قصة البطة والحصان والقبرة والضبع

قصة البطة والحصان والقبرة والضبع

قصة البطة والحصان والقبرة والضبع

[email protected]

جمعت الأجمة يوماً حصاناً وبطة فضحكت البطة من الحصان وقالت له: أنا خير منك، خلقني الله أحمل صفات الطيور والحيوانات والسمك.
إن أردت المشي مثلك على الأرض خطوت بغنج ودلال، وإن أحببت الطيران عانقت سحب الغمام، وتأملت أمثالك التعساء المربوطين في الأرض بعين تحلق من علو. وإن أحببت الانتعاش في الماء البارد نزلت؛ فكان لريشي طابع الانزلاق فلا يصيبه البلل، وغطست رأسي، وداعبت بعنقي لجج الماء، ونثرته فوق رأسي ولا أبالي.
نظر الحصان إليها باستخفاف وامتعاض، وقال: ويلك أيتها المخلوقة أمثلي تعيرين، وعلي تضحكين، فلا مشيك مشي، ولا طيرانك بذي بال، ولا تزيد سباحتك عن عبث.
إن مشيت كنت أضحوكة، في عين من يريد القفز والمشي. وإن طرت كنت ضعيفة لا تملكين التحليق، وتتعبين أسرع من كل طيور السماء، فلم تكوني مثل القبرة والسنونو، فضلاً عن الطيور مثل الفرقاط، الذي يطير بسرعة الطيارة بسرعة 300 كيلومتر ويزيد في الساعة.
وأما السباحة فقد تعومين، ولكن لا تصمدين أمام أي موجة، ولا تزيد سباحتك عن لعب وعبث على سطح الماء، وهكذا يا عزيزتي فأنت ضعت بين عوالم ثلاث، ولم تتركز سماتك في عالم واحد فتتفوقين وتفوزين، فلم تغن عنك أجنحتك شيئاً، ولم تزد سيقانك عن أخشاب ضعيفة، وحملت جسماً مترهلاً تنوئين بحمله، ولكن انظري إلي وعضلاتي ورشاقتي التي مجَّدها الأبطال، وحلم بها الفرسان، فعندما أراد اليونان تصوير كائن غريب لم يجمح بهم الخيال أكثر من تصوير إنسان على ظهر حصان قد التحما قطعة واحدة في كائن خرافي مخيف.
أنا الحصان الرائع..
أنا من قهر بي الهكسوس الحضارة الفرعونية.
أنا من هزم به المغول إمبراطوريات الأرض.
أنا من دمر بي الإسبان ممالك أمريكا الوسطى والجنوبية، بل بلغ بهم الأمر أن أخفوا خبر موتي، فكان الإسبان يدفنون الخيل إن ماتت، كي يظن أهل الأزتيك من حضارة المايا أن الموت لا ينالني؟!
فماذا بقي لك من مناقب وخصال؟ إنك لست بشيء والأفضل لك أن تخفي خبرك ولا تنقثيه تنقيثا فهو أفضل لك.
وكان أثناء هذا الحديث قبرة تسمع الحديث بينهما فقالت لهما: هلا سمحتم لي بالتدخل؟؟
نظر الاثنان لها بغرابة وقالا تفضلي..
قالت أظن أن فيّ من الخصال ما أتفوق به عليكما جميعا، ثم بدأت القبرة في سرد حسبها النبيل، وخصالها المتميزة، فصعق الاثنان، وهما لا يصدقان، عن مائة صفة ترويها القبرة، عن مناقبها الحميدة..
وأثناء هذا سمع الضبع حديث الثلاثة؛ فقال: كفى كفى... فأنا من اختلفت قوائمه، وفاحت رائحته..أسناني تطحن الحجر.. ويخافني الطير والبشروالمدر وأنا وأنا.
وهكذا فمن أراد التفاخر اكتشف الكثير، ومن أراد كشف الأخطاء، عثر على أكثر، ولكن العين عادة لا ترى بل الدماغ، وأعظم شيء يتحلى به المرء التواضع ونقد ذاته وليس التفاخر.
والشيطان قديما قال عن نفسه مقارنا بآدم أنا خير منه، ولكن آدم قال رب إني ظلمت نفسي، فهذا هو سر تفوق الإنسان.

الأكثر قراءة