الحدود بين الولايتين الشرعية والعرفية على المرأة

بقي كثير من النساء في مضارة الزوج سنوات طويلة، ومصالحه - الزوجة متضررة بسبب تعنت زوجها أو وليها الظالم ورغبة منه في مضارتها ومضايقتها، فلا تستطيع القيام بالكثير من حقوقها وحقوق أبنائها إلا بموافقة الزوج الظالم وبالبطاقة التي كانت لا تصدر إلا بإذنه! وفي كثير من الأعمال يوجب البعض عليها موافقة الزوج أو الولي! فهل هذا من شرع الله؟ هل دراسة المرأة أو عملها التي تضمن بها حياتها يستوجب عليها موافقة الولي؟
الحقيقة أن هناك خلطا كبيرا بين الولاية الشرعية التي جاء بها الشرع في التزويج للولي، وبين وضع قيود على النساء تحت هذا المصطلح، حيث تداخلت مع الكثير من العادات التي أُلبست لباس الشرع، بينما هي أعراف فقط، حيث لم تأت الولاية إلا في مسألة محددة وهي التزويج، كما أنها ليست مطلقة، فالمرأة أيضا لها خيار رفض الزواج واختيار زوج كفء أيضا من خلال الإمام، بينما عممت فكرة الولاية هذه على أشياء كثيرة تحولت في النهاية إلى أداة في يد الأولياء والأزواج الظلمة على حريات وحقوق الكثير من النساء، ما أدى إلى ضياع الكثير من الحقوق بسبب هذا المبدأ.
حتى على القول بأن مبدأ الولاية العام الذي يوسعه البعض؛ فإن هناك فرقا بين وجوب الشيء والإلزام به بسلطة القانون، فإن الزكاة واجبة ولكن الشرع لم يأمر بمنع التصرف بالأموال من قبل الإمام إلا بإثبات إخراج الزكاة، فكل إنسان محاسب أمام الله، وقد ترك الشرع للناس مساحة في الكثير من الاختيارات. وكذلك لو قلنا مثلا بأن على المرأة ألا تعمل إلا بموافقة الولي؛ فإن منع المرأة من العمل إلا بموافقة خطية مثلا من الولي؛ فإن هناك الكثير من الحالات الظالمة تقع على النساء بسبب تعنت الأب الفاسد أو الأخ الفاسد الذي قد يبتز حتى المرأة بها، كما أنه قد يكون هذا الولي مريضا نفسيا أو مدمنا وتكون تلك المرأة المسلوبة الإرادة ضحية ذلك الظالم ومساعدة السلطة حسب رؤية من يطرح هذه الفكرة ويُشدد عليها ويريد إسباغ كونها شرعا وليست عادات.
كثيرا ما يردد بعض الخطباء حق الزوج بولايته على المرأة، ووجوب طاعة الزوج، وهكذا من المعاني التي داخَلها كثير من النزعات البشرية المختلطة ببعض تعاليم الإسلام الحنيف! فكثيرا ما يمنع الزوج زوجته من العمل وربما الدراسة، ما يؤثر في رسم مسار حياة هذه الزوجة المسكينة، لتبقى رهينة رحمة ذلك الزوج الذي ربما بعد أن تمضي سنوات طويلة في خدمته وأطفاله وفي لحظة مزاج متعكر ربما يقرر الزوج الظالم بكل بساطة أن يطلق تلك المرأة المسكينة لتبقى تتشفق الرحمة والصدقات من أقاربها بعد أن حرمها ذلك الظالم من التعليم والعمل! ليتّق الله هؤلاء في النساء وآنَ لهم أن يقولوا كفى!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي