رجال الأعمال يحاولون تغيير نظرة ترمب حيال اتفاقية «نافتا»

رجال الأعمال يحاولون تغيير نظرة ترمب حيال اتفاقية «نافتا»

في مواجهة احتمال انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، يتأهب عالم الأعمال لإقناع إدارة الرئيس دونالد ترمب بالحفاظ على الاتفاقية، مؤكدا أن القوة الاقتصادية الأولى في العالم جنت منها فوائد كبرى على مدى 23 عاما.
وعلى وقع حملة إعلانات تلفزيونية تشرح لماذا اتفاقية "نافتا مفيدة لأمريكا" ومضاعفة الدراسات التي تعرض العواقب السلبية للخروج منها، طرح الملف على أعضاء مجلس الشيوخ فيما تتكثف حملة التعبئة التي تتزعمها غرفة التجارة الأمريكية، في وقت استأنف المفاوضون الكنديون والمكسيكيون والأمريكيون محادثاتهم هذا الأسبوع في مكسيكو.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أفادت متحدثة باسم غرفة التجارة، أكبر منظمة لأرباب العمل في الولايات المتحدة تمثل أكثر من ثلاثة ملايين شركة من كل القطاعات والمناطق، أنه "إلى جانب عديد من المجموعات الأخرى الصناعية والزراعية ومن قطاع الأعمال، رفعنا المسألة إلى الكونجرس في الأسابيع الأخيرة".
وأوضحت المتحدثة أن مفاوضات تجري بهذا الخصوص مع أعضاء مجلس الشيوخ المائة، والرسالة فيها هي أن الانسحاب من هذه الاتفاقية "سيكون خطأ".
ووصلت المنظمة إلى حد التحذير من أن العواقب قد تكون "مدمرة" للزراعة الأمريكية خصوصا لمنتجي القمح، وأوضحت مونيكا دي بول المختصة في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية أن الانسحاب "ما زال خيارا محتملا جدا، ما يبرر مثل هذا الضغط الذي تمارسه أوساط الشركات".
وخلصت الجولة الرابعة من المحادثات في تشرين الأول (أكتوبر) في واشنطن إلى اقتراحات أمريكية جذرية من بينها بند "انقضاء تدريجي" يفسح المجال لإلغاء الاتفاقية بعد خمس سنوات أو إلغاء الفصل 19 منها الذي يسمح بتسوية الخلافات التجارية.
ورفضت مكسيكو وأوتاوا هذه الاقتراحات على الفور وطالبتا المفاوضين الأمريكيين بمراجعة طروحاتهم، ورأى إدوارد ألدن من مجلس العلاقات الخارجية أن هذه التطورات أحدثت "صحوة" لدى أعضاء مجلس الشيوخ والشركات التي لم تكن حتى ذلك الحين تنظر بجدية إلى تهديدات ترمب، مضيفا أن "ما يبرر تأخر رد فعلها أن هذا الرئيس لا يمكن التكهن بما سيقوم به، ومن الصعب التمييز بين ما هو من باب الهزل وما يطرح فعلا تهديدا".
ويردد ترمب أن نافتا هي "أسوأ اتفاقية" في التاريخ، ويحملها مسؤولية العجز الهائل في الميزان التجاري الأمريكي "أكثر من 64 مليار دولار" تجاه المكسيك والقضاء على آلاف الوظائف.
ولفتت مونيكا دي بول إلى أن جمعيات عديدة تسعى إلى توجيه النقاش إيجابيا، محاولة دفع إدارة ترمب إلى الابتعاد عن الخطاب البالغ الشدة الذي طبع المفاوضات السابقة، مؤكدة أن هذه التعبئة أتت ببعض النتائج.
وتورد دي بول، تأكيدا على ذلك قرار وزراء الدول الثلاث عدم المشاركة في جولة المحادثات الجارية حاليا في المكسيك، تفاديا للدخول في تصعيد كلامي، مشددة على أن هذا يحافظ على إمكانية تنظيم جولة سادسة عام 2018.
من جهته، يعتقد إدوارد ألدن أن عالم الأعمال بات منخرطا كليا في هذا المجهود ولديه المال والنفوذ في آن واحد لدعم موقفه، لكن مع اقتراب الانتخابات التشريعية في منتصف ولايته الرئاسية عام 2018، فإن ترمب مصمم على تحقيق إنجازات سياسية. وتخشى دي بول في هذا السياق أن يعمد إلى إعلان الانسحاب من "نافتا" مثلما وعد به خلال حملته الانتخابية عام 2016، في حال لم ينجح في تمرير إصلاحه الضريبي في الكونجرس.
وكشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه هذا الأسبوع أن 56 في المائة من الأمريكيين يعتبرون "نافتا" مفيدة للولايات المتحدة. لكن بين الناخبين الجمهوريين، فإن 54 في المائة يرون عكس ذلك.
وأوضحت بيث آن بوفينو رئيسة قسم الاقتصاد في شركة "إس آند بي جلوبال" أن الناس ينسون أن "نافتا" كانت لها مساهمة كبرى في تطوير التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، مضيفة أن "الحركة التجارية ازدادت بثلاثة أضعاف منذ تطبيق الاتفاقية، فارتفعت من 290 مليون دولار عام 1993 إلى أكثر من مليار دولار في 2016".
وترى بوفينو أن الاتفاقية أسهمت في تعزيز تنافسية الصناعات التحويلية بإرغام الشركات على الابتكار، ما أدى في نهاية المطاف إلى زيادة الوظائف وفرص الاستثمار.
وأشارت المختصة الاقتصادية أخيرا إلى أنه في حال الانسحاب من الاتفاقية، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يكبح الاستهلاك الذي يشكل تقليديا محرك الاقتصاد الأمريكي، ما سيقود إلى تراجع عائدات الشركات. واستندت بوفينو إلى نتائج دراسة أجراها مكتب "إيمباكت إيكون"، أظهرت أن خسائر الوظائف للعمالة غير المؤهلة قد تصل إلى 250 ألف وظيفة خلال فترة ثلاث إلى خمس سنوات بعد الانسحاب، وقد يرتفع هذا الرقم إلى مليون وظيفة إذا ما أخذت في الاعتبار وظائف ذوي المهارات.