بيوت وقصور الطين في نجران .. عمارة فريدة على ضفاف الوادي
تعد بيوت وقصور الطين في منطقة نجران إحدى المكتسبات التراثية والتاريخية التي تعكس حياة المجتمع قديما في القرى الواقعة على ضفتي وادي نجران الشمالية والجنوبية.
وتمتاز القرى الطينية التي يصل عددها إلى 33 قرية، بتصاميم معمارية فريدة شكلت مع النخيل والمزارع المحيطة مناظر في غاية الجمال والروعة على ضفاف الوادي.
وتحتضن القرى التراثية عديدا من قصور الطين والمباني المختلفة في المسميات وطرق البناء، ويُمثّل كل واحد منها مشهدا في الإبداع والرؤى الفنية الجمالية.
وتشتهر المنطقة بالدروب، ويتكون الدرب من سبعة أدوار، يخصص الدور الأرضي منه للأعلاف والماشية، والدور الأول حتى السادس للسكن، بينما الأخير للطبخ، وهو من أقدم المباني الأثرية في المنطقة، حيث يعود بعضها إلى 200 عام.
وحرصت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في نجران، على المحافظة على التراث العمراني الوطني في المنطقة من خلال التواصل مع أصحاب المباني الطينية التراثية لإعادة تأهيلها والاستفادة منها في إبراز الهوية الثقافية والتاريخية لها، ومن ثم إمدادها بالخدمات من طرق وسفلتة وإنارة وأرصفة من خلال شركاء الهيئة الحكوميين، إضافة إلى الدعم والتشجيع للأهالي الذين يقومون بترميم بيوتهم الطينية ذاتيا للاستفادة منها في إحياء التراث المعماري للمنطقة وإبرازه للأجيال القادمة.
ويتنوع الطراز المعماري لبيوت الطين في منطقة نجران في عدد من الأشكال المعمارية منها "المشولق"، ويتكون من طابقين إلى ثلاثة وتطل جميع غرفه على المدخل الرئيس.
أما "المربع" و"القصبة"، فتبنى بشكل دائري حيث تكون القاعدة أكبر وتضيق الدائرة كلما ارتفع إلى الأعلى، وتكون بالعادة في زوايا البيت للحماية.
فيما يتكون "المقدم" عادة من ثلاثة طوابق وحوش، ويستخدم الطابق الأرضي منه مجلسا وغرفا للتخزين.
أما المواد الأولية التي تستخدم في البناء، فهي الطين وجذوع وسعف النخل والأثل، إضافة إلى استخدام خشب السدر في صناعة الأبواب والنوافذ.
ويبدأ بناء بيوت الطين بوضع الأساس المسمى "وثر"، وهو من الحجارة والطين، ثم يبدأ بوضع المدماك الأول وبعد الانتهاء منه يترك لمدة يوم حتى يجف، وذلك في الصيف، أما في الشتاء فيترك يومين أو ثلاثة ثم يقام المدماك الثاني، وهكذا حتى يتم البناء، وبعد الانتهاء، تتم عملية "الصماخ" وهو لياسة السقف من أسفل بالطين، والسقف عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار الأثل أو السدر، وبعد 15 يوما يتم البدء بما يُسمى "القضاض" من الجير الأبيض، ثم تتم عملية "التعسيف" وهو عملية الدرج والتلييس بالطين، بعد ذلك تأتي العمليات الجمالية الإضافية للمباني من الداخل والخارج. ومن الجميل والملفت في ذلك، أن بيوت الطين كانت في منطقة نجران تسمى قديما بأسماء معروفة، وعلى سبيل المثل "قصر سعدان، مستور، واسط".