النحاسة .. حرفة تحتضر في القدس
يعمل النحّاس الفلسطيني محمد عبدالجواد دون كلل للانتهاء من إعداد صينية نحاسية في ورشته في القدس، إذ يسعى جاهدا للحفاظ على حرفة تتقنها عائلته منذ عقود، بحسب "رويترز".
ويشعر الحرفي البالغ من العمر 48 عاما بالأسى وهو يرى صناعته تحتضر مع تحول المستهلكين إلى شراء أدوات منزلية حديثة معظمها مستورد من الخارج بأسعار أرخص.
ورث الرجل الفلسطيني ذو الأصول التركية الحرفة عن جده، الذي كان يعمل فيها عندما كانت النحاسة صناعة مزدهرة.
ويقوم عبدالجواد بصنع جميع الأدوات النحاسية والأباريق وأهلة المساجد وتجديد قطع النحاس الأخرى، ويستخدم كثيرا من الوسائل، ويمضي وقتا طويلا في حفر الكلمات، ورسم الصور على النحاس قبل تلميعه باستخدام آلات خاصة.
ويراوح سعر القطعة الواحدة بين أربعة دولارات و550 دولارا للقطعة الواحدة، حسب حجمها والغرض منها، وهو ثمن يراه كثيرون باهظا مقارنة بالمنتجات البلاستيكية الرخيصة.
وقال عبدالجواد، "إن جيل اليوم لم يعد يهتم كثيرا بمنتوجات هذه الصناعة، حيث يسافرون إلى الصين والهند وتركيا لشراء التحف والمزهريات والأباريق، للاستعمال الوقتي، ومن ثم تركها وشراء غيرها".
وعبدالجواد أب لسبعة أبناء ويقول "إن أبناءه وبناته غير مهتمين ببقاء حرفته واستمرارها، ولا يساعده سوى واحد من أبنائه في سن الدراسة بين الحين والآخر". أما بناته الكبريات فيدرسن التمريض والعلاج الطبيعي في الجامعة.
ومتجر عبدالجواد أحد المتاجر القليلة جدا المفتوحة في السوق. ويرى أن الحرفة تحتضر وتوشك على الموت.
وأشار إلى إغلاق 50 محلا من أصل 60 في السوق، بسبب قلة الإقبال، إضافة إلى إغلاق الضفة الغربية، ومنع أهلها من النزول إلى القدس إلاّ في الجمع والأعياد.
ويأمل أن يتمكن من العمل في يوم من الأيام في سوق مخصصة لعرض القطع الفنية التي تصنعها الأيدي الماهرة مثل منتجاته.
وأضاف "عندما أسافر إلى أي بلد أجد فيه سوقا مخصصة للحرف اليدوية، وهذا ما لا يتوافر هنا في القدس، لذا أتمنى توفير مكان يجمع ورش الحديد، الجلد، الخشب، والصدف، حتى لا تندثر نهائيا".
ومنذ 15 عاما، ورغم اندثار محال النحاسة، واختفاء قدور النحاس من مطابخ أهل القدس، ورغم ضعف الطلب، قرر عبدالجواد الالتفات إلى "الصنعة التي في يده" كما يقول، التي تمثل إرث أبيه وجدّه، فخصص وقته لتوسيع معارفه وتطوير مهاراته في حرفته.