في نقل "مبايعات الملكية العقارية" من وزارة العدل
قبل عدة أسابيع كنت في مجلس الأمير عبد الرحمن بن بندر بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ العامر, وقد ضم المجلس عددا من العلماء والمثقفين ورجال الأعمال و كعادته يحرص سموه دائماً على متابعة الإعلام وما يطرح فيه من مواضيع تلامس هموم المواطنين. وقد كان من المواضيع التي تابعها سموه موضوع الرهن العقاري وما تم حوله من تغطيات صحفية وإعلامية، الحديث امتد ليشمل رهن الصكوك العقارية وضرورة وجود قاعدة بيانات تربط بين السجل المدني للمواطن أو المستثمر الأجنبي وممتلكاتهما العقارية بالإضافة إلى ضرورة استحداث سجل عقاري وطني يبنى على ترميز (كود) أو ترقيم عقاري وطني موحد على أن يتكون الكود الوطني من رقم للمنطقة ورقم للمدينة أو المحافظة ورقم للقرية وكذلك رقم لنوع العقار ورقم للعقار نفسه. وقد شارك عدد من الحاضرين في الحديث وذكروا أن الوزارات المعنية مثل وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية تقوم حالياً بتنفيذ ذلك بينما ذكر آخرون أن المحاولات الموجودة لا ترقى إلى مستوى كود عقاري وطني موحد. في هذه الأثناء طرح الأمير ـ وهو مهندس متقد الذهن ـ تساؤلا مفاده: لماذا يتم نقل ملكية العقارات لدى كتابات العدل بينما يتم نقل ملكية السيارات لدى المرور؟ علماً بأنه توجد سيارات تتجاوز قيمتها أسعار عقارات كثيرة. في معظم دول العالم وكما ذكر الأمير تتولى نقل الملكية البنوك بصفتها ممثلا للبائع والمشتري، ثم أردف الأمير الشاب قائلاً لماذا لا تتم إجراءات نقل ملكية العقار لدى وزارة الشؤون البلدية والقروية بحكم الاختصاص ويكون دور المحاكم في الشأن العقاري محصورا في إثبات ملكية العقار أو عند حسم النزاعات الدائرة حوله. في الحقيقة أنه لم يستطع أحد تقديم مبرر مقنع للأمير ولا سيما مع استخدام الحاسب الآلي وإمكانية بناء قواعد بيانات عقارية موحدة، بيد أنه في الماضي ربما يجد المرء مبررا لربط إجراءات نقل الملكية لبعض العقارات مثل بعض الأراضي الزراعية والأراضي السكنية التي لم يشملها التخطيط العمراني في وزارة العدل لعدم توافر بيانات عقارية مبوبة بالإضافة إلى عدم صراحة الملكية ووضوح حدود الملكية أو ارتباط الحدود بعلامات طبيعية قد تتعرض للتعديل والإزالة. عندها استأذنت الأمير لطرح هذا التساؤل من خلال الصحافة لقناعتي بأن طرح مثل هذا الموضوع من خلال المنابر الصحافية سيكون له الأثر الإيجابي حيث إنه ربما يقع تحت أنظار أحد المسؤولين أو المستشارين في مجال التخطيط والتطوير الإداري مما يتيح فرصة أكبر لدراسته بكل أبعاده، فأيد الأمير ذلك.
في الواقع أن الأرض السكنية أو التجارية التي تقع ضمن مخطط معتمد يفرغ صك ملكيتها من الصك العام لملكية المخطط، وهذا الصك ما هو إلا وثيقة تملك مثله مثل وثيقة ملكية السيارة أو أي وثيقة ملكية أخرى، لأجل هذا فإن فكرة نقل ملكيتها لوزارة البلدية ممثلة في البلديات والمجمعات القروية أو البنوك وإسناد نقل ملكية الأراضي الزراعية لوزارة الزراعة أقرب للتيسير على المواطنين، بل إن دراسة إسناد هذه الإجراءات إلى البنوك ربما يكون متوافقا من الناحية العملية لمتطلبات المرحلة الراهنة ولاسيما مع سعينا الحثيث لجذب الاستثمارات الأجنبية والخليجية خاصة، وهو أمر ليس مستغربا فتداول الأسهم والمعادن (البورصة) خير دليل على نجاح البنوك في هذا الصدد، على أن تنشأ قاعدة بيانات وطنية عقارية مرتبطة بالسجل المدني للمالك. إن هذا الإجراء سوف يخفف الضغط العملي عن وزارة العدل خصوصاً مع سعي الدولة لاستحداث محاكم متخصصة كالمحاكم المرورية، هذا إلى جانب مساهمته في تخفيف الازدحام المروري في المدن الكبيرة، ناهيك عن ما سوف يحققه من مرونة في البيع والشراء قد لا تتطلب الحضور الشخصي للجهة التي سوف تتولى تنفيذ عملية البيع أو الشراء حيث يمكن أن يتم ذلك عن طريق الإنترنت بينما يبقى استخراج صكوك إثبات الملكية لدى وزارة العدل. إن الأمر بحاجة إلى البحث والدراسة وفي اعتقادي أن مجلس الشورى ربما يكون أهم المؤسسات المعنية بدراسة مثل هذا الأفكار ويمكنه الاستعانة في ذلك بالجهات ذات العلاقة.