«لي بنت عم ما وطت درب الأدناس»
لهذه القصيدة شهرة كبيرة في أنحاء الجزيرة العربية، وقد اختلف في قائلها وبطل قصتها، كما اختلف في تفاصيل القصة، وقد نسبت القصيدة إلى عدة أشخاص من بينهم: شرعان الرمالي الشمري، وحسين أو علي الأطرق السويدي الشمري، وقيل إنها لسعد بن مشعل البلوي، وقيل سعد بن مشعل المطرفي، وأشهر الأقوال إنها لشرعان الشمري. وربما أن القصيدة الأولى نظم على منوالها شعراء آخرون فتداخلت الأبيات في قصيدة واحدة ولم يفرق الرواة بينها.
أما تفاصيل القصة فيختلف حولها الرواة، ومختصر القصة أنه كان بين الشاعر وبين أبناء عمه خلاف طويل، وكانت أختهم زوجة له، وقد حاول أبناء عمه حل هذا الخلاف إلا أنه أصر عليه وقيل إنه توعدهم بالقتل، ومنع زوجته من زيارتهم ومقابلتهم. وكان الشاعر يحب زوجته حبا شديدا، وقد حاول شقيقها أن يستثمر محبة الزوج لها لحل هذا الخلاف فجاء لزيارة أخته خلسة حتى لا يبصره زوجها فيقتله، وكان حديثه مع أخته يدور حول محاولتها إقناع زوجها بحل الخلاف وإنهاء المشكلة، ثم خرج أخوها متخفيا تحت جنح الظلام وعاد لبيته، إلا أن هناك شخص رآه ولم يعرفه فظن ظنا سيئا بالزوجة، وذهب إلى زوجها وأخبره أنه شاهد رجلا يخرج من عند زوجته، فغضب الزوج، وظن أن زوجته تخونه، وجاء مسرعا لزوجته وأشبعها ضربا وشتما، ثم طلقها وتركها تذهب لبيت أهلها وكلها هم وحزن وألم. زادت هذه المشكلة من حدة الخلاف إلا أن الأيام كانت كفيلة بكشف الحقيقة، وعرف الزوج أن الرجل الذي خرج من عندها هو أخوها، فعاش في ندم ما بعده ندم، وتيقن أنه ظلم زوجته العفيفة وأساء إليها. لم يجد وسيلة إلى رضاها ورضا والدها وإخوانها سوى أن يكتب هذه القصيدة النابعة من أعماق قلب مشبع بالحب والندم. وتختلف روايات القصيدة اختلافا كبيرا بين الرواة، وسأورد بعض أبياتها الشهيرة:
يا راكب ثنتين يشدن الأقواس من دار ريضان الحجر حركني
ما فوقهن كود الدويرع وجلاس وسفايف بين أربع يلعبني
تحركن من عندنا حين الأمراس ومضى سواد الليل ما بركني
حكن علم عذفا يسار من الراس والظهر مع ورد الحفر يشربني
وليا لفيتوا عند مدقوق الألعاس الجادل اللي بالمحبة محني
قولوا على حبل الرجا نطوي الياس والبيض غيره كلهن يحرمني
ولو يندوي جرحي دويته بزفواس ولابني رفاف البيت منكم ومني
والله يعلم بالخفايا والآجاس حب مضى من صغر سنك وسني
ويا عم ياللي طعت بي هرج الأنجاس طاوعت هرج الناس وأخلفت ظني
أطعت بي يا عم دايس ودرباس وعوارض صدقتها وابعدني
ومن لا أخذ من درس الأسلاف نبراس تمضي حياته بالرجا والتمني
واقفيت ادير بظامري كل هوجاس على وليف بالحشا غاب عني
تكبي خواطرهم ليا جيت عساس ولا تقل انا منهم ولاهمب مني
لي بنت عم ما وطت درب الادناس ولا دنست يوم النسا يدنسني
ضربتها وأنا احسب الضرب نوماس طلقتها يوم افخت العقل مني
يا ناس كيف العين تبكي على ناس وكيف العيون بلا رمد يسهرني
لو ينشكي حبي على ذيب الأخماس يسرح مع الطليان ما يجفلني
ولو ينشكي حبي على الطير قرناس اضحى الضحى بمويكره مستكني
ولو ينشكي حبي على قب الأفراس عين نهار الكون لا يفزعني
ولو ينشكي حبي على الميت ما ناس يثور من بين النصايب يوني
ولو البيوت مشددينه بالأمراس عين مع الخفرات لا ينبنني
وحتى النجوم اللي مع الليل غلاس لو ينشكي حبه لهن وقفني
ولو أن غوطة دم سلمان وضراس يدرن بما قلبي لقلبه يكني
تلقى سهل جبة هضاب ومنحاس وحتى الجبل بالقاع صار متثني
أشرفت رأس ضراس من فوق الأطعاس
ولا ألوم طراد الهوى لو يجني
هليت دمع العين واوميت بالرأس ورافقت كور العيس ياما أبعدني
ورفعت نفسي عن شبا كل وسواس البعد أحلى من حياة التمني
والقصيدة أطول من ذلك، ويقال إن زوجته وافقت هي وأهلها على الرجوع إليه بعد هذه القصيدة.