يا من يبادلني بعمري وأزيده

يا من يبادلني بعمري وأزيده

الشيخ محمد بن إبراهيم البواردي (ت1404هــ) ـــ رحمه الله ـــ عالم وقاض جليل، اشتهر بالظرافة والدعابة والمزاح اللطيف، وكان يجيد النظم بالفصحى والعامية، وعندما كبر سنه قال بيتين من الشعر أصبحا من الأمثال السائرة، يشكو فيهما كبر السن، ويتمنى أيام الشباب.
يقول الشيخ البواردي:

"يا من يبادلني بعمري وأزيده
ويكون عمره دون من الثلاثين
يأخذ خلق عمري وأخذ جديده
وش لي بعمر طاعن بالثمانين"

أمنية ما أجملها لو تتحقق، وما دمت في سيرة هذا العالم الفكه الجليل، فأتمنى أن يسمح لي القارئ الكريم أن أستطرد بعض الشيء في إيراد بعض من طرائفه، وهي كثيرة جدا، لو جمعت كاملة لجاءت في كتاب لطيف، منها أنه كان يخطب الجمعة ذات يوم في هجرة العجمان "الصرار" فاستدعاه ظرف ما أن يستفتح خطبته بقوله: "الحمد لله الذي جعل الموت راحة للعباد" فصاح أحد الأعراب المصلين قائلا: "أمحق راحة" فضحك بعض المصلين، واستمر الشيخ في خطبته وبعد الصلاة استدعى هذا الرجل إلى بيته وقال له: ألا تعرف بأن الموت راحة للعباد، هب أن لك سبعة أجداد وسبع جدات بين صم وبكم وعمي، يحتاجون إلى رعايتك وعنايتك، أما يكون الموت راحة لك ولهم؟ فاقتنع الرجل ومضى لسبيله.
وحج عالمنا الجليل في إحدى السنوات، وكان له ضرس جديد التركيب فلما وضع الطعام خلع ضرسه ووضعه جانبا، وبعد الطعام ذهب ليغسل يديه، فجاء الخادم وينعته الشيخ البواردي بالعضروط، وحمل كل ما وجده أمامه بما فيه الضرس الجديد ورماه في الزبالة، ولما عاد الشيخ لم يجد ضرسه، فقال أبياتا منها:

"ضيع العضروط ضرسي
ضيع الله حلاله
شاله من فوق كرس
ورماه في الزبالة
أوسعوا العضروط ضرب
واخنقوه بالحباله
لن يحج اليوم ضرسي
أحصر الضرس وغاله"

وللشيخ عبد الله المنيع والدكتور محمد الشويعر معرفة تامة بأخبار ونوادر الشيخ البواردي ـــ رحمه الله ـــ جمع بعضا منها أحمد الدعجاني في مؤلفه عن الشيخ البواردي.

الأكثر قراءة