوحة جديدة من الحفاظ على بيوت الله ورعايتها ويعيد لها الحياة بإقامة الصلوات وأداء النوافل ورفع الأذان في كل فريضة على مرّ الأزمان.
وحظيت خمسة مساجد في عسير بالانضمام للمرحلة الأولى من مشروع الأمير "محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية"، ضمن 30 مسجدا تاريخيا في عشر مناطق من المملكة، بتكلفة تتجاوز 50 مليون ريال، ليصدح مجددا من مساجد عسير صوت الحق، وتبقى واضحة المعالم، متراصة البنيان، عامرة بالصلاة بعد أن توجه المصلين حولها إلى المساجد الحديثة في ظل التنمية العمرانية، التي اتسعت رقعتها نحو كل اتجاه، ما أدى إلى هجر بعضها رغم مكانتها التاريخية وعمرها المديد، لتعيش أنقاضها الأخيرة، ما بين صعوبة الوصول إليها أو اندثار معالمها.
ففي مركز بللسمر شمال مدينة أبها بمسافة تتجاوز 80 كيلومترا يوجد أطلال مسجد "المضفاة" التاريخي، الذي يأتي ضمن القائمة المشمولة بالتطوير، حيث تحدث المعمر عبدالله بن علي مشبب الأسمري، الذي يبلغ من العمر 100 عام ويزيد عقدين من الزمن، وقضى كثيرا منها خادما للمسجد والمشرف على خدماته بصفة فردية كونه جارا للمسجد وأحد أبناء القرية القديمة، الذي قال إنه تولى مهام خدمة المسجد منذ 40 عاما وهو بوضعه الراهن وبإمكانات متواضعة وترميم متقطع يفتقد التخصص، مفيدا أن المسجد يتجاوز بناؤه أكثر من 400 عام بحسب ما وثقته صفحات التاريخ لتلك المنطقة التي يوجد بها وما تناقلته كذلك روايات وقصص الأجيال السابقة.
وبيّن الأسمري أن مسجد المضفاة التاريخي يتكون من مصلى بأبعاد تتراوح بين ستة أمتار في العرض و20 مترا طولا وارتفاع سقفه يبلغ ثلاثة أمتار مرفوعا على خمسة أعمدة من أشجار العرعر، مربوطة بثلاثة سواري أو ما يعرف محليا "بالملقف"، فيما استخدمت 92 غصنا من الأشجار التي تشتهر بها المنطقة لتغطية الأسقف والمحافظة على التربة من التساقط، وللمصلى مدخل من الجهة الجنوبية وحرم خارجي وغرفة مستقلة للضيافة ومئذنة قديمة يرتقي إليها المؤذن بدرج من الحرم، ولا تزال المواضئ بحالة جيدة، وقد تم إزالة البركة في أعمال ترميم قديمة، ووضع خزان ماء حديث.
واستعاد الأسمري ذاكرة المكان، حيث قال بحسب "واس" "كانت تؤدى صلاة الجمعة والتراويح في هذا المسجد ويجتمع فيه أهالي القرى المجاورة منها قرية آل مسلم، وآل خثيم، وآل المدماك، والدرّس، والرصاع والذوالف، وال عائض، ويتجاوز عدد المصلين 100 مصل آنذاك، لافتا إلى تخصيص أهالي المكان 12 قطعة زراعية وقفا يعود ريعها للمسجد، منها خمس مزارع "سُقى" وهي ما تسقى بمياه الآبار وسبعة أخرى "عثري" وهي التي تعتمد على سقياها بمياه الأمطار، حيث يستفاد من محاصيلها في تقديم خدمات المسجد واحتياجاته من ضمنها تقديم الوجبات وإكرام الضيف العابر، الذي يتم إيواؤه بالغرفة المخصصة للضيافة، التي تعد من مكونات المسجد.
وفي شمال محافظة النماص وعند الوقوف على مسجد "صدر إيد" الأثري الذي تتشابه مكوناته لحد كبير مع المساجد التاريخية الأخرى في المنطقة، ولكنه يتميز بأنه يحمل نقشا تاريخيا قديما، حيث أكد المواطن "منصور بن سعد آل عجلان" أحد أبناء قرية "صدرإيد" أن وجود هذا النقش على أحد أحجار محراب المسجد الأثري يعطي دلالة على أنه من أقدم الجوامع في الجزيرة العربية وقد بُني عام 110 ه، كما أشارت له المصادر التاريخية الموثوقة، ودون على النقش تاريخ 170 للهجرة باسم محمد بن عبدالرحمن.
وفي مركز السرح وتحديدا في قرية السرو شمال محافظة النماص، حيث يقع مسجد السرو التاريخي، وهو المسجد الثالث من المساجد الخمسة التي نالها التطوير في منطقة عسير. ويقول المواطن سعّيد بن عابد أحد المعمرين في القرية ويبلغ عمره نحو 100 عام إن والده وجده ممن كان يؤدون الصلاة في هذا المسجد وتعاقب عليه عدد من الأئمة القدامى ذكر منهم سبعة أشخاص.
وأوضح أن المسجد كان يجمع أهالي القرية وكان وجهة لتجمع الرحالة والضيوف والمتسوقين الذين كانوا يشدون الرحال لغرض البيع والشراء والتجارة بالحبوب والتمور من مختلف المناطق لسوق ربوع السرو، ويستدرك الحديث المواطن عبدالله بن عثمان ذو الـ 85 عاما واصفا مصلى المسجد بأنه يتربع على مساحة تبلغ 60 مترا إلى جانب ساحة خارجية تسمى بالحرم، وغرف جانبية ومواضئ و"مروش" ومئذنة يبلغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، مبينا أن المسجد استخدم في بنائه الحجارة والطين والأخشاب، التي تتميز بها تضاريس المنطقة.
وفي محافظة النماص يتربع أيضا مسجد عاكسة التاريخي في القرية القديمة وبجواره قلعة أثرية وبيوت قديمة ويعد بناؤه قديما جدا، كما أشارت معلومات فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير، وبني المسجد من الحجارة والأجاص وغطي بشجر العرعر وهو يشبه لحد كبير المساجد التاريخية الأخرى بالمنطقة، وتبلغ مساحته 72 مترا مربعا، وبه فناء خارجي، ويقع في الجزء الشرقي منه بركة للوضوء، ويربطها مجرى صغير يغذي أحواض الوضوء.