«كلي» .. جسر ثقافي للتواصل مع دول العالم
حلّ الوطن بهويته وثقافته ضيفاً على الشعب البريطاني، يلوح عبر فعاليات الأيام الثقافية السعودية في المملكة المتحدة بأفق أرحب، تُبدي للجماهير سجايا وأبعاد الجوانب الثقافية في السعودية، وحراكها المتفاعل مع المشهد العالمي، وتعرض فنونها وإرثها العريق الممتد في قلب الجزيرة العربية.
الفعاليات أطرت في مجملها بعنوان "كُلّي" لتمد جسوراً من التواصل مع الجانب الآخر بشكل أوسع، كذلك محطة لتعزيز حضور المملكة ثقافياً مع دول العالم، حاملة بعداً مستقبلياً لما يخطوه الوطن في ظل "الرؤية الطموحة 2030" التي ركزت على جوانب شتى منها الثقافي والحضاري.
وفي وسط لندن احتضن مبنى "فيلبس" في العاصمة لندن، برامج ومعارض الأيام الثقافية السعودية في الفترة من 7 - 9 مارس الجاري، لما يمتاز به من موقع مميز يسهل الوصول إليه، فضلاً عن التجهيزات الحديثة لقاعات وصالات العروض بما وفر مساحة سمت بين أروقتها أطياف من فنون وإرث الوطن في مشهد تجاوز الحدود وتوثيق الصلة مع الآخر، وأتاح أمام الزوار خوض تجربة تفاعلية فريدة تجوب بالفكر مع تفاصيل الثقافة والتراث السعودي برؤية يختزلها مبدعون وفنانون من شباب وفتيات الوطن.
النظرة الواسعة لمحتوى الفعاليات التي جاءت متزامنة مع الزيارة الرسمية التي قام بها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى المملكة المتحدة، هي ما ركزت عليه الهيئة العامة للثقافة - الجهة المنظمة - سعياً إلى جعل الموروث والفنون السعودية المتنوعة المتأصلة بعمر إنسان الوطن، خطاباً أبلغ في التناغم مع الثقافات والشعوب، ومبرزة مكنون الجوهر الفكري والحضاري لواقع المملكة ومدى تأثيره وتأثره بغيره.
وعبر محاور أربعة شملت فعاليات الأيام الثقافية السعودية معارض فنية وقسما للواقع الافتراضي وبرنامجا للأفلام السعودية إلى جانب الفقرات الموسيقية، بهدف الوصول إلى صورة أكثر اتساعا تتيح للشعب البريطاني النظر إلى السعودية بمنظور "كُلّي".
وتنوعت المعارض الفنية متضمنة "معرض الفن السعودي المعاصر"، إذ جسدت الأعمال المعروضة لعدد من الفنانين، بمدارسها الفنية المختلفة بدءًا من العصر الحديث حتى المعاصر ومن التقليدي حتى الطليعي، تفاصيل وخلفية عن مكتنزات الحياة في المملكة.
ولإعطاء صورة أقرب عن بداية التواصل وإقامة الصداقة بين السعودية والمملكة المتحدة منذ قرن من الزمان، جاء "المعرض الفوتوغرافي للأميرة أليس" موثقاً عبر عشرات الصور ما التقطته عدستها عند زيارتها السعودية قبل 80 عاماً، لواقع الحياة وما لقيته من حفاوة وترحيب وكرم ضيافة، وما لذلك من أثر في إبراز القيم السعودية وعمق العلاقات.
في حين أبرز "معرض القط العسيري" هذا الفن النسائي التقليدي السائد في منطقة عسير كأحد الفنون السعودية الأصيلة، فكانت المرأة من تشتغل به في زخرفة جدران المنازل، ولجمالية هذا الفن أدرج في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لدى منظمة اليونسكو عام 2017م، ولا أدل على ذلك من عرض جدارية لـ "القط العسيري" في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك في أواخر عام 2015، نفذتها 12 امرأة من منطقة عسير تحت اسم "منزل أمهاتنا" بطول 18 مترا، وحظيت حينها بإقبال وإعجاب كبير من الزوار.
وعاش الزائر لقسم الواقع الافتراضي رحلة عبر تقنية للعرض ثلاثية الأبعاد، في عمق الماضي الثري والأصيل للمملكة والحاضر المشرق والمستقبل الواعد الملهم، مستكشفاً ذلك عبر رحلات للدرعية التاريخية وبيت نصيف والعلا ومدائن صالح، فيما قدمت الفرق الفنية معزوفات شرقية وأخرى غربية قدمها عدد من الفرق الفنية، دمجت بين الثقافة الشرقية والغربية.
وتابع الحضور من الشعب البريطاني والجاليات المقيمة هناك عروضاً لأفلام سعودية هي: الكيف، فضيلة أن تكون لا أحد، شكوى، حياة ملونة، المغردون، القط العسيري، أعقبتها جلسات حوارية مع مخرجيها.