أهمية الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني

أهمية الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني

[email protected] كل الشكر على الجهود التي بذلتها "الاقتصادية" لتبرز نوعية وإنجاز وقوة ومتانة كبريات الشركات الناجحة في السعودية, التي تقدر أرباح أكبر 100 شركة في السعودية بما يتجاوز 88 مليار ريال, وإن كانت تلك الأرباح بمقاييس الشركات الكبرى في العالم تعد ضئيلة إذا ما قيست بأرباح شركة شل البريطانية - الهولندية التي تجاوزت أرباحها لعام 2007، 100 مليار ريال وموجودات بنك مثل (يو بي إس) أكثر من سبعة مليارات ريال أي ما يوازي ستة موجودات 100 أكبر شركة سعودية وثلاثة أمثال موجودات شركة أرامكو التي تمتلك 700 مليار دولار حسب "فاينانشيال تايمز" أي موجوداتها أكثر من تريليوني ريال . على كل حال أود هنا المقارنة بين الشركات الخاصة والعامة المنضوية تحت أكبر 100 شركة سعودية . فهناك عدة ملاحظات معتبرة : أولاها أن نسبة توظيف الشركات الخاصة للعمالة أكثر من الشركات العامة لعدة اعتبارات قد تكون طبيعة الصناعة التي تعتمد على الأيدي العاملة أكثر من أي عامل آخر. أما الملاحظة الأخرى فإننا نجد ضخامة إيرادات الشركات العامة التي تصل إلى أربعة أضعاف إيرادات الشركات الخاصة مما يدلل على قدرتها على الاستحواذ على الأسواق سواء أكانت محلية أو إقليمية أو عالمية أي ذات قدرة عالية على المنافسة وقد انعكس ذلك أيضا على الأرباح التي وصلت إلى ثمانية أمثال أرباح الشركات الخاصة وهو ما يتضح أكثر في العائد على الاستثمار في الشركات العامة التي هي أعلى بمرة ونصف المرة في شركات القطاع الخاص وهو نتيجة ضخامة الاستثمارات الموظفة في الشركات العامة بالنسبة للشركات الخاصة ويصل صافي الأرباح في الشركات العامة إلى ضعف صافي الربح في الشركات الخاصة. ونحن هنا نتحدث عن أقوى الشركات الخاصة ولكن بمقارنتها بالشركات العامة فإنها أقل حجما وأقل إيرادات وعائدات أيضا وسبق أن عقدت مؤتمرات متفرقة لدراسة أوضاع الشركات العائلية وكيفية الحفاظ عليها منها: مؤتمرات الدوحة ودبي وجدة وغيرها من مؤتمرات تلتها. فأهمية الشركات العائلية تكمن في أنها تسهم بنحو من 60 إلى 70 في المائة من حجم الاقتصاد الوطني وتسهم بنحو 250 مليار ريال من الناتج المحلي الإجمالي أي ربع الناتج المحلي الإجمالي وتسهم أيضا في رفع نسبة النمو الاقتصادي, كما توفر فرصا كبيرة لتشغيل الأيدي العاملة الوطنية إذا وضعت استراتيجيات لذلك. ولكن الشركات العائلية تواجه اليوم جملة من التحديات في ظل خيارات العولمة وفتح الحدود والتحول إلى اقتصادات السوق مما أسهم في إيجاد مناخ تنافسي سريع التغيير وأمام هذه التحديات المطلوب أن تحمي كيانها . سبق أن دعا بنك استثماري بالتعاون مع (داو جونز) إلى خلق تعاون بين خمسة آلاف شركة عائلية تدير ما يزيد على 90 في المائة من الأنشطة التجارية في الخليج وتصل قيمة الأصول الكلية لهذه الشركات إلى أكثر من 500 مليار دولار أي ما يقارب تريليوني ريال وتشغل 70 في المائة من قوة العمل في دول المجلس. وذكر تقرير عن بنك كابيتال الاستثماري أن 30 في المائة فقط من الشركات العائلية على مستوى العالم تمكنت من الاستمرار في ممارسة النشاط حتى الجيل الثاني من الإدارة العائلية في حين استطاع أقل من 6 في المائة مواصلة المنافسة حتى بعد الجيل الثالث, لكن عندما تتواصل الشركات بقطاع الاستثمار في القطاع الخاص قد يحمل مستقبلا زاهرا لعديد من هذه الشركات وأحرزت الشركات العائلية في أوروبا, التي تمتلك علاقات شراكة مع مؤسسات الاستثمار في الشركات الخاصة, إنجازات ملموسة تجسدت في تعزيز حضورها بنسبة 60 في المائة في أسواق جديدة, كما تمكن ثلثا هذه الشركات من الارتقاء بقدرتها التنافسية, ويتضاعف متوسط قيمة الشركات المدعومة بمؤسسات الاستثمار في الشركات الخاصة عند مرحلة التخارج عقب فترة ملكية متوسطة لا تتجاوز ثلاث سنوات ونصف السنة, لأن نموها أساسا مستمد من عوائد النمو العضوي وعمليات الاستحواذ بعكس التصور التقليدي السائد بأن دور الاستثمار في الشركات الخاصة يقتصر على خفض التكاليف على المدى القصير وقد ارتفعت مرحلة التخارج مقابل مرحلة بدء الاستثمار بنحو 80 في المائة في الصفقات الأمريكية و60 في المائة في الصفقات الأوروبية. إذا الشركات العائلية في الخليج أمام تحد على التكيف مع القيم الاجتماعية المتغيرة والتقنيات الحديثة والمنافسة المتزايدة. وستظل الشركات العائلية ركيزة من ركائز الاقتصاد المزدهر في المنطقة, وحتى على المستوى العالمي تشكل المؤسسات العائلية أكثر من اثنتين من أصل ثلاث شركات وتشغل أكثر من 50 في المائة من الأيدي العاملة, ولكن أظهرت الدراسات الدولية أن سبعا من أصل عشر شركات عائلية تفشل في تنفيذ عملية الانتقال إلى الجيل الثاني فيما لا تصل إلا واحدة من أصل عشر شركات إلى الجيل الثالث بحيث تبلغ نسبة الفشل لكل جيل 60 في المائة. فالشركات العائلية ثروة وطنية ينبغي أن تفكر في أفضل المناهج وليس في أفضل الممارسات لإعداد جيل جديد من القياديين. المهم أن تفكر الشركات العائلية في استدامة أعمالها والحفاظ على أدائها على المدى الطويل, ولكن الواقع غير ذلك, إذ تشير دراسة من بنك المستثمر الوطني ومقره أبو ظبي إلى أن 75 في المائة من جميع الشركات العائلية في المنطقة يوجد فيها على الأقل عضوان في مجلس الإدارة من العائلة نفسها . وفي الكويت تستطيع عائلة واحدة أن تمتلك حتى 100 من مجلس الإدارة في حين تهبط هذه النسبة في السعودية إلى 75 في المائة, لكن لا توجد عائلة واحدة في دبي تسيطر على أكثر من 50 في المائة من مجلس الإدارة في شركة معينة في حين في قطر يمكن لـ 30 في المائة من مقاعد مجلس الإدارة أن تكون لعائلة واحدة, وحتى في البحرين, وهي أفضل بلدان الخليج في هذا الجانب, لا يزال المتوسط 19 في المائة. والواقع أن دراسة أجراها بنك إتش إس بي سي HSBC في السنة الماضية أظهرت أن 64 في المائة من المستثمرين المؤسسين الذين شاركوا في الاستبيان, يرون أن النهج الإداري السيئ في الشركات يغير حاجزا لا يستهان به أمام الإدارة, مشيرين إلى أن سوقي السعودية ودبي هما الأقل درجة في هذه الناحية. يجب ألا يستهان بالشركات العائلية, فشركة بي إم دبليو تعد مثالا جيدا على توازن منتج في القوى بين المالكين العائليين والمديرين المهنيين. لقد بني الاقتصاد الألماني في حقيبة ما بعد الحرب العالمية الثانية على مناكب أصحاب المشاريع الاستثمارية الذين أوجدوا آلافا من الشركات الصناعية صغيرة الحجم والمتوسطة وهي الدولة الأولى عام 2007 في الصادرات العالمية, أي تفوقت على الولايات المتحدة والصين واليابان. كما أظهرت دراسة عام 2004 أن أكبر 500 شركة عائلية في الولايات المتحدة تميل إلى أن تتفوق في الأداء على الأخريات في كل من الأرباح والإنتاجية, وذلك لأنها تميل إلى أن يكون لديها معدل أعلى لعائدات الأصول لأن لديها حافزا قويا. ونجاح الشركات العائلية هو المحفز على النمو الاقتصادي وعلى إيجاد فرص العمل وأتمنى من "الاقتصادية" أن تتولى إصدار أكبر 100 شركة عائلية على مستوى الخليج استباقا للوحدة الاقتصادية التي تلي السوق المشتركة على غرار أكبر 100 شركة في السعودية لكي نعزز إسراع الخطى نحو الوحدة, وهو استكمال لما بدأته "الاقتصادية" عن التكامل بين أسواق الأسهم الخليجية في عدة حلقات كي نعزز قدرة وتوسع الشركات العائلية.
إنشرها

أضف تعليق