«وود ماكينزي»: نضوب حقول النفط الأمريكية سريع للغاية
ارتفعت أسعار النفط أمس بعدما عزز نشاط قوي للمصانع الصينية أسواق السلع الأولية في الوقت الذي تراجع فيه إنتاج الصين من الخام، لكن النمو السريع في إنتاج الولايات المتحدة كبح المكاسب.
وفاقت الصين التوقعات حيث سجلت ارتفاعا بلغ 7.2 في المائة على أساس سنوي في الإنتاج الصناعي خلال أول شهرين من عام 2018 بينما أظهرت بيانات انخفاض إنتاجها النفطي 1.9 في المائة.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 29 سنتا إلى 64.93 دولار للبرميل، متعافيا من المستوى المنخفض الذي سجله في وقت سابق عندما بلغ 64.43 دولار للبرميل، فيما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 46 سنتا عند 61.17 دولار للبرميل.
وتراجع إنتاج الصين المحلي من النفط، التي أكبر مستورد للسلع الأولية في العالم، خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) إلى 3.77 مليون برميل يوميا، بينما ارتفعت كمية النفط المعالج بمصافيها 7.3 في المائة إلى 93.4 مليون طن، وهو ما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من الواردات، ومن المتوقع ارتفاع الإنتاج الأمريكي فوق 11 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري.
إلى ذلك، أكد تقرير "وود ما كينزي " الدولي أن نضوب الحقول الأمريكية سريع للغاية، مضيفا أن نضوب الحقول يجيء بوتيرة أبطأ في الحقول التقليدية للمنتجين في "أوبك" وخارجها، ومشيرا إلى أن ضعف الأسعار في الفترة الماضية أدى إلى تقليص الاستثمارات في الحقول الجديدة وخطوط الانابيب بنحو 50 في المائة.
وأوضح تقرير حديث - للشركة الدولية المتخصصة في استشارات الطاقة - أن نضوب الحقول سيشهد استقرارا حتى عام 2020 حول نسبة 5.1 في المائة أو1.9 مليون برميل يوميا في العام وكانت قد تم تسجيل أعلى معدل لانخفاض إنتاجية الحقول التقليدية في عام 2014، حيث بلغ نحو 7 في المائة أو ما قيمته 2.4 مليون برميل يوميا لكل عام.
ولفت التقرير الدولي إلى أن الكفاءة التشغيلية المحسنة والإنفاق الرأسمالي يعدان بين أبرز العوامل المباشرة والرئيسية التي تحافظ على معدلات الانخفاض عند المستويات الحالية وتمنع تفاقمها، مشيرا إلى جهود المشغلين في تعظيم معدلات الإنتاج من خلال التركيز على أفضل الآبار من حيث الأداء مع التوسع في عمليات الضبط الدقيق للإنتاج وتكثيف برامج الصيانة.
وشدد التقرير على ضرورة زيادة كفاءة الإنفاق وضبط التكاليف والتركيز على زيادة العوائد من المشروعات قصيرة المدى ذات الجدوى المرتفعة وقليلة المخاطرة، لافتا إلى أن رمال النفط الكندية والإنتاج الواسع في البرازيل من المياه العميقة سيقودان زيادات جيدة ومتلاحقة في الإمدادات النفطية مستقبلا موضحا أنها تعد فرصة كبيرة بما يكفي لتعويض معدلات التراجع العالمية بسبب نضوب الحقول لافتا إلى أنه يمكن للرمال النفطية وحدها أن تقلل من معدلات الانخفاض بنسبة تصل إلى 0.6 في المائة حتى عام 2020.
وأضاف أنه فيما بعد عام 2020 ما لم تتم زيادة الاستثمار سوف ترتفع معدلات الانخفاض في انتاجية الحقول وستحدث حالة من التأثير الكبير في السوق وفي المعروض النفطي بصفة خاصة حيث يرجح أن تؤدي إلى نقص المعروض بنحو مليوني برميل في اليوم بحلول عام 2021.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع وسط آسيا في شركة "إم إم آي سي" الألمانية لخدمات الطاقة، أن أسعار النفط الخام تتهددها مخاوف عدم قدرة نمو الطلب على التهام الزيادات الواسعة والمتلاحقة في الإنتاج الأمريكي من النفط الخام خاصة بعد صدور بيانات ضعيفة عن انكماش في واردات الصين النفطية وهي التي تعتبر المكون الرئيسي لمنظومة الطلب على النفط الخام.
ونوه جروس إلى أن ذلك يجيء بالتزامن مع توقعات حدوث نمو جديد في مستوى المخزونات النفطية لافتا إلى أن هذا الأمر قد يترجم إلى مزيد من التحديات التي تواجه دول أوبك وشركائهم من المنتجين المستقلين والذين يسعون حثيثا لتقليص وفرة الامدادات وتقييد الإنتاج لإحداث حالة من التوازن المستدام بين العرض والطلب.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أرتوراس فيفراس مدير الاستثمار في فكتوريا بنك في دولة مولدوفا، إن هناك حالة عدم استقرار إنتاجي في العديد من مراكز الإنتاج العالمية، ومنها إنتاج فنزويلا الذي يشهد تراجعات متلاحقة بسبب عدم الاستقرار السياسي وتفاقم صعوبات الأزمة الاقتصادية لافتا إلى أن الإنتاج أيضا من النفط الرملي في كندا يواجه صعوبات الانقطاعات بسبب تكرر أزمة التعطل في خطوط الأنابيب.
ونوه فيفراس إلى أن أوبك وروسيا متمسكتان بخفض الإنتاج ولكننا قد نرى تطويرا في الاتفاق المشترك في العام المقبل بتعديل التخفيضات أو رفعها نهائيا مشيرا إلى أن الشركات الروسية تأمل في العودة إلى الزيادات المستمرة في الامدادات للاستفادة من القدرات الانتاجية الروسية المتسعة.
ومن ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه يانييف المحلل البلغاري، أن إضراب إحدى محطات تصدير الخام في ليبيا وتوقف إمداداتها كان له أثر محدود في زيادة الأسعار نتيجة تكرار الانقطاعات من الإنتاج الليبي التي اعتادت عليها السوق خاصة بعد أزمة حقل الفيل قبل أسابيع قليلة مشيرا إلى أن الأعين تتجه نحو القفزات المستمرة في الإنتاج الأمريكي.
ويرى المحلل البلغاري أن أزمة اقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق كان لها أيضا تأثير محدود حيث تمضي السياسات الأمريكية قدما نحو دعم قطاع الطاقة الأحفورية وزيادة الاستثمارات في النفط الصخري بصفة خاصة، لافتا إلى أن تقديرات أغلب المؤسسات المالية الدولية تشير إلى أنه من الصعب أن يعوق شيء عجلة الإنتاج الأمريكي التي انطلقت بأقصى طاقة ممكنة وستقود الإنتاج إلى كسر حاجز 11 مليون برميل يوميا على الأرجح في بداية العام المقبل.