منزل رئيس "سابك"

[email protected]

في تصريح لإحدى الصحف كشف رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" توقف أعمال الإنشاءات في منزله الخاص بسبب أزمة نقص الحديد وعدم توافر الكميات المطلوبة، ما أدى إلى توقف أعمال الإنشاءات منذ 40 يوماً لعدم العثور على حديد، مشيراً أيضاً إلى أزمة أسعار موجودة في السوق حالياً ألقى باللائمة في وجودها على وزارة التجارة ودورها في ثبات الأسعار بشكل رئيسي منوهاً بأن الأسعار في المملكة تعد أقل الأسعار على مستوى الخليج.
يصدر هذا التصريح من رئيس مجلس إدارة واحدة من كبريات الشركات على مستوى العالم، شركة لها مكانتها المحلية والإقليمية والدولية ورأسمالها عشرات المليارات وتستحوذ على 50 في المائة من نسبة سوق الحديد المحلي ومع ذلك فإن رئيسها لا يجد حديداً لإكمال منزله، ما جعل أعمال الإنشاءات تتوقف لمدة 40 يوماً، هذا حال رئيس الشركة فما حال المواطن البسيط الذي استدان لكي يبني منزله أو ذلك الذي انتظر عشرات السنين حتى يتمكن من أخذ دوره في قرض السكن أو ذلك الذي تقاعد من عمله ليستفيد من مكافأة نهاية خدمته ليبني بيت عمره وفي نهاية المطاف لم يجد حديداً، بل ماذا سيفعل من بدأ بناء منزله وفق ميزانية محددة وفجأة جاءه المقاول مطالباً بضعف السعر وذلك لارتفاع قيمة مواد البناء وفي مقدمتها الحديد؟ وماذا ستفعل تلك المشاريع التنموية الضخمة التي يعلن عنها في كل يوم والتي تقدر ميزانياتها بعشرات المليارات والحديد غير موجود حتى لدى رئيس أكبر شركة مصنعة للحديد.
حقيقة لقد أذهلني هذا التصريح ولم أتمكن من استيعابه خصوصاً أن الجزء الآخر منه مرتبط بإلقاء اللوم على الأسعار وتحميل وزارة التجارة مسؤولية ضبطها في الوقت الذي رفعت فيه "سابك" أسعار الحديد مرتين خلال الشهر الماضي، الأمر الذي هدد 45 في المائة من أعمال المقاولات الموجودة بالتوقف، فهل القضية قضية توافر الحديد أم أنها قضية وجود الحديد وتوافره ولكن هناك مضاربة في السوق بشأن أسعاره خصوصاً أن الحاجة متزايدة للبناء فهناك ما لا يقل عن خمسة ملايين وحدة سكنية مطلوب بناؤها خلال الأعوام الـ 20 المقبلة، مما ساهم في ارتفاع معدل النمو في الطلب على الحديد من 8 في المائة سنوياً إلى 12 في المائة.
لقد واكب الحديد موجة الغلاء التي تمر بها البلاد وواصل ارتفاع أسعاره لتصل إلى 4500 ريال للطن الواحد بعد أن كانت ثلاثة آلاف ريال خلال العام الماضي، وكالعادة فإن الإجابة جاهزة لدى التجار، فالأسباب محصورة في ارتفاع المواد الخام وكذلك ارتفاع أسعار النفط في العالم وتبقى المعركة محصورة بين "سابك" والشركات الأخرى بخصوص توافر الحديد في السوق وأسعاره، وتشترط "سابك" تخفيض الأسعار بقيام الشركات الأخرى بمراجعة أسعارها وتخفيضها ويبقى تصدير "سابك" للخارج مستمراً وإعادته من خلال تجار آخرين حاصلة ليباع بأسعار مضاعفة وتستمر المعاناة والكل يربح والكل يكسب وتزيد ثروته ويرتفع رصيده في البنك ويبقى الضحية في الأخير المواطن الضعيف البسيط الذي لم يجد حديداً وعندما يجده لا يستطيع أن يدفع ثمنه.
لقد نوه ملك الإنسانية في معرض تدشينه مشروع توسعة الشركة السعودية للحديد "حديد"، إحدى شركات مجموعة سابك السعودية بإدراكه هذه المشكلة وإحساسه بمعاناة الناس من هذه القضية موجهاً رسالة واضحة من خلال دعائه الله عز وجل أن يرخص الحديد قائلاً ( اللهم رخص الحديد)، لقد كانت دعوته - حفظه الله - مفاجأة للجميع خصوصاً تجار الحديد الذين أتمنى أن يتفاعلوا مع هذه الدعوة ويعيدوا النظر في سياستهم الحالية ويحرصوا على أن يغلبوا مصلحة الوطن ويراعوا أوضاع إخوانهم المواطنين لتقديم سعر عادل ومنصف للحديد يساعد في تنمية هذا الوطن وتوفير الرخاء والاستقرار لمواطنيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي