دارة الملك عبدالعزيز .. نصف قرن في خدمة تاريخ وتراث المملكة
منذ أن أنشئت دارة الملك عبدالعزيز في عام 1972، أي قبل نحو نصف قرن، وهي مرجع تاريخي للبحوث والدراسات والمخطوطات للمملكة.
ودأبت الدارة على خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة، بصفة خاصة والدول العربية والدول الإسلامية بصفة عامة، وتحقيق الكتب التي تخدم تاريخ المملكة وجغرافيتها وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية، وطبعها وترجمتها، وتاريخ وآثار الجزيرة العربية والدول العربية والإسلامية بشكل عام.
وتعمل الدارة على إعداد بحوث ودراسات ومحاضرات وندوات عن سيرة الملك عبد العزيز خاصة، وعن المملكة وحكامها وأعلامها قديما وحديثا بصفة عامة، وتشتمل على قاعة تذكارية تضم كل ما يصور حياة الملك عبد العزيز الوثائقية وغيرها، وآثار الدولة السعودية منذ نشأتها، وخدمة الباحثين والباحثات في مجال اختصاصات الدارة، ومنح جائزة سنوية باسم جائزة الملك عبد العزيز، والمحافظة على مصادر تاريخ المملكة وجمعه، وإنشاء مكتبة تضم كل ما يخدم الدارة، وكذلك إصدار مجلة ثقافية.
ولأهمية الدور الذي تضطلع به الدارة، شهدت مرحلة تطويرية شاملة ومواكبة لمستقبل المملكة التنموي، بفضل ما تلقاه من دعم ورعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الإدارة.
ويعد اليوم المفصلي في تاريخ الدارة الذي يتذكره المؤرخون والباحثون يوم صدور قرار مجلس الوزراء في 28 / 12 / 1417هـ بإعادة تشكيل مجلس إدارتها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فقد أعطى هذا القرار زخما كبيرا للدارة ولفت الأنظار إليها داخل المملكة وخارجها، فمضت تنمو وتتطور أعمالها وتتراكم تجربتها مع مرور الوقت، ويتزايد إنتاجها وتتصاعد فعاليتها في المشهد المعرفي، فأصبحت في وقت قصير مرجعا للباحثين ومأوى للمصادر التاريخية، وبدأت شخصيتها تتبلور بشكل أوضح وأكثر فاعلية من خلال عمل مؤسسي منظم صنع لها رسالة تمزج بين العلمية والموضوعية والوطنية التي أنشئت من أجلها.
وخلال ترؤس الملك سلمان بن عبدالعزيز لـ 45 اجتماعا للدارة بث فيها روح العمل النشط والثقة العلمية من خلال مكتسبات عديدة، من أهمها احترام الوقت، وهذا انعكس على شخصية الدارة اليومية، فمنذ انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الإدارة الجديد عام 1418هـ حتى اليوم وخلال 45 اجتماعا لم يتأخر عن اجتماع واحد لحرصه على دقائق العمل في الدارة.
كما أن توجيهه بتكوين مجلس إدارة جديد يكون أعضاؤه من المؤسسات التعليمية والثقافية ذات العلاقة، حتى تسهل عملية تبادل المعلومات، وتوجيهه بنقل الدارة من مقرها السابق إلى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بجوار قصر المربع في حي المربع، الذي افتتحه الملك فهد بن عبدالعزيز عام 1419هـ.
وقدمت السمة البحثية الدؤوبة في شخصية خادم الحرمين الشريفين من خلال رئاسته لمجلس إدارة الدارة، نموذجا عمليا للعاملين فيها، فقد كان وما زال فاعلا في أعمالها لتعلقه بالبحث العلمي، حتى أنه في عام 1418هـ أهدى الدارة مخطوطة نادرة بعنوان "المقنع في الفقه" نسخت عام 1220هـ، وكانت نواة لما جرى جمعه وحفظه من المخطوطات الأصلية التي تجاوزت 5000 مخطوط، وكذلك قدم للدارة وثيقة أصلية هي رسالة من الإمام سعود بن عبدالعزيز إلى سليمان باشا، نسخت في عام 1225هـ، ضاربا بذلك مثالا للمواطنين من ملاك المخطوطات والوثائق لإيداع ما لديهم من مصادر تاريخية في الدارة، وكان يوجه بإيداعها باسم صاحبها بحيث يحق له الرجوع إليها.
وألقى خادم الحرمين الشريفين ثلاث محاضرات متخصصة في التاريخ الوطني، تعد شاهدا موثقا لشخصيته البحثية، حيث كانت أولى هذه المحاضرات في جامعة أم القرى عام 1429هـ بعنوان "ملامح إنسانية من سيرة الملك عبدالعزيز"، وكانت المحاضرة الثانية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1432هـ بعنوان "الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية"، وطبعتها الدارة حرصا على استحضار الجميع لها ودعم المكتبة التاريخية الوطنية، أما محاضرته الثالثة فكانت في جامعة الملك سعود ممثلة في كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز للدراسات الحضارية والتاريخية عام 1433هـ بعنوان "الجوانب السياسية والاجتماعية في تاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.